الترمذي، ثم كتاب "السنن" لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي, ثم كتاب "السنن" لأبي عبد الله محمد بن يزيد المعروف بابن ماجه القزويني، وإن لم يبلغ درجتهم، ولكل واحد من هذه الكتب الستة مزية يعرفها أهل هذا الشأن، فاشتهرت هذه الكتب بين الأنام وانتشرت في بلاد الإسلام، وعظم الانتفاع بها، وحرص طلاب العلم على تحصيلها، وصنفت فيها تصانيف، وعلقت عليها تعاليق، لبعضها في معرفة ما اشتملت عليه من المتون، وبعضها في معرفة ما احتوت عليه من الأسانيد، وبعضها في مجموع ذلك.
فكان من جملة ذلك كتاب "الكمال"، الذي صَنَّفه الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سُرور المقدسي -رَحِمَهُ اللهُ- في معرفة أحوال الرواة الذين اشتملت عليهم هذه الكتب الستة، وهو كتاب نفيس، كثير الفائدة، لكن لم يَصْرِف مصنفه -رَحِمَهُ اللهُ- عنايته إليه حق صرفها، ولا استقصى الأسماء التي اشتملت عليها هذه الكتب استقصاءً تامًّا، ولا تتبع جميع تراجم الأسماء التي ذكرها في كتابه تتبعًا شافيًا؛ فحصل في كتابه بسبب ذلك إغفال وإخلال".
• وأنبه على أن المزي لم ينُص على جميع أوهام المقدسي في كتابه؛ طلبًا للاختصار، كما نبه عليه في "تهذيبه" (١)، إنما اكتفى بتصحيحها في مواضعها.