لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَنْهَا مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ فَلَا يُصِيبُهَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ وَهُوَ طَرَفُ الْأَنْفِ وَبِغَسْلِ مَا غَارَ مِنْ ظَاهِرِ أَجْفَانِهِ وَأَسَارِيرِ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرِ شَفَتَيْهِ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي تَحْدِيدِ الْوَجْهِ إلَّا أَنَّ الْمَاءَ يَنْبُو عَنْهَا فَنَبَّهَ عَلَيْهَا قَالَ الْجُزُولِيُّ فَيَلْزَمُ الْمُتَوَضِّئَ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَيْهَا وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا كَانَ كَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَنَبَّهَ عَلَى الْوَتَرَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَنْهَا مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ فَلَا يُصِيبُهَا وَنَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ الشَّفَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْفَمِ.
(ص) بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ (ش) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِغَسْلُ وَالتَّخْلِيلُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ مَعَ إيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ إنْ كَانَ الشَّعْرُ خَفِيفًا بِحَيْثُ تَتَبَيَّنُ الْبَشَرَةُ أَيْ الْجِلْدُ تَحْتَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ لِقِلَّتِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ وَيُكْرَهُ تَخْلِيلُ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ يَجِبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفَةِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ عِنْدَ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ فِيمَا تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَظْهَرُ إلَخْ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَجِبُ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ الْكَثِيفَةِ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
(ص) لَا جُرْحًا بَرِئَ أَوْ خُلِقَ غَائِرًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْجُرْحِ إذَا بَرِئَ غَائِرًا وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ غَسْلُ مَا خُلِقَ مِنْ وَجْهِهِ غَائِرًا مِنْ أَجْفَانِهِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَوْلُهُ غَائِرًا حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ خُلِقَ فَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِفَاعِلِ بَرِئَ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا جُرْحًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا لِأَنَّ مَحِلَّهَا نَصْبٌ أَيْ أَثَرَ جُرْحٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ عَامِلٌ أَيْ لَا يَغْسِلُ جُرْحًا بَرِئَ وَلَا يُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى الْوَتَرَةِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِقَيْدِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ غَائِرًا رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ أَوْ خُلِقَ غَائِرًا لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَرِئَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَيُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى جُرْحًا وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَحِلًّا خُلِقَ غَائِرًا
ــ
[حاشية العدوي]
جَمْعُ الْجَمْعِ وَفِي الصِّحَاحِ جَمْعُ أَسْرَارٍ كَأَعْنَابٍ فَالْأَسَارِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ وَفِي الْمُفْرَدِ لُغَةٌ أُخْرَى وَهِيَ سِرَارٌ وَجَمْعُهُ أَسِرَّةٌ كَزِمَامٍ وَأَزِمَّةٍ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ فِي كَوْنِ الْوَاحِدِ سِرَرًا إنْ كَانَ مَسْمُوعًا فَظَاهِرٌ لَكِنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَرَدَ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ أَسَارِيرُ جَمْعُ أَسْرَارٍ بِوَزْنِ أَعْنَابٍ وَهُوَ جَمْعُ سِرَرٍ بِوَزْنِ عِنَبٍ وَكَذَا أَسَارِيرُ جَمْعُ أَسِرَّةٍ بِوَزْنِ أَزِمَّةٍ وَهُوَ جَمْعُ سِرَارٍ بِوَزْنِ زِمَامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ وَنَبَّهَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوَتَرَةُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ طَرَفُ الْأَنْفِ) تَفْسِيرُ الْمَارِنِ (قَوْلُهُ: وَيَغْسِلُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَغْسِلُ الْوَتَرَةَ وَقَوْلُهُ وَيَغْسِلُ مَا غَار مِنْ ظَاهِرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى قُصُورِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ) وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَنَبَّهَ عَلَى أَسَارِيرِ الْجَبْهَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ لَا يُدَاخِلُهَا.
