قال ابن رجب فى كتاب التخويف من النار (١٩٥ - ١٩٦): « .. فأما عصاة الموحدين، فأكثر من يدخل النار منهم النساء»، ثم ذكر حديث ابن عباس فى خطبة الكسوف، وحديث أسامة المتقدم، وغيرها إلى أن قال: وفى «صحيح مسلم» عن عمران بن حصين، عن النبى صلّى الله عليه وسلم قال: «إن أقل ساكنى الجنة النساء» وقد استشكل على بعض الناس الجمع بين هذا الحديث وبين حديث أبى هريرة، عن النبى صلّى الله عليه وسلم أنه قال - فى أهل الجنة: «لكل واحد منهم زوجتان»، وهو فى مسلم، ونقله المؤلف كاملاً .. فرام بعضهم الجمع بين الحديثين بأن قلة النساء فى الجنة إنما هو قبل خروج عصاة الموحدين من النار، فإذا خرجوا منها كان النساء حينئذ فى الجنة أكثر، والصحيح أن أبا هريرة إنما أراد أن جنس النساء فى الجنة أكثر من جنس الرجال؛ لأن كل رجل منهم له زوجتان، ولم يرد أن النساء من ولد آدم أكثر من الرجال. ويدل على هذا أنه ورد فى بعض روايات حديث أبى هريرة هذا الصحيحة «لكل واحد منهم زوجتان من الحور العين» ... وخرج هذه اللفظة البخارى فى «صحيحه» من حديث عبد الرحمن بن أبى عمرة، عن أبى هريرة، عن النبى صلّى الله عليه وسلم. ويشهد لذلك أن فى بعض ألفاظ روايات حديث أبى هريرة هذه المخرجة فى «الصحيح» أيضاً «وأزواجهم الحور العين» بدل قوله: «لكل واحد منهم زوجتان» فهاتان الزوجتان من الحور العين، لابد لكل رجل دخل الجنة منهما، وأما الزيادة على ذلك، فتكون بحسب الدرجات والأعمال، ولم يثبت فى حصر الزيادة على الزوجتين شئ. وراجع الكلام فى الجمع بين تلك الأحاديث فى «الفتح» (٣٢٥/ ٦). «حادى الأرواح» لابن القيم: (ص ٨٥ - ٨٩).