للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللِّعَانِ أُدِّبَتْ لِإِذَايَتِهَا لِزَوْجِهَا وَإِدْخَالِهَا التَّلْبِيسَ فِي نَسَبِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُوطَأُ فَإِنَّهَا لَا تُلَاعِنُ بَلْ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَقَطْ وَلَا تُؤَدَّبُ إنْ أَبَتْ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا لَا يُحَدُّ لِإِقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ وَرُدَّتْ لِمِلَّتِهَا أَيْ رُدَّتْ بَعْدَ تَأْدِيبِهَا لِحُكَّامِ مِلَّتِهَا لِاحْتِمَالِ تَعَلُّقِ حَدِّهَا عِنْدَهُمْ بِنُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا وَالْمِلَّةُ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ فَإِنْ قِيلَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لَك أَنْ تَقُولَ: اللِّعَانُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي الذِّمِّيَّةِ؟ وَلَعَلَّهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ تُجْبَرُ لِحَقِّ الزَّوْجِ.

(ص) كَقَوْلِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ مُضَاجِعَةً لَهُ أَوْ مُتَجَرِّدَةً مَعَهُ فِي لِحَافٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا يُلَاعِنُ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْأَدَبِ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَحُدَّ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَيُعَايَا بِهَا وَيُقَالُ قَذْفٌ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَا يُحَدُّ فِيهِ الزَّوْجُ وَلَا لِعَانَ وَبِعِبَارَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ تَعْرِيضَ الزَّوْجِ بِالْقَذْفِ لَيْسَ كَتَصْرِيحِهِ بِهِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْقَذْفِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ.

(ص) وَتَلَاعَنَا إنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَنْكَرَتْهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يَظْهَرْ وَتَقُولُ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ زَنَيْت غَصْبًا أَوْ قَالَ لَهَا وُطِئْت بِشُبْهَةٍ مَعَ زَيْدٍ وَسَكَتِّي لَهُ لِظَنِّك أَنَّهُ إيَّايَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْ الْوَطْءَ جُمْلَةً فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَمْ يَثْبُتْ الْغَصْبُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْجِيرَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ فِي لِعَانِهَا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا زَنَيْت وَلَا أَطَعْت وَلَكِنْ غُلِبْت وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَتَقُولُ فِي خَامِسَتِهَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْكَاذِبِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ.

(فَرْعٌ)

إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ اللِّعَانِ مَعَ ثُبُوتِ الْغَصْبِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ لَمْ يُحَدَّ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَتْهُ؛ لِأَنَّ مَحْمَلَ قَوْلِ الزَّوْجِ مَحْمَلُ الشَّهَادَةِ لَا مَحْمَلُ التَّعْرِيضِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ (ص) وَإِلَّا الْتَعَنَ فَقَطْ (ش) أَيْ وَإِنْ ثَبَتَ غَصْبُهَا أَوْ ظَهَرَ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ يَلْتَعِنُ فَقَطْ دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَمْ يُحَدَّ.

(ص) كَصَغِيرَةٍ تُوطَأُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّهُ يَلْتَعِنُ وَحْدَهُ وَلَا تَلْتَعِنُ زَوْجَتُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ رَجْمِهَا إنْ كَانُوا يَرَوْنَهُ.

(قَوْلُهُ وَالْمِلَّةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَحْكَامَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى يُقَالُ لَهَا شَرِيعَةٌ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا يُتَعَبَّدُ بِهَا يُقَالُ لَهَا دِينٌ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُمْلَى وَتُكْتَبُ يُقَالُ لَهَا مِلَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا تُجْبَرُ لِحَقِّ الزَّوْجِ) لَا مَعْنًى لِتِلْكَ الْحَقِّيَّةِ (فَإِنْ قُلْت) إنَّهَا إذَا لَاعَنَتْ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَ زِنًا فَيَكُونُ تَمْهِيدًا لِاسْتِلْحَاقَةِ وَصِحَّةِ نَسَبِهِ (نَقُولُ) اسْتِلْحَاقُهُ وَصِحَّةُ نَسَبِهِ بِاسْتِلْحَاقِهِ لَاعَنَتْ أَمْ لَا وَحُرِّرَ

