أَوْ الْمِزْرِ أَوْ الْحَشِيشَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى إسْكَارَهَا وَهَذَا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمَ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ كَظَنِّهِ لَبَنًا أَوْ مَاءً لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَلَا حَدُّ قَذْفٍ وَمَحْمَلُهُ مَحْمَلُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى وَيُصَدَّقُ فِي ظَنِّهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي دِينِهِ وَهَلْ مَحَلُّ صِحَّةِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُمَيِّزُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ اتِّفَاقًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَيَّزَ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ إنْ كَانَ مَعَهُ مَيْزٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَيْزٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذِهِ الطُّرُقُ مَا عَدَا طَرِيقَ الْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ مُتَّفِقَانِ مَعْنًى فِي اللُّزُومِ لِلسَّكْرَانِ مُطْلَقًا إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا مُطْبِقًا أَوْ مُمَيِّزًا وَهُوَ مَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَعْبَانَ وَالصَّقَلِّيِّ وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ كَلَامَهُ وَرَدَّ مُقَابِلَهُ بِلَوْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ تَرَدُّدٌ لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ فَالطُّرُقُ ثَلَاثٌ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ ثَانِيهَا طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ ثَالِثُهَا طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَغْمُورِ لَا فِي الَّذِي مَعَهُ مَيْزٌ وَكَمَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ الطَّلَاقُ تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالْحُدُودُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ.
(ص) وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ كَبَيْعِهِ (ش) أَيْ وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ كَبَيْعِهِ إلَّا أَنَّ الْعِدَّةَ وَالْأَحْكَامَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي الْخِلَافُ هُنَا كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ النَّاسَ يَطْلُبُونَ فِي سِلَعِهِمْ الْأَرْبَاحَ بِخِلَافِ النِّسَاءِ.
(ص) وَلَزِمَ وَلَوْ هَزَلَ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ إنْ هَزَلَ بِإِيقَاعِهِ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ هَزَلَ بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَالْعِتْقُ، وَبِعِبَارَةِ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ فَكِّ الْعِصْمَةِ هَازِلًا لَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ بِقَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ لِأَجْلِ إتْيَانِهِ بِلَوْ الَّتِي يُشِيرُ بِهَا إلَى الْخِلَافِ وَالْهَزْلِ بِإِيقَاعِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(ص) لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَالْتَوَى لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ فَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
مَعَ شَكِّهِ أَنَّهُ يُغَيِّبُ كَالْخَمْرِ الَّذِي هُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَقَوْلُهُ: وَالنَّبِيذِ أَيْ كَالْمَأْخُوذِ مِنْ التَّمْرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمِزْرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالزَّايِ وَهُوَ الْبُوزَةُ الْمُسْكِرَةُ (قَوْلُهُ: وَالْحَشِيشَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى إسْكَارَهَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا تُغَيِّبُ عَقْلَهُ وَاسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ غَابَ عَقْلُهُ وَطَلَّقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا تَعَمَّدَ الْمُحَرَّمَ) بَقِيَ صُورَةٌ وَهُوَ مَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ خَمْرًا أَمْ لَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَكَّهُ فِي كَوْنِهِ مُسْكِرًا كَشُرْبِهِ مَعَ تَحْقِيقِ أَنَّهُ مُسْكِرٌ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ فِي ظَنِّهِ) أَيْ بِيَمِينٍ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُهُ فَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ) أَيْ فَإِنْ اُتُّهِمَ بِأَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَيَّزَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إمَّا اتِّفَاقًا) فِي الَّذِي عِنْدَهُ مَيْزٌ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ) وَنَقُولُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ وَفِي بَعْضِهَا وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ بِإِسْقَاطِ لَا وَالْكُلُّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ هَذِهِ الطُّرُقِ) الْمُنَاسِبُ لِأَهْلِ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ لِأَنَّ طَرِيقَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ يُعَدَّانِ طَرِيقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ) أَيْ الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ فَهُوَ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ) بَلْ لَا تَصِحُّ الْعُقُودُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَحْكَامَ) أَيْ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي أَيَّامِ الْعِدَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَعَدَمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ إنَّ الْعِدَّةَ وَالْأَحْكَامَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَالْأَحْكَامُ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ وَبِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الطَّلَاقِ إذَا أَجَازَهُ طَائِعًا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ، وَالْفُرْقُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ حَالَ الْإِكْرَاهِ قَدْ قِيلَ بِلُزُومِهِ وَأَيْضًا الْمُوقِعُ وَالْمُجِيزُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ وَاحِدٌ وَفِي مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ الْمُوقِعُ غَيْرُ الْمُجِيزِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ) فِيهِ خِلَافٌ بِالْحُرْمَةِ وَالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَوْقَعَ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُجِيزَ وَاحِدَةً أَوْ رَجْعِيَّةً فَالْمُعْتَبَرُ مَا يُجِيزُهُ لَا مَا أَوْقَعَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزَلَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ) أَيْ هَزَلَ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ أَيْ حَلِّ الْعِصْمَةِ أَيْ هَزَلَ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي السُّلَيْمَانِيَّة مِنْ قَوْلِهِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: جِدٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَجَدَّ فِي كَلَامِهِ جَدًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ ضِدُّ هَزَلَ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْجِدُّ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ» لِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُطَلِّقُ أَوْ يَعْتِقُ أَوْ يَنْكِحُ ثُمَّ يَقُولُ كُنْت لَاعِبًا وَيَرْجِعُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَوْلُهُ: هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فَكِّ الْعِصْمَةِ) أَيْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ فَكَّ الْعِصْمَةِ أَيْ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ حُصُولِهَا (قَوْلُهُ: هَازِلًا) حَالٌ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ هَزَلَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي حَالِ كَوْنِهِ هَازِلًا فَهِيَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) عَطْفٌ عَلَى " بِاسْتِعْمَالِ " أَيْ لَا بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ قَاصِدًا لِفَكِّ الْعِصْمَةِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِقَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْهَزْلِ بِإِيقَاعِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِإِيقَاعِهِ أَيْ بِإِيقَاعِهِ مَعَ قَصْدِ فَكِّ الْعِصْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute