بعد انقطاع أسبابهم في سواه، ليمتحن قلوبهم للتقوى، فتتقدس سرائرهم من الركون لشيء من الخلق، وتتعلق ضمائرهم بالله، تعالى، وحده، حتى يقول، - صلى الله عليه وسلم -: "لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". إعلاما بأن الله، سبحانه وتعالى، ناصره دون حجاب، ولا وسيلة شيء من خلقه، كذلك سنته مع رسله:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وعلى ذلك جرت خوارق العادات للأولياء وأهل الكرامات، لا يكاد يقع لهم إلا عن ضرورة قطع الأسباب.
وفي قراءة النصب إعراب بأن غاية الزلزال القول، وفي الرفع إعراب عن غاية الزلزال وأنه أمر مبهم، له وقع في البواطن والظواهر: أحد تلك الظواهر وقوع هذا القول. ففي الرفع إنباء باشتداد الأمر بتأثيره في ظاهر القول وما وراءه - انتهى.
{أَلَا}
قال الْحَرَالِّي: استفتاحا وتنبيها وجمعا للقلوب للسماع. {إِنَّ} تأكيدا وتثبيتا، {نَصْرَ اللَّهِ} الذي لا سبب له إلا العناية، من ملك الملوك، بعد قطع كل سبب من دونه، {قَرِيبٌ} لاستغنائه عن عدة ومدة.
ففي جملته بشرى بإسقاط كلفة النصر بالأسباب والعدد والآلات المتعبة، والاستغناء بتعلق القلوب بالله، ولذلك إنما ينصر الله هذه الأمة بضعفائها، لأن نصرتها بتقوى القلوب لا بمدافعة الأجسام، فلذلك تفتح خاتمة هذه الأمة