لِمَنْ حَدَّهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ نُزُولِهِ وَكَذَا إنْ جَفَّ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتُهُ أَوْ شَكَّ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرِ الْمَطَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَظَنَّ زَوَالَ نَجَاسَتِهَا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَوْ تَحَقَّقَ وُجُودُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ الْعَذِرَةُ بِالْمُصِيبِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَمْ تَظْهَرْ عَيْنُهَا لَكِنْ يَجِبُ غَسْلُهَا هُنَا إذَا جَفَّ الطِّينُ عَلَى الطُّرُقِ كَمَا قِيلَ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ إذَا بَرِئَ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ حِينَئِذٍ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ مَاءِ الرَّشِّ وَمُنْتَقَعِ الطُّرُقَاتِ فَالْعَفْوُ دَائِمًا وَلَوْ أَبْدَلَ الْعَذِرَةَ بِالنَّجَاسَةِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْعَذِرَةِ لِشِدَّتِهَا فَيَدْخُلُ غَيْرُهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ بِالْأَوْلَى وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ غَلَبَتْ عَيْنُهَا) عَلَى الطِّينِ كَأَنْ يَكُونَ طِينُ مِرْحَاضٍ فِي مَوْضِعٍ فَيَخْتَلِطُ بِطِينٍ فَيَجِبُ غَسْلُهُ لِمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَهُ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَفَهِمَهُ سَنَدٌ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَفَهِمَهُ سَنَدٌ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ مِنْ أَنَّ مَعْنَى غَالِبًا أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُهَا وَجَعَلَ الصُّوَرَ أَرْبَعًا تَسَاوِيًا احْتَمَلَ الْوُجُودَ وَعَدَمَهُ لَا يَغْسِلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ تَرْجِيحُ الْوُجُودِ يُصَلِّي بِهِ عَلَى مَا فِيهَا لَا عَلَى مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ أَوْ الْغَالِبُ تَحَقُّقُ الْوُجُودِ وَلَمْ تَظْهَرْ لِاخْتِلَاطِهَا يُصَلِّي بِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
مَا دَامَ طَرِيًّا فِي الثِّيَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ طَرِيًّا فِي الطُّرُقَاتِ فَإِذَنْ لَوْ يَبِسَ مِنْ الثَّوْبِ، وَهُوَ طَرِيٌّ فِي الطُّرُقَاتِ فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ جَفَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الْعَفْوُ فِيهَا دَائِمًا جَفَّ الطِّينُ فِي الطُّرُقِ أَوْ لَا وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْجَفَافِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ بِهِ نَجَاسَةً وَلَمْ يَكْثُرْ الْمَطَرُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْعَفْوِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ تَسَامُحًا؛ فَلِذَا كَانَتْ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ.
وَإِنْ اخْتَلَطَتْ لِلْحَالِ وَحَمَلَ الِاخْتِلَاطَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَكَذَا إنْ جَفَّ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مُتَحَقِّقًا وُجُودَ النَّجَاسَةِ أَوْ ظَانًّا بَقَاءَهَا، وَأَمَّا إذَا جَفَّ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتُهُ أَوْ شَكَّ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرِ الْمَطَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَظَنَّ زَوَالَ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَاهِرًا تَحْقِيقًا وَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرٍ إلَخْ) هَذِهِ غَيْرُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ النَّجَاسَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَطَرُ وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ يَظُنُّ مِنْهُ زَوَالَ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ الْغَسْلُ هُنَا) ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْغَسْلِ مَعَ الْجَفَافِ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الشَّكِّ أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ وَمُنْتَقِعٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مِنْ فَضَلَاتِ النِّيلِ أَيْ أَوْ الْمَطَرِ أَيْ وَظَنَّ وُجُودَ النَّجَاسَةِ أَوْ تَحَقَّقَهَا وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا بَالَغَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ لَا إنْ غَلَبَتْ عَيْنُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَكْثَرَ مِنْ الطِّينِ وَلَكِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَيُفِيدُ مَا قُلْنَا التَّمْثِيلُ (قَوْلُهُ لَمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ إلَخْ) قَالَ فِيهَا وَلَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقَعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ أَوْ الْجَسَدَ وَفِيهِ الْعَذِرَةُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ وَيُصَلُّونَ وَلَا يَغْسِلُونَهُ قَالَ الشَّيْخُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً ابْنُ بَشِيرٍ يَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ وَالْخِلَافَ قَالَ أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَافْتَقَرَ إلَى الْمَشْيِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَيَّدَ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّ النَّجَاسَةَ غَالِبَةٌ عَلَى الطِّينِ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ الطِّينِ وَقَوْلُهُ وَفَهِمَهُ أَيْ وَفَهِمَ التَّقْيِيدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَبَةِ أَيْ غَلَبَ عَلَى الطِّينِ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ الطِّينِ وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَيْضًا أَيْ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْبَاجِيُّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا قَبِلَا الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ مِمَّا) أَيْ مِنْ مَعْنَى حَمْلِهِ أَيْ حَمْلِ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى ابْنُ هَارُونَ وَقَوْلُهُ مِنْ أَنَّ إلَخْ بَيَانٌ لِلْمَعْنَى، وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُنَاسِبٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لِفَهْمِ الشَّارِحِ وَالْتِئَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْحَطَّابِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي فَهِمَهُ عَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ بِمَعْنَى أَنَّ سَنَدًا فَهِمَ ذَلِكَ الْقَيْدَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فَهِمَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَنَسُوقُ لَك عِبَارَةَ الْحَطَّابِ وَنَصَّهَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ غَلَبَتْ أَيْ لَا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً عَلَى الطِّينِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ يُرِيدُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَقَبِلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَقَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةُ وَقَالَ سَنَدٌ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ النَّجَاسَةُ يُرِيدُ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ النَّجَاسَةَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ طِينَ مِرْحَاضٍ فِي مَوْضِعٍ وَقَدْ اخْتَلَطَتْ بِطِينِ الْمَطَرِ هَذَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا ضَرُورَةَ فِي غَسْلِ مِثْلِ هَذَا بِخِلَافِ غَسْلِ مَا يَكُونُ مِنْ الطِّينِ اهـ.
وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا حَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَذَكَرَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ وَجَعَلَ الصُّوَرَ أَرْبَعًا) أَيْ ابْنُ هَارُونَ (قَوْلُهُ تَسَاوَيَا احْتَمَلَ الْوُجُودَ وَعَدَمَهُ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ احْتَمَلَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَسَاوَيَا (قَوْلُهُ لَا يَغْسِلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ بِدُونِ الْتِفَاتٍ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ لَا مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ) ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ يُصَلَّى بِهِ عَلَى مَا فِيهَا وَقَوْلُهُ أَوْ الْغَالِبُ أَيْ، وَهُوَ النَّجَاسَةُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ لَا مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute