فأفهم الله، سبحانه وتعالى، علماء هذه الأمة أن أعمالها لا تقبل إلا على معرفة سر التقدير، لتكون قلوبها بريئة من أعمال ظواهرها، كما قيل في أثارة من العلم: من لم يختم عمله بالعلم لم يعمل، ومن لم يختم علمه بالجهل لم يعلم، فختم العامل [عمله -] بالعلم أن يعلم أنه لا عمل له، وأن المجري على يديه أمر مقدر قدره الله، تعالى، عليه، وأقامه فيه لما خلقه له من حكمته من وصفه من خير أو شر، ومن تمام كلمته في رحمته أو عقوبته ليظهر بذلك حكمة الحكيم، ولا حجة للعبد على ربه، ولا حجة للصنعة على صانعها، ولله، سبحانه وتعالى، الحجة البالغة، وكذلك العالم، متى لم ينطو سره على أنه لا يعلم، وإنما العلم عند الله، سبحانه وتعالى، لم يثبت له علم، فذلك ختم العمل بالعلم، وختم العمل بالجهل.
فكما أطلعه، سبحانه وتعالى، في فاتحة سورة البقرة على سر تقديره في خلقه،