للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّمْلِيكِ (ص) وَقُبِلَ تَفْسِيرُ قَبِلْتُ أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي أَوْ مَا مَلَّكْتَنِي بِرَدٍّ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا خَيَّرَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَلَّكَهَا مَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْ الطَّلَاقِ فَقَالَتْ قَوْلًا مُحْتَمِلًا نَحْوُ قَبِلْتُ أَمْرِي أَيْ شَأْنِي أَوْ قَبِلْتُ نَفْسِي أَوْ مَا مَلَّكْتَنِي فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِتَفْسِيرِ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ مِنْهَا مَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ بِهِ الرَّدَّ أَيْ رَدَّ مَا جَعَلَهُ لِي وَأَبْقَى عَلَى الْعِصْمَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنْ قَالَتْ: أَرَدْتُ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَتَبِينُ وَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ الْبَقَاءَ عَلَى التَّرَوِّي فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنَّمَا قُبِلَ مِنْهَا تَفْسِيرُ الْقَبُولِ بِالرَّدِّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لَهُ وَلَا مِنْ مُقْتَضِيَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّدُّ مِنْ آثَارِ قَبُولِ النَّظَرِ فِي الْأَمْرِ صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ فَأَطْلَقَ السَّبَبَ - وَهُوَ الْقَبُولُ - وَأَرَادَ بِهِ الْمُسَبَّبَ وَهُوَ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُصَدَّقُ لِإِمْكَانِهَا مِنْ نَفْسِهَا وَقَدْ زَالَ مَا بِيَدِهَا اهـ وَلَوْ لَمْ تُفَسِّرْ حَتَّى حَاضَتْ أَوْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَالَتْ أَرَدْتُ طَلْقَةً وَاحِدَةً قُبِلَ مِنْهَا بِلَا يَمِينٍ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِتَفْرِيطِ الزَّوْجِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُوقِفْهَا وَلَمْ يَسْتَفْسِرْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

وَلَمَّا كَانَ فِي الْمُنَاكَرَةِ - وَهِيَ عَدَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِمَا أَوْقَعَتْ الْمَرْأَةُ - تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَالْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهَا مَا أَرَدْتُ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَا نَكَرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ، وَأَمَّا الْمُمَلَّكَةُ فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إذَا زَادَتْ عَلَى طَلْقَةٍ (ص) إنْ زَادَتَا عَلَى الْوَاحِدَةِ وَنَوَاهَا وَبَادَرَ وَحُلِّفَ إنْ دَخَلَ وَإِلَّا فَعِنْدَ الِارْتِجَاعِ وَلَمْ يُكَرِّرْ أَمْرَهَا بِيَدِهَا لَا إنْ نَوَى التَّأْكِيدَ كَنَسَقِهَا هِيَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْعَقْدِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الْمُنَاكَرَةِ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَزِيدَ الْمُوقَعُ مِنْ الْمُخَيَّرَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمُمَلَّكَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْوَاحِدَةِ فَلَا تُفِيدُ مُنَاكَرَتُهُ فِي الْوَاحِدَةِ بِأَنْ يَقُولَ: مَا أَرَدْتُ طَلَاقًا. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ نَوَى الطَّلْقَةَ الَّتِي يُنَاكِرُ فِيهَا عِنْدَ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَهُ شَيْئًا فَلَا مُنَاكَرَةَ وَلَوْ نَوَى بَعْدَهُ وَيَلْزَمُ مَا أَوْقَعَتْ. الثَّالِثُ: أَنْ يُبَادِرَ عَلَى الْفَوْرِ لِلْمُنَاكَرَةِ عِنْدَ سَمَاعِهِ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ فَلَوْ لَمْ يُبَادِرْ وَأَرَادَ الْمُنَاكَرَةَ وَادَّعَى الْجَهْلَ فِي ذَلِكَ لَمْ يُعْذَرْ وَيَسْقُطْ حَقُّهُ وَلَا يُعْذَرْ بِالْجَهْلِ. الرَّابِعُ: أَنْ يُحَلَّفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقَعَ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَمَحِلُّ يَمِينِهِ وَقْتُ الْمُنَاكَرَةِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ لِيَحْكُمَ لَهُ الْآنَ بِالرَّجْعَةِ وَتَثْبُتَ أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عِنْدَ إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِارْتِجَاعِ لَا قَبْلَهُ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا. الْخَامِسُ: أَنْ لَا يُكَرِّرَ " أَمْرُهَا بِيَدِهَا " أَمَّا إنْ كَرَّرَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَمْرُكِ بِيَدِكِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيمَا زَادَ وَيَقَعُ مَا أَوْقَعَتْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ لِلَّفْظِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ كَمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَكَرَّرَتْهُ فَهُوَ عَلَى التَّأْسِيسِ إلَّا أَنْ تَنْوِيَ التَّأْكِيدَ فَيُقْبَلَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ السَّادِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ التَّمْلِيكُ أَوْ التَّخْيِيرُ مَشْرُوطًا لَهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا فَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا لَهَا فِي عَقْدِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: نَحْوُ قَبِلْتُ أَمْرِي) أَيْ كَاخْتَرْتُ أَوْ اخْتَرْتُ أَمْرِي أَوْ شِئْتُ وَفَرَغْتُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبِلْتُ نَفْسِي) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَذَكَرَ الْخَطَّابُ أَنَّهَا مِثْلُ اخْتَرْتُ نَفْسِي فَطَلَاقٌ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُبِلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَفْسِيرَ الْقَبُولِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْبَقَاءِ ظَاهِرٌ وَالْإِشْكَالُ إنَّمَا يَجِيءُ إذَا فَسَّرَ الْقَبُولَ بِالرَّدِّ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ وَإِنَّمَا قُبِلَ تَفْسِيرُهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ قَبِلْتُ أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي أَوْ مَا مَلَّكْتُ صَالِحٌ لَأَنْ يُفَسَّرَ بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي تَفْسِيرِهَا بِالطَّلَاقِ وَالْبَقَاءِ وَأَمَّا بِالرَّدِّ فَبَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْقَبُولِ بَلْ دَافِعٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ مُقْتَضِيَاتِهِ) بِكَسْرِ الضَّادِ أَيْ أَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلرَّدِّ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهُ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَفْسِيرِ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ) أَيْ اسْمِ السَّبَبِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا نَافَى قَوْلَهُ مِنْ مُقْتَضِيَاتِهِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي قَبُولِ النَّظَرِ فِي الْأَمْرِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّدِّ بَلْ وَمِثْلُهُ الطَّلَاقُ وَالْبَقَاءُ (قَوْلُهُ: فَأَطْلَقَ السَّبَبَ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلرَّدِّ فَيُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى حَاضَتْ) أَيْ جَمِيعَ الْحِيَضِ أَوْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ.

(قَوْلُهُ: وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً) وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ جَعَلَهُمَا لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَاحِدَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ قَدْ يَنْوِي اثْنَتَيْنِ فَيُنَاكِرُ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: هِيَ) إنَّمَا أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَقَاتِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُكَرِّرْ أَمْرَهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُدْرَى مِنْهُ عَيْنُ التَّنَاسُقِ أَيْ إنَّهُ أَصْرَحُ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي الضَّمَائِرِ الْمُؤَنَّثَةِ الْعَائِدَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) أَيْ أَوْ نَوَى بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِارْتِجَاعِ) عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِأَنْ يُقَدَّرَ فِي الْمَتْنِ فَيُقَالَ إنْ دَخَلَ وَأَرَادَ الِارْتِجَاعَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُرَاجَعَةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُرَاجَعَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي طَلَاقٍ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَكَرَّرَتْهُ) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ النَّسَقُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ النَّسَقُ بَلْ الشَّرْطُ وُقُوعُ مَا بَعْدَ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ فَيُقْبَلَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ لِأَنَّهَا عَامَّةٌ فَيَشْمَلُ مَا إذَا نَوَى بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ الثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ نَحْوُ كُلَّمَا شِئْت فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>