هذه الرموز المشار إليها للنسخ، سيلحظ القارئ قِلَّة استخدامي لها في حواشي التحقيق، وإنما كنت أكثر منها في مسودتي؛ للترجيح بين النسخ، وسبب ذلك أن معرفة المحقق لخلافات النسخ ودراسة ذلك وسيلة لدقة التحقيق، وليس غاية من غايات التحقيق، فما يفعله كثير من المعلِّقين على الكتب من حشد خلافات النسخ في الحواشي، والإطالة في ذلك، أرى أنه خروج عن التحقيق العلمي للكتب، إنما المطلوب من المحقق أن يبذل جهده في ضبط نص الكتاب؛ لإخراجه في الصورة التي أرادها بها مصنفه، مع الإشارة إلى خلافات النسخ في حالات محصورة؛ كأن تكون الكلمة في أكثر من نُسْخَةٍ محتملة، فيثبت ما في بعض النسخ ويشير إلى ما في الأخرى في الحاشية، أو كأن يقوم بتحقيق الكتاب على أصل معين، فهنا يطلب منه أن يشير إلى كل ما أضافه أو غَيَّرَه في الأصل، وإلا سيوحي للقارئ أن المُثبَت هو ما في الأصل، أما الخلافات التي لا وجه لها مما منشؤه خطأ ظاهر من النساخ -وهذا كثير في كتب الرجال التي يكثر فيها التصحيف والتحريف- فليست هناك فائدة كبيرة من تسويد الحواشي بمثل ذلك، والله أعلم بالصواب.