للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجْهُ تَسْمِيَةِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَجْهًا أَنَّهُ أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَقِيلَ إنَّهُ شِغَارٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا لَيْسَ بِشِغَارٍ لِعَدَمِ خُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ الصَّدَاقِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَهُوَ شِغَارٌ فَكَانَ التَّسْمِيَةُ فِيهِمَا كَلَا تَسْمِيَةَ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ وَجْهَ الشِّغَارِ أَوْ الْوَجْهُ بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَدَرَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ اسْتَوَيَا فِي قَدْرِهِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ.

وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْقِسْمِ الثَّانِي صَرِيحًا فَهُوَ وَاضِحٌ لِلْخُلُوِّ عَنْ الصَّدَاقِ (ص) وَفُسِخَ فِيهِ وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ فِي صَرِيحِ الشِّغَارِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّرِيحِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَمَا إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى.

(ص) وَعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ أَبَدًا (ش) عَطْفٌ عَلَى فِيهِ وَنَسَخَهُ حُلُولُو بِأَوْ أَيْ يُفْسَخُ أَبَدًا مِنْ زَوْجِ أَمَتِهِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَادَ مِنْهَا أَوْ بَعْضِهَا أَحْرَارٌ وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ وَوَلَاؤُهُمْ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ وَلَهَا الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا فُسِخَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ

(ص) وَلَهَا فِي الْوَجْهِ وَمِائَةٌ وَخَمْرٌ أَوْ مِائَةٌ وَمِائَةٌ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ (ش) الْكَلَامُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا تَقَدَّمَ كَالتَّتِمَّةِ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي نِكَاحِ الشِّغَارِ لِلْمَرْأَةِ وَذَكَرَ مَعَهُ مَسْأَلَةَ مَنْ تَزَوَّجَ بِمِائَةٍ وَخَمْرٍ أَوْ بِمِائَتَيْنِ مِائَةٌ نَقْدًا وَمِائَةٌ إلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ وَذَكَرَ أَنَّ لَهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا صَاحَبَ الْحَلَالَ مِنْ الْخَمْرِ وَالْمَجْهُولِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ زَادَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (عَلَى الْجَمِيعِ) الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ بِأَنْ كَانَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَثَلًا فَتَأْخُذَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُزَادُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَتَأْخُذُهُمَا حَالَّتَيْنِ وَلَا تُعْطِي الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْمِائَةِ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَأَخْذُهَا حَالَّةً أَحْسَنُ لَهَا فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَخَذَتْهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهُوَ الْمِائَةُ فَلَوْ أُرِيدَ بِالْمُسَمَّى الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ إلَّا وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ فَلَا يُبَالِغُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ تِسْعِينَ أَخَذَتْ مِائَةً؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى الْحَلَالَ وَهِيَ الْمِائَةُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِينَ صَدَاقُ الْمِثْلِ

(ص) وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ الْمَعْلُومِ إنْ كَانَ فِيهِ (ش) قُدِّرَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَبِالتَّأْجِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِقُدِّرَ وَالْمَعْلُومُ صِفَةٌ لَهُ أَيْ وَقُدِّرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ إنْ وُجِدَ فِي الْمُسَمَّى مَا أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَمَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى ثَلَاثَمِائَةٍ مِائَةٌ حَالَّةٌ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ إلَى سَنَةٍ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَإِنَّ الْمَجْهُولَ يُلْغَى وَيُقَالُ مَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّ فِي صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى مِائَةً إلَى سَنَةٍ فَإِنْ قِيلَ مِائَتَانِ فَقَدْ اسْتَوَى الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ فَتَأْخُذُ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ وَإِنْ قِيلَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَتَأْخُذُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ قِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ فَتَأْخُذُ مِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ وَذَلِكَ خَيْرٌ لَهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ لَهَا فِي الْوَجْهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَجْهِ مِنْهُمَا فَكَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ فَقَطْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مَا سَبَقَ (فِيمَا إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا وَدَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ الْمُرَكَّبُ مِنْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ فَهِيَ حَقِيقَةٌ تَرَكَّبَتْ مِنْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ فَيُسَمَّى الْفَاءُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ إلَّا لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ التَّسْمِيَةُ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ أَكْثَرُ وُقُوعًا) أَيْ أَكْثَرُ الْتِفَاتًا وَالْوَجْهُ أَكْثَرُ الْتِفَاتًا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَجْهُ بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ) وَجْهٌ ثَالِثٌ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى نِكَاحُ شِغَارٍ أَيْ نِكَاحٌ ذُو مُقَابَلَةٍ مَنْسُوبَةٍ لِشِغَارٍ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ احْتَوَى عَلَى صَدَاقَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ وَهُوَ نُسْخَتُهُ بِأَوْ لَا بِإِذْ. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ فِيهِ وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ) إشَارَةٌ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ الشِّغَارِ وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا فَالْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ وَجْهِهِ وَغَيْرُ الْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ صَرِيحِهِ وَلِلَّهِ دَرُّ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَا وَافَقَ مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ حُكْمَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَذَكَرَ حُكْمَ مَا خَالَفَ مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ حُكْمَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الشِّغَارِ وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَتَعَرَّضَ فِيمَا يَأْتِي لِمَا يَجِبُ فِيهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا يَجِبُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَمَّا كَانَ فِي صَرِيحِهِ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي فِي كَلَامِهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَسَائِلِ الْبَابِ وَلَمَّا كَانَ فَسْخُهُ أَبَدًا مُخَالِفًا لَهَا تَعَرَّضَ لَهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي أَبَدًا

. (قَوْلُهُ: مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ السَّيِّدُ بِانْبِرَامِ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا فَسْخَ وَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْعِتْقُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ) أَيْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الصَّدَاقَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ صَدَاقُهَا كَثِيرًا فَإِنْ قُلْت هَذَا أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ فَوَجَبَ صَدَاقُ الْمِثْلِ قُلْت لَمَّا تَمَّ مَقْصُودُهُ مِنْ حُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ وَتَلَفِهِمْ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِمْ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى

. (قَوْلُهُ: كَالتَّتِمَّةِ) لَمْ يَقُلْ تَتِمَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ مُسْتَقِلٌّ بِذَاتِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ تَتِمَّةٌ إلَّا إذَا كَانَ فَهْمُ مَعْنَى الْأَوَّلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذَا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ حُكْمًا مُتَعَلِّقًا بِهِ عُدَّ كَالتَّتِمَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَنَّ لَهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْأَكْثَرَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ فِي وَجْهِ الشِّغَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَفِي الْمِائَةِ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ قَوْلٌ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَلَوْ نَقَصَ عَنْ الْمِائَةِ أَوْ زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَهْرَامُ وَلَا التَّوْضِيحُ مُقَابِلًا فِي مِائَةٍ وَخَمْرٍ. (قَوْلُهُ: أَحْسَنَ لَهَا) أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ

. (قَوْلُهُ: بِالْمُؤَجَّلِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّأْجِيلَ بِمَعْنَى الْمُؤَجَّلِ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ عَلَاقَتُهُ التَّعَلُّقُ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ لِذِي الْمُؤَجَّلِ وَالْمَعْنَى وَاعْتُبِرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِّ الْمَعْلُومُ وَالْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَجْهُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>