للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تبنى القرآن الكريم الأسلوب العقلي في مخاطبة المشركين وإفحامهم في عدة مواضع، منها قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} (١)، وقوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (٢)، كما أن دعوة الرسل - عليهم السلام - تضمنت أسلوب المحاكاة العقلية في الدعوة، ومن ذلك قصة إبراهيم - عليه السلام - مع النمرود بن كنعان والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} (٣).

وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسلوب التحكيم العقلي في عدة مناسبات، كالشاب الذي أراد الزنى، وأيضاً فيما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ولد لي غلام أسود، فقال: "هل لك من إبل؟ " قال: نعم، قال: "ما ألوانها؟ " قال: حمر، قال: "هل فيها من أورق؟ " قال: نعم، قال: "فأنى ذلك؟ " قال: لعله نزعه عرق، قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق" (٤)؛


(١) سورة النمل، الآية: ٦٠.
(٢) سورة عبس، الآيات ٢٤ - ٣١.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٥٨.
(٤) صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب إذا عرَّض بنفي الولد، رقم ٥٣٠٥، ص ٩٤٨.

<<  <   >  >>