فاختلف الحافظ المقدسي مع الناصح، ثم اتفقا على أن يجلس الناصح بعد صلاة الجمعة، ثم يجلس الحافظ بعد العصر، فلما كان بعض الأيام، والناصح قد فرغ من مجلسه، وكان قد ذكر الإِمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- في مجلسه، فدسوا إليه رجلًا ناقص العقل من بيت ابن عساكر، فقال للناصح كلامًا معناه: إنك تقول الكذب على المنبر. فضرب ذلك الرجل وهرب، فأتبع، فخبئ في الكلاسة، ومشوا إلى الوالي، وقالوا له: هؤلاء الحنابلة ما قصدهم إلا الفتنة. . .إلى آخر محنته.
محنته في مصر:
لما وصل الحافظ إلى مصر، تُلقِّي بالبِشْر والإِكرام، وأقام بها يُسمِع الحديث بمواضع منها، وبالقاهرة، وقد كان بمصر كثير من المخالفين، لكن كانت رائحة السلطان تمنعهم من أذي الحافظ لو أرادوه، ثم جاء الملك العادل وأخذ مصر، وأكثر المخالفون عنده على الحافظ، وبعضهم بذل في قتل الحافظ خمسة آلاف دينار.
قال الحافظ عبد الغني عن الملك العادل ملك مصر: اجتمعت به, وما رأيت منه إلا الجميل، فأقبل عليّ وأكرمني، وقام لي والتزمني، ودعوت له. ثم قلت: عندنا قصور، فهو الذي يوجب التقصير. فقال: ما عندك لا تقصير ولا قصور. وذكر أمر السنة، فقال: ما عندك شيء يعاب في أمر الدين ولا الدنيا، ولا بد للناس من حاسدين.
قال: ثم سافر العادل إلى دمشق، وبقي الحافظ بمصر، والمخالفون لا يتركون الكلام فيه، فلما أكثروا عزم الملك الكامل على إخراجه من