للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِانْفِكَاكُ عَنْهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ كَالْإِحْدَاثِ وَلَمْ يَقُلْ أَحْدَاثٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ مَقْصُورٌ عَلَى حُصُولِ جَمْعٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْجِنْسُ لِيَعُمَّ سَائِرَهَا، ثُمَّ وَضَّحَ هَذَا الْكُلِّيَّ بِجُزْئِيٍّ بِقَوْلِهِ (كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ الْمُسْتَنْكِحَ بِحَدَثٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ كَبَوْلٍ وَنَحْوِهِ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْهُ وَيُبَاحُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْشَ تَلَطُّخَهُ فَيُمْنَعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَابِطَ الْمُسْتَنْكِحِ مَا فَسَرُّوهُ فِي بَابِ السَّهْوِ، وَهُوَ إتْيَانُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ لَا مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْإِحْدَاثِ وَذَا مِنْ بَابِ الْأَخْبَاثِ وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ ذَاكَ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ وَعُفِيَ إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ وَبَدَنِهِ لَا مَا عُفِيَ عَنْهُ وَبَنَاهُ لِلْمَفْعُولِ لِلْعِلْمِ بِفَاعِلِهِ، وَهُوَ الشَّارِعُ وَالْعَفْوُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ وَقَوْلُهُ مُسْتَنْكِحٍ بِكَسْرِ الْكَافِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْقَاهِرُ لِلشَّخْصِ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ لَا بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَيْسَ قَاهِرًا لِلْحَدَثِ إلَّا أَنْ يُقْرَأَ بِالْإِضَافَةِ أَيْ كَحَدَثٍ شَخْصٍ مُسْتَنْكَحٍ.

(ص) وَبَلَلِ بَاسُورٍ فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ أَوْ ثَوْبٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ نَجَاسَةِ بَلَلِ بَاسُورٍ بِالْمُوَحَّدَةِ أَعْجَمِيٌّ وَجَعٌ بِالْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخُرُوجُ الثَّآلِيلِ هُنَاكَ وَالثَّآلِيلُ جَمْعُ ثُؤْلُولٍ بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، ثُمَّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَهُوَ خُرُوجُ رَأْسِ الْعِرْقِ وَبِالنُّونِ عَرَبِيٌّ انْفِتَاحُ عُرُوقِهَا وَجَرَيَانُ مَادَّتِهَا وَالْعَفْوُ عَنْ مُصِيبِ مَا ذُكِرَ فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ أَوْ فِي ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ كَثُرَ الرَّدُّ أَمْ لَا فَقَوْلُ بَعْضٍ ثَوْبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى يَدٍ مُشَارِكٌ لَهُ فِي شَرْطِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَسَوَاءٌ اُضْطُرَّ لِرَدِّهِ أَوْ لَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَصَرَّحَ بِفَاعِلِ الْكَثْرَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِلْبَلَلِ الْمُصِيبِ إذْ الْعِبْرَةُ بِكَثْرَةِ الْإِصَابَةِ لَا بِكَثْرَةِ الْمُصِيبِ إذْ قَدْ يُصِيبُهُ كَثِيرٌ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي إزَالَتِهِ فَلَا عَفْوَ وَالْبَاسُورُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ أَيْ وَعُفِيَ عَنْ بَلَلِ بَاسُورٍ أَوْ دُمَّلٍ أَوْ نَحْوِهِ مِثْلُ الثَّوْبِ الْبَدَنُ وَالْمَكَانُ وَالثَّوْبُ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ كَالْيَدِ الَّتِي يَرُدُّ بِهَا.

(ص) وَثَوْبِ مُرْضِعَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ اللِّبَاسِ وَإِلَّا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا أَوْ دَخَلَ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ خَلْعِهَا فَرْعُ تَذَكُّرِهَا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ) ، وَهُوَ الْمُلَازَمَةُ النَّاشِئَةُ عَنْهَا الْمَشَقَّةُ (قَوْلُهُ كَالْأَحْدَاثِ) تَمْثِيلٌ لِمَا يُعْفَى عَنْهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَحْدَاثَ إنَّمَا يُعْفَى عَنْهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ وَقَوْلُهُ وَضَحَ هَذَا الْكُلِّيُّ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَمَّا يَعْسُرُ (قَوْلُهُ كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ) تَسْمِيَتُهُ حَدَثًا مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَنْكِحًا مَجَازٌ إذْ حَقِيقَتُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَى مَا ذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَوْلَ صَاحِبِ السَّلَسِ حَدَثٌ وَسُقُوطُ الْوُضُوءِ مِنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ ذَاكَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ زَوَالُهُ وَغَسْلُهُ، وَأَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي، وَهُوَ أَنَّ لَازِمَ أَكْثَرِ الزَّمَنِ أَوْ نِصْفَهُ وَأَوْلَى كُلُّهُ لَا نَقْضَ وَلَا غَسْلَ.

