- وقال أبو الثناء محمود بن همام: سمعت أبا عبد الله محمد بن أميرك الجويني المحدث، يقول: ما سمعت السِّلَفي يقول لأحد: الحافظ، إلا لعبد الغني المقدسي.
عبادته وورعه وما عُرف عنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
كان الحافظ عبد الغني كثير العبادة، وَرِعًا، متمسكًا بالسنة على قانون السلف.
وذُكر أنه كان دائم الصيام، كثير الإيثار، وكان يصلي كل يوم وليلة ثلاث مئة ركعة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وأنه كان -رَحِمَهُ اللهُ- يقرأ الحديث يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع دمشق، وليلة الخميس بالجامع أيضًا، ويجتمع خلق كثير، وكان يقرأ ويبكي، ويبكي الناس بكاءً كثيرًا، حتى إن من حضر مجلسه مرة لا يكاد يتركه؛ لكثرة ما يطيب قلبه، وينشرح صدره فيه، وكان يدعو بعد فراغه دعاءً كثيرًا.
وذُكر أنه كان يستعمل السواك كثيرًا، حتى كأن أسنانه البَرَد.
وقال أبو الثناء محمود بن سلامة الحراني التاجر بأصبهان: كان الحافظ عبد الغني نازلًا عندي بأصبهان، وما كان ينام من الليل إلا القليل، بل يصلِّي ويقرأ ويبكي، حتى ربما منعنا النوم إلى السحر.
قال: وكان الحافظ لا يرى منكرًا إلا غيره بيده أو لسانه، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، ولقد رأيته مرة يهريق خمرًا، فجبذ صاحبه