كان داود مِمَّن درس الفقه وغيره من العلوم، ثمَّ اختار بعد ذلك العُزْلَة والانفراد، ولزم العبادة واجتهد فيها إلى آخر عمره.
قال محارب بن دثار (١): لو كان داود في الأمم الماضية لقص الله علينا من خبره.
قال يحيى بن مَعِين: داود الطائي ثقة.
أخبرنا زَيْد بن الحسن، أنبأ عبد الرحمن بن محمد، أنبأ أبو بكر أحمد ابن عليّ بن ثابت، أنبأ أحمد بن عَمْرو بن رَوْح، أنبأ المعافي بن زكريا، ثنا محمد بن القاسم الأَنْبَارِيُّ، حدَّثني أبي، ثنا موسى بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن حسَّان قال: قال لي عَمِّي: قَدِم محمد بن قحطبة الكوفة، فقال: أحتاجُ إلى مُؤدِّب يؤدب أَوْلادي، حافظٍ لكتاب الله تعالى، عالمٍ بسُنَّةِ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبالآثار والفقه والنحو والشعر وأيام النَّاس. فقيل له: ما يجمع هذه الأشياء إلَّا داود الطائي، وكان محمد بن قحطبة ابن عم داود، فأرسل إليه يعرض ذلك عليه ويُسني عليه الأَرْزاقَ والفائدة، فأَبَي داود ذلك، فأرسل إليه بَدْرَةً عَشْرَة آلاف درهم، وقال له: استعن بها على دَهْرِك فَردَّها، فوجَّه إليه بدرتين مع غُلامَين مَمْلوكين، وقال لهما: إن قبل البَدْرَتَين فأنتما حُرَّان، فمضيا بهما إليه فأبى أن يَقبلَهُما، فقالا له: إن في قبولهما عتق رقابنا، فقال لهما: إني أخاف أن يكون في قبولهما وَهَق نفسي في النار، رُدَّاها إليه، وقال لهما: وقولا له أن يردهما على من أخذهما منه أَوْلى من أن يعطيني أنا.
(١) لم ينقله المزي، ونقله الحافظ في "تهذيبه" (٣/ ١٧٦).