للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقنوط (١) من رحمة الله، واليأس (٢) من روح الله عز وجل» (٣).


(١) القنوط: هو أشد اليأس من الشئ. «نهاية» (١١٣/ ٤).
(٢) واليأس: ضد الرجاء. «نهاية» (٢٩١/ ٥).
(٣) فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
إن الله عز وجل لا يوصف بالمكر مطلقاً، دون تقييد، وقد أحسن المؤلف حيث قال الآيات المتلوة (والسق المأثورة فى المكر) ولم يقل أن الله يوصف بالمكر مطلقَا، قال صاحب معارج القبول: «واعلم أنه قد ورد فى القرآن أفعال أطلقها الله عز وجل على نفسه على سبيل الجزاء العدل والمقابلة، وهى فيما سبقت فيه مدح وكمال، لكن لا يجوز أن يشتق له تعالى منها أسماء، ولا تطلِق عليه فى غير ما سبقت فيه من الآيات، كقوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ، وقوله: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ، وقوله تعالى: نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ، وقوله تعَالى: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة: ١٤، ١٥]، ونحو ذلك، فلا يجوز أن بطلق على الله تعالى مخادع، ماكر، ناس، مستهزئ ... ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه، ولا يقال: الله يستهزئ، ويخادع، ويمكر، وينسى، على سبيل الإطلاق، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى: «إن الله تعالى لم يصف نفسه بالكيد، والمكر، والخداع والاستهزاء مطلقاً، ولا ذلك داخل فى أسمائه الحسنى .. » فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقاً، بل تمدح فى موضع، وتذم فى موضع، فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله تعالى مطلقا، فلا يقال: إنه تعالى يمكر ويخدع ويستهزئ ويكيد، فكذلك بطريق الأولى لا يشتق له منها أسماء يسمى بها بل إذا كان لم يأت فى أسمائه الحسنى المريد والمتكلم، ولا الفاعل، ولا الصانع؛ لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم، وإنما يوصف بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز والفعال لما يريد، فكيف يكون منها الماكر والمخادع والمستهزئ.
والمقصود أن الله سبحانه وتعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، وقد علم أن المجازاة على ذلك حسنة من المخلوق، فكيف من الخالق سبحانه وتعالى» اه «المعارج» (٧٦/ ١ - ٧٧)، وراجع تفصيل ذلك فى «مختصر الصواعق» (٣٠/ ٢ - ٣٥).
الفائدة الثانية:
وقال فى «شرح الطحاوية» (قال أبو على الروذبارى رحمه الله: الخوف والرجاء كجناحى الطائر؛ إذا استويا استوى الطائر فى حد الموت، وقد مدح الله أهل الخوف والرجاء بقوله:
أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ أالزمر: ٩] الآية، وقال:
تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً [السجَدة: ١٦] الآية، فالرجاء -

<<  <   >  >>