للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعُسْرُ وَالْعَجْزُ عَنْ الصِّيَامِ بَعْدَ عَقْدِ الظِّهَارِ وَأَمَّا إنْ عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَجْزِ عَنْ حَلِّهِ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَصَدَ الضَّرَرَ بِالظِّهَارِ ثُمَّ يُخْتَلَفُ هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ الْآنَ أَوْ يُؤَخَّرُ إلَى انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ (ص) كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ (ش) الْفَيْئَةُ الرُّجُوعُ وَالْمُرَادُ بِهَا فِي بَابِ الْإِيلَاءِ رُجُوعُهُ إلَى مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالتَّشْبِيهُ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَجَلِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحُرِّ الْمُتَقَدِّمَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْطُوقِ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ مَعَ قُدْرَتِهِ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ أَوْ أَرَادَ الْفَيْئَةَ بِالتَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ فَمَنَعَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ فَيُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ وَهَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ وَحُكْمِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ تَبَيَّنَ مِنْهُ الضَّرَرُ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ هَكَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ لَكِنْ يُحْتَاجُ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ لِنَقْلٍ فَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ وَتَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّكْفِيرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إيلَاءٌ كَالْعَبْدِ إلَخْ وَعَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْوَجْهَيْنِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَوَجْهُ مَنْ يَرَى لُزُومَ الْإِيلَاءِ لِلْعَبْدِ إذَا مُنِعَ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ أَنَّهُ مُضَارٌّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى ذَلِكَ وَمَفْهُومُ " بِوَجْهٍ جَائِزٍ " أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ الصَّوْمَ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيَمْنَعُهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِيلَاءُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَنْحَلُّ بِهِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ فَقَالَ (ص) وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ يَعُودَ بِغَيْرِ إرْثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَنْحَلُّ عَنْهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ تَرَكَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُضَارًّا لَهَا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِلَا أَجَلٍ وَسَوَاءٌ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَبَيْعِ السُّلْطَانِ لَهُ فِي فَلَسٍ فَلَوْ عَادَ الْعَبْدُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا ثَانِيًا إلَى مِلْكِ الْحَالِفِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ غَيْرِ الْإِرْثِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَعُودُ عَلَيْهِ يُرِيدُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الزَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

أَمَّا إنْ عَادَ إلَيْهِ الْعَبْدُ كُلُّهُ بِسَبَبِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ لِأَنَّ الْإِرْثَ جَبْرِيٌّ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَعَوْدُ بَعْضِ الْعَبْدِ بِإِرْثٍ وَبَعْضِهِ بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ كَعَوْدِهِ كُلِّهِ بِغَيْرِ إرْثٍ وَإِذَا عَادَ بَعْضُهُ بِغَيْرِ إرْثٍ وَطُولِبَ بِالْفَيْئَةِ فَوَطِئَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ وَقُوِّمَ بَاقِيهِ.

(ص) كَالطَّلَاقِ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا لَا لَهَا (ش) اللَّامُ فِي لَهَا بِمَعْنَى عَلَى أَيْ لَا عَلَيْهَا إذْ الْمَحْلُوفُ لَهَا لَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا ثُمَّ إنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَنَّهُ يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِعَوْدِ الْمَحْلُوفِ بِهَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الطَّلَاقُ غَايَتَهُ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا فَيَعُودُ فِيهَا وَلَوْ طَلُقَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا دَامَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ بِهَا لَمْ يَبْلُغْ غَايَتَهُ فَإِذَا قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَاحِدَةً مَثَلًا إنْ وَطِئْتُ عَزَّةَ فَطَلَّقَ زَيْنَبَ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ وَطْءُ عَزَّةَ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا عَادَ مُولِيًا فِي عَزَّةَ حَيْثُ لَمْ يُؤَجِّلْ أَوْ أَجَّلَ وَبَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ وَطِئَ عَزَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُخْتَلَفُ) أَيْ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى دُخُولِ الْإِيلَاءِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ الْآنَ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ) أَيْ أَوْ يَحْدُثُ لَهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِهِ ذَلِكَ فَيُؤْمَرُ بِالتَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ: وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ) ارْتَضَى عج تَقْرِيرَ الشَّارِحِ وَرَدَّ تَقْرِيرَ ابْنِ غَازِيٍّ أَيْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُظَاهِرِ الْعَاجِزِ قَائِلًا وَنَحْوَهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُوَطَّأِ وَلِلْمَرْأَةِ الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ حِينَئِذٍ فَتَرْفَعُهُ لِلْحَاكِمِ إمَّا فَاءَ أَوْ طَلَّقَ وَاعْتَرَضَ مُحَشِّي تت كَلَامَ عج قَائِلًا: وَأَمَّا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ فَبَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جِدًّا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّابِعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِيلَاءِ لِلْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ مُطْلَقًا فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الصَّوْمِ وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ هَذَا لِمَالِكٍ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ ثُمَّ تَأَوَّلَ عِبَارَةَ الْمُوَطَّأِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعُودَ بِغَيْرِ إرْثٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَعُودَ فَلَا يَنْحَلُّ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ يَعُودُ عَلَيْهِ وَالْعَوْدُ غَيْرُ الِانْحِلَالِ وَأَجَلُهُ حِينَئِذٍ مِنْ يَوْمِ الرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً أَوْ مُحْتَمِلَةً عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فَمِنْ الْعَوْدِ فِي الصَّرِيحَةِ وَمِنْ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهَا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، وَمِثْلُ الْعَوْدِ بِإِرْثٍ مَا إذَا عَادَ بِشِرَاءٍ بَعْدَ أَنْ عَتَقَهُ وَرَدَّهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ وَانْظُرْ لَوْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ عِتْقِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَرَاهِم هَلْ يَعُودُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ انْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَمَا طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ ثُمَّ إذَا عَادَ بِشِرَاءٍ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ السَّابِقِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ قَالَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ السَّابِقِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا) فِي شَرْحِ شب وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: اللَّامُ فِي لَهَا بِمَعْنَى " عَلَى ") عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: ١٠٧] أَيْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إذْ الْمَحْلُوفُ لَهَا) أَيْ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ طَالِقٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا عَادَ مُولِيًا فِي عَزَّةَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ إلَّا عِنْدَ الزَّوَاجِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي بَانَ قَاصِرًا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>