للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عند نفسه بنفسه، فبإخفائه، تعالى، شفاعته في شفاعة الشفعاء، كان هو الشفيع في الإبتداء من وراء حجاب، لأن ابداءه كله في حجاب، وإعادته ما في حجاب، فلذلك هو سبحانه وتعالى، خاتم الشفعاء، حيث يقول، كما ورد في الخبرة: "شفع الأنبياء والمرسلون، ولم يبق إلا الحي القيوم". انتهى.

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}

قال الْحَرَالِّي: أي ما آتاهم علمه من أمر أنفسهم وغيرهم، لأن ما بين يدي المرء يحيط به حسه، وما علمه أيضا، فكأنه بين يدي قلبه يحيط به علمه. {وَمَا خَلْفَهُمْ} وهو مالم ينله علمهم، لأن الخلف هو مالا يناله الحس، فأنبأ أن علمه من وراء علمهم، محيط بعلمهم فيما علموا وما لم يعلموا - انتهى.

{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ}

وقال الْحَرَالِّي: معنى الكرسي هو الجمع، فكل ما كان أتم جمعا فهو أحق بمعناه، ويقال على المرقى للسرير، الذي يسمى العرش، الذي يضع الصاعد عليه قدمه إذا صعد وإذا نزل، وحين يستوي إن شاء - كرسي.

ثم قال: والكرسي فيه صور الأشياء كلها كما بدت آيته في الأرض التي فيها موجودات الأشياء كلها، فما في الأرض صورة إلا ولها في الكرسي مثل، فما في العرش إقامته ففي الكرسي أمثلته، وما في السموات إقامته ففي الأرض صورته، فكان الوجود مثنيا، لما كان القرآن مثاني: إجمالا وتفصيلا في القرآن، ومدادا صورا في الكون، فجمعت هذه الآية العلية تفصيل المفصلات، وانبهام صورة المداديات،

<<  <   >  >>