وللمزجور حالان: إما أن ينفر عند الزجرة توحشا، كما قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} وإما أن يدبر بعد فكرة تكبراً، كما قال تعالى: {ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} وربما شارف أن يبصر فصرف، كما قال عمر، رضي الله عنه:"لكنها عقول كادها باريها". {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} صرفوا عن آيات الحق السماوية على ظهورها عقوبة على ذنب تكبرهم على الخلق، مع الإحساس بظهور آية انضمام الأرحام في الأرض ووضوحها.
وكل قادعة لنوعي الكافرين: النافرين والمدبرين، من هذا الحرف، وتمام هذا المعنى بنهي المتأنس المحاضر عن الفواحش الظاهرة والباطنة الضارة في العقبى، وإن تضرروا بتركها في الدنيا، نحو قوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا} في أكل مال اليتيم، والزنا وإيتاء الحائض، إلى ما دون ذلك من النهي عما يعدونه في دنياهم كيسا، نحو قوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}{لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}{وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} و {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} وما لحق بهذا النمط، إلى ما دون ذلك على اتصال التفاوت من النهي عن سوء التأويل