(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْقَذْفِ إلَخْ) قَالَ عج وَلَكِنْ مَا هُنَاكَ هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ وَعَلَى هَذَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَانِ بِاللِّعَانِ فِي التَّعْرِيضِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ قَوْلِهِ إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا إلَخْ أَنَّ فِي اللِّعَانِ بِالتَّعْرِيضِ قَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ التَّعْرِيضَ مِنْهُ مَا فِيهِ اللِّعَانُ وَهُوَ الْقَرِيبُ مِنْ الصَّرِيحِ وَمِنْهُ مَا لَا لِعَانَ فِيهِ وَهُوَ الْبَعِيدُ مِنْهُ وَأَنَّ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافٌ فِي التَّعْرِيضِ انْتَهَى عج

(قَوْلُهُ وَتَلَاعَنَا إلَخْ) وَيَحْلِفُ الزَّوْجُ فِي الْغَصْبِ لَقَدْ غُصِبَتْ وَفِي الِاشْتِبَاهِ لَقَدْ غُلِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَا يَحْلِفُ لَقَدْ زَنَتْ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهَا غُصِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَمْ يَثْبُتْ وَثَمَرَةُ لِعَانِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ عَنْهُ وَثَمَرَةُ لِعَانِهَا نَفْيُ الْحَدِّ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ) هُوَ أَعَمُّ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ بِالْبَيِّنَةِ وَالظُّهُورِ وَلَوْ بِالْإِشَاعَةِ أَوْ الْقَرِينَةِ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي.

(قَوْلُهُ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت) هَذَا وَتَقُولُ فِي لِعَانِهَا إذَا صَدَّقَتْهُ فِي دَعْوَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت وَأَمَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فَتَقُولُ مَا زَنَيْت بِحَالٍ وَأَمَّا إنْ كَذَّبَتْهُ فَتَقُولُ مَا زَنَيْت بِحَالٍ فِيهِمَا فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ رُجِمَتْ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ انْتَهَى (قُلْت) وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ دَعْوَى الْغَصْبِ وَالشُّبْهَةِ فَعِبَارَةُ عب أَحْسَنُ وَنَصُّهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً وَلَمْ تُثْبِتْ مَا ذَكَرَ مِنْ غَصْبِهَا أَوْ شُبْهَتِهَا بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْجِيرَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ وَتَقُولُ إنْ صَدَّقَتْهُ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْهُ فَإِنَّهَا تَقُولُ مَا زَنَيْت وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ.

(قَوْلُهُ وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ) أَيْ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ فَإِنَّهَا تَقُولُ مَا زَنَيْت وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ.

(قَوْلُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ) عِبَارَةُ عج فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ رُجِمَتْ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ فَأَحْرَى إذَا كَذَّبَتْهُ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنْ لَا لِعَانَ عَلَيْهَا إذَا الْتَعَنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ عَلَيْهَا بِأَيْمَانِهِ غَصْبًا أَوْ وَطْءَ شُبْهَةٍ وَوَجَّهَ الْبِسَاطِيُّ رَجْمَهَا حَيْثُ لَمْ تُلَاعِنْ بِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً فَتَرْكُهَا اللَّعَّان يُوجِبُ عَلَيْهَا الْحَدَّ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ أَوْ الْغَلَطِ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْحَدُّ.

(قَوْلُهُ مَحْمَلُ الشَّهَادَةِ) وَكَأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا أَشْهَدُ بِأَنَّك مَعْذُورَةٌ فِي وَطْئِك غَصْبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا الْتَعَنَ فَقَطْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ خِيفَ ظُهُورُهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ لِعَانِهِمَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَقُولُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ دُونَهَا؛ لِأَنَّ غَصْبَهَا ثَابِتٌ فَعَدَمُ حَلِفِهَا لَا يُوجِبُ شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَعَدَمُ لِعَانِهَا يُوجِبُ رَجْمَهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ فِي ثُبُوتِ الْبَيِّنَةِ أَوْ التَّصَادُقِ فَلَا حَدَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ وَنَكَلَ فَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً مُرَادُهُ الشَّهَادَةُ لَهَا بِالْعُذْرِ لَا أَنَّهُ قَذْفٌ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْأَجَانِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>