للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَحَادِيثُ فِي نَصِّ مُجَادَلَتِهَا فَفِي بَعْضِهَا «إنَّهُ أَكَلَ شَبَابِي وَفَرَشْتُ لَهُ بَطْنِي فَلَمَّا كَبِرَ سِنِّي ظَاهَرَ مِنِّي وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا وَإِنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيَّ جَاعُوا وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقُولُ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: ١] أَيْ تَرَاجُعَكُمَا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِيُعْتِقْ رَقَبَةً قَالَتْ: لَا يَجِدُ قَالَ فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ لَشَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَتْ مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَ فَإِنِّي سَأُعِينُهُ بِفَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا سَأُعِينُهُ بِفَرَقٍ آخَرَ قَالَ قَدْ أَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي وَأَطْعِمِي سِتِّينَ مِسْكِينًا وَأَرْجِعِي ابْنَ عَمِّكِ» وَالْفَرَقُ بِالتَّحْرِيكِ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَبِالتَّسْكِينِ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الظِّهَارُ تَشْبِيهُ زَوْجٍ زَوْجَتَهُ - أَوْ ذِي أَمَةٍ - حَلَّ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِمَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ وَأَصْوَبُ مِنْهُ تَشْبِيهُ ذِي حِلِّ مُتْعَةٍ حَاصِلَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ بِآدَمِيَّةٍ إيَّاهَا أَوْ جُزْئِهَا بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مِمَّنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَوْ جُزْئِهِ فِي الْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ بِمَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِنْهُ إذْ لَوْ، كَانَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَقَالَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْمُلَاعَنَةِ مَثَلًا لَا يَكُونُ ظِهَارًا مَعَ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ غَيْرُ شَامِلٍ لِلتَّشْبِيهِ بَيْنَ الْجُزْأَيْنِ وَبَيْنَ الْجُزْءِ وَالْكُلِّ وَلَا يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ تَصْدِيقٌ وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ وَقَوْلُهُ وَأَصْوَبُ مِنْهُ إلَخْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ صَوَابٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِمَا إذَا شَبَّهَ مَنْ تَحِلُّ بِالْمُلَاعَنَةِ مَثَلًا وَلِمَا إذَا شَبَّهَ جُزْءَ مَنْ تَحِلُّ بِمَنْ تُحَرَّمُ أَوْ بِجُزْئِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِأَصْوَبَ أَنَّهُ صَوَابٌ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَشْبِيهُ مَنْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِمَنْ يُحَرَّمُ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِقَوْلِهَا قَالَ مَالِكٌ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَهِيَ الْبَتَاتُ وَعَكْسُهُ بِتَشْبِيهِ الْجُزْءِ اهـ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤَلِّفُ أَنَّ حَدَّ ابْنِ الْحَاجِبِ مَدْخُولٌ عَدَلَ عَنْهُ إلَى مَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْمُشَبَّهُ وَالْمُشَبَّهَةُ بِهَا وَأَدَاةُ التَّشْبِيهِ مَعَ الْجَمْعِ وَالْمَنْعِ.