(قَوْلُهُ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ) الْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ وَجَعٌ بِالْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَفْسَ الْوَجَعِ الَّذِي هُوَ التَّأَلُّمُ وَلَا التَّوَرُّمُ وَلَا الْخُرُوجُ بَلْ هُوَ نَفْسُ الْعِرْقِ (قَوْلُهُ هُنَاكَ) أَيْ الْكَائِنَةُ هُنَاكَ أَيْ الْمَقْعَدَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خُرُوجُ) فِي التَّعْبِيرِ بِخُرُوجٍ مُسَامَحَةٌ بَلْ هُوَ نَفْسُ الْعِرْقِ (قَوْلُهُ وَبِالنُّونِ) أَيْ فِي بَاسُورٍ أَيْ بِحَيْثُ يُؤْتَى بِالنُّونِ بَدَلَ الْبَاءِ (قَوْلُهُ انْفِتَاحُ عُرُوقِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيهِ مُسَامَحَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْعُرُوقُ الْمُنْفَتِحَةُ أَيْ عُرُوقُ الْمَقْعَدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَطَّابُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُفِيدُ أَنَّ انْفِتَاحَ الْعُرُوقِ وَجَرَيَانَ الْمَادَّةِ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا كَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ.

(تَنْبِيهٌ) : يُعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ النَّاسُورَ وَالْبَاسُورَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعُرُوقُ الْكَائِنَةُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ أَوْ جَسَدٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ ثَوْبٍ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ فَفِي ك وَمِثْلُ الثَّوْبِ الْبَدَنُ وَالْمَكَانُ (قَوْلُهُ كَثُرَ الرَّدُّ أَمْ لَا) قَوْلُهُ أَنَّهُ يُلَازِمُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَاَلَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَطٍ إنَّمَا هُوَ الْكَثْرَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَثَرُ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ حَيْثُ قَيَّدَ بِاتِّصَالِ السَّيَلَانِ أَوْ عَدَمِ الِانْضِبَاطِ أَوْ الْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً عَلَى مَا حَلَّ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ (قَوْلُهُ وَالْبَاسُورُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدُّمَّلَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ مَشْرُوطًا فِيهِ الشَّرْطُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بَلْ لَا يُعْقَلُ فِيهِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالثَّوْبُ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ) الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْخِرْقَةُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ إذَا عَلِمْت مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا فَلَمْ أَرَهُ فِي شَارِحٍ مِمَّا بِأَيْدِينَا وَلَكِنْ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثِقَةٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِذَلِكَ إلَّا بِتَوَثُّقٍ بِنَقْلٍ مِنْ سَمَاعِ مَشَايِخِهِ أَوْ نَقْلٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَا يَقُولُهُ مِنْ رَأْيِهِ وَفِي شَرْحِ شب وعب أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بِأَنْ يُلَازِمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً وَفِي ك وَالْكَثْرَةُ مَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَشَقَّةُ اهـ.

وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ بِالْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْيَدَ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بِأَنْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَقَوْلُهُ أَوْ ثَوْبٍ أَيْ أَوْ جَسَدٍ أَيْ بِأَنْ يُلَازِمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَظَهَرَ أَنَّ الْمُلَازَمَةَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً سَوَاءٌ فِي الْيَدِ أَوْ الثَّوْبِ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَيْدُ الْكَثْرَةِ رَاجِعٌ لِإِصَابَةِ الْبَلَلِ لِلْيَدِ بِخِلَافِ مَا يُصِيبُ الثَّوْبَ فَهُوَ مِثْلُ مَا يُصِيبُ مِنْ الدُّمَّلِ اهـ.

وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَيَّدَ أَثَرَ الدُّمَّلِ بِمَا إذَا كَانَ يَشُقُّ بِأَنْ لَمْ يَنْضَبِطْ أَوْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ (أَقُولُ) وَإِذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يَظْهَرُ تَخْصِيصُ الشَّرْطِ بِالْيَدِ مِنْ حَيْثُ الِاتِّحَادُ بِالْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ فِي كُلٍّ عَلَى مَا قَالَهُ شب وعب وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا مِنْ أَنَّ الْكَثْرَةَ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>