للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان من القصص العلى العلم، اللطيف الاعتبار، ما تضمنته هذه الآيات من قوله: {أَلَمْ تَرَ} ليكون ذلك عبرة لهذه الأمة، حتى لا يفروا من الموت فرار من قبلهم، قال، عليه الصلاة والسلام: "إذا نزل الوباء بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه" وذلك لتظهر مزيتهم على من قبلهم [بما يكون من عزمهم، كما أظهر الله، تعالى، مزيتهم على من قبلهم -] بما آتاهم من فضله ورحمته التي لم ينولها لمن قبلهم - انتهى.

{وَهُمْ أُلُوفٌ}

قال الْحَرَالِّي: فيه إشعار بأن تخوفهم لم يكن من نقص عدد، وإنما كان من جزع أنفس، فأعلم، سبحانه وتعالى، أن الحذر لا ينجي من القدر، وإنما ينجي منه، كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الدعاء: "إن الدعاء ليلقى القدر، فيتعالجان إلى يوم القيامة" - انتهى.

{فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا}

قال الْحَرَالِّي: في إشعاره إنباء بأن هذه الإماتة إماتة تكون بالقول، حيث لم يقل: فأماتهم الله، فتكون إماتة حاقة لا مرجع منها. ففيه إبداء لمعنى تدريج ذات الموت في أسنان متراقية، من حد ضعف الأعضاء والقوى بالكسل، إلى حد السنة، إلى حد النوم، إلى حد الغشي، إلى حد الصعق، إلى حد هذه الإماتة [بالقول، إلى حد الإماتة الآتية على جملة الحياة التي لا ترجع

<<  <   >  >>