رُكْبَتَيْهِ أَوْ قُدَّامَ أَصَابِعِهِ وَمُحَاذِي صَدْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ مِنْ ثَقْبٍ أَسْفَلَ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَكَثِيرًا مَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ رِيشِ الْحَمَامِ فَيَتَجَافَى عَنْهُ بِصَدْرِهِ وَيَسْجُدُ وَيَصِيرُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَوَجْهِهِ.
(ص) لَا طَرَفِ حَصِيرِهِ (ش) إمَّا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى ثَوْبٍ وَإِمَّا بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى طَرَفٍ، فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا إنْ كَانَ الثَّوْبُ طَرَفَ حَصِيرِهِ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْجَوَابُ أَنْ لَا إنَّمَا تُشْرَكُ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ قَرَأْنَاهُ بِالْجَرِّ لَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَرَأْنَا بِالنَّصْبِ قَدَّرْنَا فِي طَرَفِ مَلَابِسَ لَا ثَوْبٍ؛ لِأَنَّ الْحَصِيرَ لَيْسَ بِثَوْبٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ مُلَابِسُ الْمُصَلِّي طَرَفَ عِمَامَتِهِ لَا إنْ كَانَ مَلَابِسُ الْمُصَلِّي طَرَفَ حَصِيرِهِ أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَوْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَطَرَفِ حَصِيرِهِ يَشْمَلُ طَرَفَهُ الطُّولِيَّ وَالْعَرْضِيَّ وَالسُّمْكِيَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ أَيُّ جِهَةٍ كَانَ وَقَوْلُهُ (سُنَّةٌ) خَبَرُ إزَالَةُ ذَكَرٍ وَقُدِّرَ أَوَّلًا وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدِرَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ وُجُوبُ شَرْطٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ قَوْلِهِ شَرْطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَقَيْدُ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي السُّنَّةِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مَرْتَبَةِ السُّنِّيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ وَانْظُرْ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ وَالرَّدَّ عَلَى الْحَطَّابِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَصِيرَ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ دُونَ الْمَعْنَى) ، وَهُوَ الثَّوْبِيَّةُ وَفِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ الْحُكْمُ، وَهُوَ فِي الْمَقَامِ طَلَبُ الْإِزَالَةِ إلَّا الثَّوْبُ الَّتِي هِيَ الْمَوْضُوعُ فَيَتَعَيَّنُ تَعَلُّقُ الثَّوْبِ بِالْمَعْطُوفِ فَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ قَدَّرْنَا فِي طَرَفِ مُلَابِسٍ) لَا تَقْدِيرَ أَصْلًا بَلْ إنَّمَا يُرْتَكَبُ الِاسْتِخْدَامُ بِأَنْ يُقَالَ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ لَا بِمَعْنَى الْمَحْمُولِ بَلْ بِمَعْنَى الْمُلَابِسِ فَيَتَسَلَّطُ إذَنْ عَلَى الْمَعْطُوفِ الَّذِي هُوَ طَرَفُ حَصِيرِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ حَرَكَتِهِ فَتَضَرَّرَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي طَرَفِهِ الْآخَرِ السُّمْكِيِّ فَإِنَّهَا تَضُرُّ وَيَنْبَنِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَسْأَلَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالْهَيْدُورَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ النَّجَاسَةُ بِأَحَدِ وَجْهَيْهَا دُونَ الْآخَرِ فَصَلَّى عَلَى الطَّاهِرِ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّمْكِ فَالطَّرَفُ الْآخَرُ كَانَ مُلَاصِقًا لَهُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطُّولِ فَلَا يَأْتِي قَوْلُهُ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ إلَّا إذَا كَانَ جَالِسًا عَلَى طَرَفِ الطُّولِ فَيَكُونُ مَصْدُوقُ قَوْلِهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا كَانَ جَالِسًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ بَيْنَ طَرَفَيْ الطُّولِ بِحَيْثُ يَكُونُ طُولٌ خَلْفَهُ وَطُولٌ أَمَامَهُ فَلَا يَأْتِي هُنَا وَالطَّرَفُ الْآخَرُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَرْضِ لَا يَأْتِي مَا قَالَهُ إلَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ عَلَى طَرَفَيْ الْعَرْضِ فَيَكُونُ مَصْدُوقُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا كَانَ جَالِسًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الْعَرْضِ يَكْتَنِفُهُ طَرَفُ الْعَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَاجِبَةٌ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحَدُ إطْلَاقَيْنِ لِلْوَاجِبِ فَيَشْمَلُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلِّي النَّفْلِ وَعَنْ ثِيَابِ الصَّبِيِّ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَأَقُولُ وَالْأَحْسَنُ فَيَشْمَلُ ثِيَابَ الصَّبِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ لَوْ صَلَّى النَّافِلَةَ بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا يَأْثَمُ (قَوْلُهُ إنْ ذَكَرَ وَقَدِرَ) أَيْ بِوُجُودٍ مُطْلَقٍ يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان يَنْتَقِلُ إلَيْهِ طَاهِرًا وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا قَادِرًا وَالْحُكْمُ السُّنِّيَّةُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفُ يُتَصَوَّرُ التَّكْلِيفُ بِالسُّنِّيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ النِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ الْأَوَّلِ وَلِكَوْنِهِ مَعَ الثَّانِي مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَأَقْرَبُ مَا يُقَالُ أَنَّ الْعِبَادَةَ لَمَّا وَقَعَ فِيهَا خَلَلٌ مِنْ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ لَا يُطْلَبُ تَرْكُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَفَّفَ الطَّلَبُ فِيهِ بِالسُّنِّيَّةِ ابْتِدَاءً لِيَتَدَارَكَ إصْلَاحَهَا مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مَرْتَبَةِ السُّنِّيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدِرَ أَوْ تَذَكَّرَ خُوطِبَ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ بِخِطَابٍ جَدِيدٍ وَالْإِعَادَةُ تُطْلَبُ مِنْهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ أَيْ وَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَيْنَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْحَطَّابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّعْبِيرِ وَنَصُّهُ قُلْت، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْقَوْلِ الرَّاجِحِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ اخْتِلَافٌ فِي الْمَعْنَى تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِحُكْمِهَا أَوْ جَاهِلًا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا أَوْ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ وَقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَذَكَرَ كَلَامَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْ الشُّيُوخِ عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ فَانْظُرْهُ.
وَهَذَا الْجَوَابُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِخِلَافٍ إلَى اخْتِلَافٍ فِي التَّشْهِيرِ لَا لِاخْتِلَافٍ فِي التَّعْبِيرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّأْثِيمَ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لِلتَّلَاعُبِ وَالتَّهَاوُنِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالسُّنَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَتَغَايَرَا تَغَايُرًا لَا مِرْيَةَ فِيهِ (أَقُولُ) وَقَوْلُهُمْ لِلتَّلَاعُبِ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ إذْ التَّرْكُ عَمْدًا لَا يَسْتَلْزِمُ التَّلَاعُبَ وَالتَّهَاوُنَ وَالِاسْتِخْفَافَ وَقَالَ عج وَقَوْلُ الْحَطَّابِ إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَاجِبَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ كَذَا فِي ك وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ قَيَّدَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ الْمُشَهِّرَ لِلسُّنِّيَّةِ قَيَّدَهَا بِهِمَا أَيْضًا فَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ رَفْعَ النَّجَاسَةِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ سُنَّةٌ لَا فَرِيضَةٌ فَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute