الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.
(ص) وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَبَرَّعَتْ لِزَوْجِهَا بِالسُّكْنَى مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا الَّذِي تَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا فَطَلَبَتْ مِنْهُ أُجْرَةَ السُّكْنَى فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكَارَمَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ بِالطَّلَاقِ أَوْ لَا فِيهِ خِلَافٌ وَمَفْهُومُ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَنْهَا لَا شَيْءَ لَهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَعَادَةُ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّهُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَجَعْلُ الشَّارِحِ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَنْ طَاعَتْ بِسُكْنَى زَوْجِهَا مَعَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
(ص) وَسَقَطَتْ إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ (ش) ضَمِيرُ سَقَطَتْ يَرْجِعُ لِأُجْرَةِ السُّكْنَى زَمَنَ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ وَلَوْ رَجْعِيًّا أَوْ وَفَاةٍ إذَا أَقَامَتْ بِغَيْرِ مَنْزِلِهَا الَّذِي لَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ السُّكْنَى أَيْ إذَا طَلَبَتْ أُجْرَةَ الْمَنْزِلِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تَرَكَتْ مَا كَانَ وَاجِبًا لَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدُ وَلَهَا عَنْهُ عِوَضٌ وَسَوَاءٌ أَكْرَى الْمَنْزِلَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ أَمْ لَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا أَكْرَاهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِمَّا اكْتَرَى بِهِ الْأَوَّلُ أَوْ اكْتَرَتْ وَقَوْلُهُ وَسَقَطَتْ إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَذَكَرَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُفِيدُهُ.
(ص) كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ بِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي السُّقُوطِ أَيْ أَنَّهُ يَسْقُطُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الَّذِي هَرَبَتْ بِهِ مُدَّةً ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُ نَفَقَتَهُ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ هَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَأَقَامُوا ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَ غَيْرُهُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ هَرَبَتْ بِالْوَلَدِ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُهُ الزَّوْجُ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالِمًا بِمَوْضِعِهَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهَا كَذَلِكَ وَكَلَامُ الشَّيْخِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ هَذَا التَّقْيِيدُ قُلْت وَلَعَلَّ كَلَامَ الْغَيْرِ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْضِعِهَا قَادِرًا عَلَى رَدِّهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا فَهُوَ كَغَيْرِ الْعِلْمِ بِمَوْضِعِهَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
وَلَمَّا كَانَ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ حَقًّا تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلِلْغُرَمَاءِ بَيْعُ الدَّارِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ يَجُوزُ لِغُرَمَاءِ زَوْجِهَا الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعُوا الدَّارَ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا الْمَرْأَةُ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا ابْتِدَاءً لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَثْنُوا مُدَّةَ السُّكْنَى لِلْعِدَّةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ أَوْ يُبَيِّنُوا أَنَّ الدَّارَ تَعْتَدُّ فِيهَا وَيَرْضَى بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنُوا ذَلِكَ وَلَا بَيَّنُوهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً كَمَنْ بَاعَ دَارًا مُؤَجَّرَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (ص) فَإِنْ ارْتَابَتْ فَهِيَ أَحَقُّ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ يَجُوزُ لَهُمْ ابْتِدَاءً أَنْ يَبِيعُوا دَارِهِ وَيَسْتَثْنُوا سُكْنَى مُدَّةِ الْعِدَّةِ أَوْ يُبَيِّنُوا عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ ارْتَابَتْ الْمَرْأَةُ بِحِسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأْخِيرِ الْحَيْضَةِ فَهِيَ أَحَقُّ بِالسُّكْنَى إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَالتَّمَاسُكُ بِهِ لِلضَّرَرِ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَرِدُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ جَوَازُ إخْرَاجِ الْمُعْتَدَّةِ لِشَرِّهَا مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ إلَّا أَنَّ فِي ذَلِكَ نَظَرًا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ التَّابِعَ لِلَّخْمِيِّ قَدْ أَشْكَلَ الْأَمْرَ فِيهَا وَمَسْأَلَةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ثَبَتَ فِيهَا شَرُّهَا
(قَوْلُهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ طَاعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى فِي الْعِصْمَةِ وَتَوَابِعِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ طَاعَتْ مُدَّةَ الْعِصْمَةِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا.
(قَوْلُهُ وَعَادَةُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَبِالتَّرَدُّدِ لِكَذَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ مَتَى تَرَدَّدُوا عَبَّرْت بِتَرَدُّدٌ حَتَّى يَأْتِيَ الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ) فَإِذَا طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ السُّكْنَى وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ مِلْكًا لَهَا قَبْلَهُ وَأَمَّا لَوْ اكْتَرَتْهُ أَوْ مَلَكَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا.
(تَنْبِيهٌ) :
يَدْخُلُ فِي الْخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهِيَ تَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ وَجِيبَةً وَلَمْ تُبَيِّنْ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَ الدُّخُولِ أَنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ.
(تَنْبِيهٌ آخَرُ)
إذَا لَمْ يَثْبُتْ تَمَلُّكُ الزَّوْجَةِ لِلْبَيْتِ الَّذِي سَكَنَتْ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهِ لَهَا فَإِنَّ عَلَى الزَّوْجِ الْكِرَاءَ
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَجْعِيًّا) وَلَوْ طَلَبَ عَوْدَ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لِلْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَتْ تَعْتَدُّ فِيهِ وَامْتَنَعَتْ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا فَإِنْ رَاجَعَهَا وَامْتَنَعَتْ مِنْ الْعَوْدِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا قَبْلَ ارْتِجَاعِهِ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهَا فَلَا يُسْقِطُ امْتِنَاعُهَا لِلْمَسْكَنِ نَفَقَتَهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ مِمَّا اكْتَرَى) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَيُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُكْرٍ
(قَوْلُهُ هَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ وَأَقَامُوا ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ فِيهَا وَإِذَا انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ رَدَّهَا الْإِمَامُ بِالْقَضَاءِ إلَى مَنْزِلِهَا حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا فِيهِ وَلَا كِرَاءَ لَهَا فِيمَا أَقَامَتْ فِي غَيْرِهِ
١ -
. (قَوْلُهُ وَقَيْدُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْغَيْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّ كَلَامَ الْغَيْرِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَقَيْدُ غَيْرِهِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مُقَيَّدٌ أَيْضًا أَيْ كَمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقَيْدُ غَيْرِهِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ) الْإِشَارَةُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ ارْتَابَتْ فَهِيَ أَحَقُّ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ
(قَوْلُهُ وَلِلْغُرَمَاءِ) أَيْ لَا الْوَرَثَةِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ دَيْنٍ وَإِلَّا فَجَائِزٌ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ رَبُّ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلِلْغُرَمَاءِ إلَخْ) قَالَ عج وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِبَيْعِ الدَّارِ فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَمَنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ.
(قَوْلُهُ كَمَنْ بَاعَ) أَيْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا.
(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ فِي الْمُؤَجَّرَةِ وَكَذَا فِي الْمُعْتَدَّةِ فِيهَا مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْبَيَانِ فِيمَا يَظْهَرُ.