قَدِم الحافظ المقدسي دمشق صغيرًا بعد الخمسين، فسمع بها من أبي المكارم بن هلال، وأبي المعالي بن صابر، وأبي عبد الله بن حمزة بن أبي جميل القرشي، وغيرهم.
ثم رحل إلى بغداد سنة إحدى وستين، هو والشيخ الموفَّق، فأقامَا ببغداد أربع سنين. وكان الموفق ميله إلى الفقه، والحافظ عبد الغني ميله إلى الحديث؛ فنزلا على الشيخ عبد القادر، وكان يراعيهما، ويُحسن إليهما، وقرأا عليه شيئًا من الحديث والفقه.
وحُكيَ أنهما أقاما عنده نحوًا من أربعين يومًا، ثم مات، وأنهما كانا يقرآن عليه كل يوم درسين من الفقه، فيقرأ هو من "الخرقي" من حفظه، والحافظ من كتاب "الهداية".
وبعد ذلك اشتغلا بالفقه والخلاف على ابن المَنِّيِّ، وصارا يتكلمان في المسألة ويناظران.
وسمعا من أبي الفتح بن البَطِّي، وأحمد بن المقري الكَرْخي، وأبي بكر بن النَّقُّور، وهبة الله الدَّقَّاق، وأبي زرعة، وغيرهم. ثم عادا إلى دمشق.
ثم رحل الحافظ المقدسي سنة ست وستين إلى مصر والإسكندرية، وأقام هناك مدة، ثم عاد، ثم رجع إلى الإسكندرية سنة سبعين، وسمع بها من الحافظ السِّلَفي وأكثر عنه، حتى قيل: لعله كتب عنه ألف جزء. وسمع من غيره أيضًا.