وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ بِخِلَافِ امْرَأَةِ الْعِنِّينِ أَيْ ذِي الذَّكَرِ الصَّغِيرِ.
(ص) وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ وَإِلَّا لَغَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ زَوْجَتَهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً بِشَرْطِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ وَانْحِلَالُهَا يَكُونُ إمَّا بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ وَإِمَّا بِتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ فِي الْعِدَّةِ كَمَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ وَإِمَّا بِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ فِي الْعِدَّةِ كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ بَائِنٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمِثْلُ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ رِضَا الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنْ لَمْ يَنْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ رَجْعَتَهُ تَكُونُ مُلْغَاةً أَيْ بَاطِلَةً لَا أَثَرَ لَهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بِشُرُوطِهِ.
وَكَذَا تُلْغَى رَجْعَةُ مَنْ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا مَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ وَهَذَا يُخَصِّصُ عُمُومَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ إلَخْ (ص) وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ فِي " إنْ وَطِئْتُ إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ " طَلَّقَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ قَالَ لَهُمَا إنْ وَطِئْتُ إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ فَمَتَى وَطِئَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ الْأُخْرَى فَإِنْ أَبَى أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ أَوْ يُطَلِّقُ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ، وَإِلَّا فَطَلَاقُ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لَا يُمْكِنُ إذْ الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي تَعْيِينَ مَحَلِّهِ وَفِي تَطْلِيقِ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَمَنْ قَامَتْ بِحَقِّهَا مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُهُمَا مَعًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ: هَلْ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُمَا أَوْ لَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُمَا أَوْ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا مِنْ إحْدَاهُمَا اهـ لَفْظُ التَّوْضِيحِ وَمُرَادُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَعْضِ الشُّيُوخِ ابْنُ مُحْرِزٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا إذْ قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إذْ هِيَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمُولَى مِنْهَا وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِنْ رَفَعَتَاهُ جَمِيعًا ضُرِبَ لَهُ فِيهِمَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ثُمَّ وُقِفَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا.
(ص) وَفِيهَا فِيمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ) عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا فِي الْفَيْئَةِ ثُمَّ أَرَادَتْ الْإِيقَافَ فَلَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ أَجَلٍ كَاَلَّتِي تَرْضَى بِالْمُعْتَرِضِ أَوْ الْمُعْسِرِ لِأَنَّهَا تَقُولُ رَجَوْتُ فَيْئَتَهُ وَزَوَالَ اعْتِرَاضِهِ وَعُسْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَتْ بِالْعِنِّينِ أَيْ ذِي الذَّكَرِ الصَّغِيرِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ نَعَمْ يُتَلَوَّمُ فِي امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ أَيْ فَلَوْ قَالَتْ عِنْدَ انْقِضَاءِ التَّلَوُّمِ لَهُ فِي نَفَقَتِهَا لَا تُطَلِّقُونِي عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ ثُمَّ تَقُولُ بَعْدَ أَيَّامٍ طَلِّقُونِي عَلَيْهِ لَيْسَ ذَلِكَ لَهَا وَتُلَوَّمُ لَهُ ثَانِيَةً ابْنُ رُشْدٍ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ وَالْمُولِي أَنَّ الْأَجَلَ فِيهِمَا سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ لَا اجْتِهَادَ فِيهَا فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ لَهَا فِيهِمَا لَمْ يَنْتَقِضْ حُكْمُهُ لَهَا بِتَأْخِيرِهَا لَهُ وَالتَّلَوُّمُ لِلْعَاجِزِ عَنْ النَّفَقَةِ إنَّمَا هُوَ بِالِاجْتِهَادِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِالْقِيَامِ مَعَهُ بَعْدَ تَلَوُّمِهِ لَهُ بَطَلَ ذَلِكَ التَّلَوُّمُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يُطَلَّقَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَلَوُّمٍ آخَرَ انْتَهَى قَالَ عج إنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ إذَا رَضِيَتْ بِالْعُسْرِ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ إسْقَاطَ النَّفَقَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَازِمٌ قُلْت فُرِّقَ بَيْنَ الْإِسْقَاطِ وَبَيْنَ الرِّضَا بِالْعُسْرِ رَجَاءَ أَنْ يُوسِرَ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّضَرُّرَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ أَشَدُّ مِنْ التَّضَرُّرِ بِتَرْكِ النَّفَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ نَفَقَتَهَا لَزِمَهَا إسْقَاطُهَا وَإِذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْفَيْئَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّ رَجْعَتَهَا بَاطِلَةٌ مَعَ الرِّضَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَحْنُونًا يَقُولُ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إلَّا بِانْحِلَالِ الْيَمِينِ وَلَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِالْبَقَاءِ فِي غَيْرِ الْوَطْءِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ (قَوْلُهُ: يُجْبِرُهُ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَالزَّوْجُ بِاخْتِيَارِهِ فِي الَّتِي يُطَلِّقُهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ يُطَلِّقُ أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ) أَيْ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) هُوَ - أَيْ ذَلِكَ النَّظِيرُ - مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ مُحْرِزٍ بِقَوْلِهِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ إحْدَاكُمَا سَنَةً وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا فَقَدْ قِيلَ لَا إيلَاءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَطَأَ إحْدَاهُمَا وَإِنْ وَطِئَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْ الْأُخْرَى وَيَجِيءُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا مِنْ الْآنَ.
(قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مُرَادَهُ إنْ أَبَى الْفَيْئَةَ أَيْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْءِ هَذِهِ وَمِنْ وَطْءِ هَذِهِ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا أَفَادَتْهُ الْعِبَارَةُ الَّتِي بَعْدَ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شب مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ إحْدَاهُمَا تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ تَبَعًا لِمَا فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ ظَنًّا مِنْهُمْ جَرَيَانَهُ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ عَدَمِ الْإِيلَاءِ مِنْهُمَا وَمِنْ إحْدَاهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ مِنْهُمَا بَلْ مِنْ إحْدَاهُمَا وَهُمَا تَابِعَانِ لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَبِعَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ كَلَامَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مُولٍ مِنْهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ) وَلَا يُتَصَوَّرُ شَرْعًا أَنْ يَفِيءَ مِنْهُمَا إذْ بِوَطْءِ إحْدَاهُمَا يَتَنَجَّزُ طَلَاقُ الْأُخْرَى فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا) أَيْ حَيْثُ رَفَعَتَاهُ وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَرْفَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَجَلِ إلَّا هِيَ لَا الَّتِي لَمْ تَرْفَعْ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute