للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حياته العلمية]

أولاً: طلبه للعلم:

سبق أن قلنا أن ابن منده أول طلبه للعلم كان ببلده أصبهان، ولا شك أن كل عالم يكون أول طلبه فى موطنه الذى تربى فيه، وقد كانت أصبهان قبلة للعلماء فهى كما وصف رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهلها حيث قال: «لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء» (١).

وفى رواية: «لو كان العلم بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس» (٢).

ويروى عن التابعى الورع الزاهد سعيد بن المسيب أنه قال: لو لم أكن رجلاً من قريش لأحببت أن أكون من أهل فارس أو من أهل أصبهان (٣).

ولقد كان ابن منده من هؤلاء الرجال الذين وصفهم الرسول صلّى الله عليه وسلم وشهد لهم بأنهم يأخذون الايمان والعلم ولو كان مناطاً بالثريا. وذلك كناية عن الشغف الشديد بحب الخير والعلم النافع والتمسك بالسنة.

ولقد كان ابن منده مثال العالم الفارسى المؤمن فهو الصابر الدؤوب الجاد فى تحصيل العلم والإيمان والذى سار إلى سائر الأقطار فى اقتفاء أثر الرسول صلّى الله عليه وسلم وجمع أقواله وأفعاله ورتبها. فطاف المشرق والمغرب مرتين فقد خرج من بلده أصبهان شاباً وعمره آنذاك لم يتجاوز العشرين ودام فى الرحلة أربعين سنة، وما رجع إلى بلده إلا بعد الستين من عمره حتى استقر ببلده وتزوج بعد هذا العمر الطويل من الكفاح


(١) رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة - فضائل الصحابة - باب: فضل فارس. ح (٢٣٠) و (٢٣١) ٤/ ١٩٧٢.
(٢) تاريخ أصبهان ٤/ ١ وفى إسناده شهر بن حوشب.
(٣) المصدر السابق ٣٩/ ١.

<<  <   >  >>