فَقَالَ (ص) تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ (ش) أَيْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَا الْكَافِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا فِي الْإِيلَاءِ فَرُبَّمَا تُسْقِطُهُ عِنْدَ التَّرَافُعِ فَيَسْقُطُ، فَقَوْلُهُ " تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ " مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ مَالِكِ الْعِصْمَةِ الْمُسْلِمِ كَانَ زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ إذَا ظَاهَرَتْ مِنْ زَوْجِهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ وَلَا يَلْزَمُهَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ فِي الْأَوَّلِ وَلَاسْتُحِقَّ فِي الثَّانِي (ص) الْمُكَلَّفِ (ش) أَيْ وَإِنْ عَبْدًا أَوْ سَكْرَانَ فَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَإِتْيَانُهُ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا مُخْرِجٌ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْمَرْأَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ مِنْ الطَّوْعِ فَلَا يَلْزَمُ ظِهَارُ الْمُكْرَهِ وَشَمِلَ السَّفِيهَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: إنَّهُ أَكَلَ شَبَابِي) كِنَايَةٌ عَنْ ذَهَابِ قُوَّتِهَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَفَرَشْتُ لَهُ بَطْنِي) كِنَايَةٌ عَنْ حُسْنِ عِشْرَتِهَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا كَبِرَ سِنِّي) فِي الْمِصْبَاحِ كَبِرَ الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ يَكْبَرُ مِنْ بَابِ تَعِبَ كِبَرًا وِزَانُ عِنَبٍ وَمَكْبِرًا مِثْلُ مَسْجِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَبُرَ الشَّيْءُ كُبْرًا - مِنْ بَابِ قَرُبَ - عَظُمَ فَهُوَ كَبِيرٌ اهـ (قَوْلُهُ: يَقُولُ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ) أَيْ الْأَوْلَى لَكِ أَنْ لَا تَشْكِيهِ فَإِنَّ التَّقْوَى تَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَمَا بَرِحَتْ) أَيْ فَمَا زَالَتْ (قَوْلُهُ: مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ) " مِنْ " زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَكَذَا قَوْلُهُ: مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنِّي سَأُعِينُهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا يُكْمِلُ بِهِ الْكَفَّارَةَ فَقَوْلُهَا مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَيْ يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بِفَرَقٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا هُوَ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: إيَّاهَا) تَنَازَعَ فِيهِ تَشْبِيهٌ وَوَطْءٌ (قَوْلُهُ: فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا) مَدْخُولُ " فِي " رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ تَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ: وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ) كَأَنْ يَقُولَ يَدُكِ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَوْلُهُ: وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ أَيْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ: كَالْحَاصِلِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ: بِآدَمِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُتْعَةٍ وَقَوْلُهُ: إيَّاهَا مَعْمُولُ " تَشْبِيهُ " وَلَمْ يَقُلْ بَدَلَهُ " كُلَّهَا " وَإِنْ كَانَ أَخْصَرَ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْعَوَامِلَ اللَّفْظِيَّةَ وَقَوْلُهُ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَشْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ بِمَحْرَمٍ مِنْهُ لِصِدْقِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ فِي الْعِدَّةِ وَالْمُلَاعَنَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: بِظَهْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشْبِيهِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُرْمَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشْبِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَصْدِيقٌ) أَيْ إدْرَاكُهُ تَصْدِيقٌ لِأَنَّهُ قَضِيَّةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ) أَيْ إدْرَاكُهُ تَصَوُّرٌ (قَوْلُهُ: فَهِيَ الْبَتَاتُ) أَيْ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظِهَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالظَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَبْطُلُ عَكْسُهُ أَيْ كَوْنُهُ جَامِعًا وَالطَّرْدُ كَوْنُهُ مَانِعًا (قَوْلُهُ: بِتَشْبِيهِ الْجُزْءِ) أَيْ بِالتَّشْبِيهِ بِهِ فَإِنَّ الْجُزْءَ كَمَا يَقَعُ مُشَبَّهًا يَقَعُ مُشَبَّهًا بِهِ (قَوْلُهُ: مَدْخُولٌ) أَيْ مُعْتَرَضٌ (قَوْلُهُ: إلَى مَا يَشْتَمِلُ) أَيْ تَعْرِيفٍ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُسْتَلْزِمٍ لِلتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهُ إلَخْ) كَقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ كَمِثْلِ وَالْكَافِ فَإِنْ حَذَفَهَا خَرَجَ عَنْ الظِّهَارِ وَرَجَعَ إلَى كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ إلَخْ) وَلِذَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ إنَّهَا عَلَيْكَ كَظَهْرِ أُمِّكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ الْفِرَاقُ أَوْ الْبَقَاءُ بِلَا عَزْمٍ فَإِنْ قَالَتْ نَوَيْتُ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يُعْمَلْ بِنِيَّتِهَا كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ صَرِيحَ بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ لِآخَرَ وَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا كَمَا ذَكَرَهُ عج عِنْدَ قَوْلِهِ وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَتَى بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ سَابِقًا وَلَا يُقَدَّرُ الشَّخْصُ الْمُسْلِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>