• إن من عادة مَن يطرُق بابًا من أبواب التصنيف للمرة الأولى أن يقع له بعض الوهم والزلل في ذلك، ولما كان كتاب "الكمال" هو أول مصنَّف في رواة الكتب الستة، وقع لمصنفه بعض الأخطاء والأوهام، التي دفعت الحافظ المزي لتصنيف كتابه العظيم الذي لم يُصنَّف مثله في بابه "تهذيب الكمال في أسماء الرجال".
يقول المزي في مقدمة "تهذيب الكمال": "وأما السنة، فإن الله تعالى وفَّق لها حُفَّاظًا عارفين، وجهابذة عالمين، وصيارفة ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فتنوعوا في تصنيفها، وتفننوا في تدوينها على أنحاء كثيرة، وضروب عديدة؛ حرصًا على حفظها، وخوفًا من إضاعتها، فكان من أحسنها تصنيفًا، وأجودها تأليفًا، وأكثرها صوابًا، وأقلها خطأً، وأعمها نفعًا، وأعودها فائدة، وأعظمها بركة، وأيسرها مؤونة، وأحسنها قبولًا عند الموافق والمخالف، وأجلها موقعًا عند الخاصة والعامة: "صحيح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري"، ثم "صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري"، ثم بعدهما كتاب "السنن" لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ثم كتاب "الجامع" لأبي عيسى محمد بن عيسى