قال الْحَرَالِّي: وفي لفظة {أَنَّى} لشمول معناها لمعنى كيف وحيث ومتى، استبعاده الإحياء في الكيف والمكان والزمان، ومنشأ هذا الاستبعاد إنما يطوق النفس من طلبها لمعرفة تكييف مالا يصل إليه علمها - انتهى.
{فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ}
قال الْحَرَالِّي: وخص المائة لكمالها في العد المثلث من الآحاد [و] العشرات، وعشرها وتر الشفع، لأن ماتم في الثالث كان ما زاد عليه تكرارا يجزئ عنه الثلاث. {ثُمَّ بَعَثَهُ} في بيانه إشعار بأن بدنه لم يتغير، ولا فنى فناء حماره، حيث لم يكن {ثُمَّ نشره} والله، سبحانه وتعالى أعلم، كما قال:{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} - انتهى.
{وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} فكان أمره إبقاء وتثبيتا آية في موجود الدنيا على ما سيكون في أمر الآخرة: قيام ساعة، وبعثا، ونشورا. قاله الْحَرَالِّي.
{وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}
قال الْحَرَالِّي: بالراء من النشر، وهو عود الفاني إلى صورته الأولى، وبالضم جعل وتصيير إليه، وبالزاي من النشز، وهو إظهار الشيء وإعلاؤه، من نشز الأرض، وهو ما ارتفع منها وظهر - انتهى.
{ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا}
قال الْحَرَالِّي: جعل حياته بعثا، وحياة حماره نشورا، وأراه [النشر] واللحم الذي لحم بين العظام حتى صار صورة واحدة، ليتبين أمر الساعة عيانا، فيكون حجة على الكافر والمستبعد.