(قَوْلُهُ: شَعْرٍ) أَيْ مِنْ لِحْيَةٍ وَشَارِبٍ وَحَاجِبٍ وَعَنْفَقَةٍ وَهُدْبٍ (قَوْلُهُ: تَحْتَهُ) أَيْ الْكَائِنِ تَحْتَهُ فَالظَّرْفُ صِفَةٌ لِتَعْيِينِ الْمَقْصُودِ أَوْ حَالٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا كَائِنَةً تَحْتَهُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَظْهَرُ إلَخْ لَوْ كَانَ بَعْضُهُ خَفِيفًا وَبَعْضُهُ كَثِيفًا لَكَانَ لِكُلٍّ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ) لَا إيصَالِ الْمَاءِ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيكُ الْكَثِيفَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفَةِ أَيْضًا) وَهَلْ الْخِلَافُ فِي كَثِيفِ الْمَرْأَةِ كَمَا هُوَ فِي الرَّجُلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْخَفِيفَةِ دُونَ الْكَثِيفَةِ وَعَلَى وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْكَثِيفَةِ أَوْ نَدْبِهِ وَإِنْ كَانَا ضَعِيفَيْنِ فَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّتِهِ فَقِيلَ لِدَاخِلِ الشَّعْرِ فَقَطْ وَقِيلَ بُلُوغُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ إلَخْ) كَأَنْ تَقُولَ: إنْ ظَهَرَتْ عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ الَّذِي هُوَ تَوْجِيهُ الْكَلَامِ إلَى حَاضِرٍ وَجَبَ تَخْلِيلُهَا وَإِنْ ظَهَرَتْ عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَخَاطُبٌ وَلَا مَجْلِسُ تَخَاطُبٍ بَلْ مُجَرَّدُ مُوَاجَهَةٍ فَلَا يَجِبُ تَخْلِيلُهَا هَذَا مُرَادُهُ وَفِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا تَظْهَرُ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ بِدُونِ تَخَاطُبٍ وَمَجْلِسِهِ تُغْسَلُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ظُهُورِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ظُهُورُهَا عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ فَالْحَقُّ أَنَّ عِبَارَةَ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ صَوَابٌ وَأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّكَ الشَّعْرَ لِيَعُمَّ الْمَاءُ ظَاهِرَهُ وَهَذَا غَيْرُ الْقَوْلِ الَّذِي فِي الْكَثِيفَةِ الْقَائِلِ بِتَخْلِيلِهَا لِدَاخِلِ الشَّعْرِ
(قَوْلُهُ: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ) سَيَأْتِي رَدُّهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْمُكَلَّفِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ) لَعَلَّهُ عَلَى طَرِيقَةٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا الِاصْطِلَاحِيُّ لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ الْمُهْمَلَ يَعْمَلُ فِي ضَمِيرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الضَّمِيرِ حَالًا وَهُوَ بَاطِلٌ لِتَعْرِيفِ الضَّمِيرِ وَلُزُومِ تَنْكِيرِ الْحَالِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْجَوَازِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمِيرَ النَّكِرَةِ نَكِرَةٌ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَثَرَ جَرْحٍ) يَقْتَضِي قِرَاءَةَ جَرْحٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَلَوْ قُرِئَ بِالضَّمِّ لَمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ عَامِلٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ لِخَفَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَطْفٌ بِاعْتِبَارِ الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ عج أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ بَرِئَ مِنْهُ جُرْحٌ غَائِرٌ وَمَا خُلِقَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْبُتْ فِيهِ الشَّعْرُ وَنَبَتَ الشَّعْرُ حَوْلَهُ وَطَالَ بِحَيْثُ سَتَرَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ مَسْحُهُ وَلَا يَكْفِي مَسْحُ مَا حَوْلَهُ مِنْ الشَّعْرِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ فَيُتْرَكَ مَسْحُهُ انْتَهَى لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُفْهَمُ مِمَّا هُنَا لَا أَنَّهَا مِنْ مَشْمُولَاتِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَغْسِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعًا فِي الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ أَوْ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَوْ جُرْحًا خُلِقَ وَالْوَاقِعُ لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْجُرْحُ إنَّمَا طَرَأَ وَلَمْ يُخْلَقْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَهُ فِي ك نَقْلًا عَنْ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ جَرْحًا بَرِئَ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ وَضَمِيرُ خُلِقَ عَائِدٌ عَلَيْهِ أَيْ لَا مَحِلَّ جَرْحٍ بَرِئَ أَوْ خُلِقَ الْمَحِلُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَهُوَ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى جُرْحًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute