اتِّفَاقًا وَفِي مَعْنَاهُ مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ الرَّجُلُ إذَا دَرَّ ثَدْيُهُ
وَقَوْلُهُ (وَاكْتِحَالٌ بِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِوَجُورٍ فَهُوَ مُحْتَرَزُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ الْمُقَدَّرَةُ مَعَهُ مِثْلُهُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ الْأُذُنِ وَمَسَامِّ الرَّأْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهِيَ مَعَاطِيفٌ يُفَرِّقُ مَتْبُوعَاتِهَا ذِهْنُ السَّامِعِ وَقَوْلُهُ (مُحَرِّمٌ) أَيْ نَاشِرٌ لِلْحُرْمَةِ خَبَرُ حُصُولٍ
ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطَ التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ (ص) إنْ حَصَلَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَوْ بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ نَشْرِ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ أَنْ يَحْصُلَ الْوُصُولُ لِلْجَوْفِ فِي الْحَوْلَيْنِ مِنْ وِلَادَتِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ مَا قَرُبَ مِنْهُمَا مِمَّا لَهُ حُكْمُهُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ وَقِيلَ الثَّلَاثَةُ الْأَشْهُرِ وَهَذَا مَا دَامَ مَقْصُورًا عَلَى الرَّضَاعِ أَوْ يَأْكُلُ مَعَهُ مَا يَضُرُّ بِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَلَوْ فُطِمَ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ فِصَالِهِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حَرُمَ لِأَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ لِلَّبَنِ لَكَانَ قُوَّةً فِي غَدَائِهِ وَعَشَائِهِ فَلَوْ فُصِلَ فِصَالًا بَيِّنًا فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ (ش) اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا عَنْ اللَّبَنِ بِالطَّعَامِ فَلَا يَحْرُمُ الرَّضَاعُ حِينَئِذٍ (وَلَوْ) حَصَلَ الِاسْتِغْنَاءُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحَوْلَيْنِ وَسَوَاءٌ اسْتَغْنَى فِيهِمَا بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ قَرِيبَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ فِي بَقَاءِ التَّحْرِيمِ إلَى تَمَامِهِمَا
وَقَوْلُهُ (مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ) أَيْ وَالصِّهْرُ مِثْلُهُ مَفْعُولُ " مُحَرِّمٌ " الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فَكَمَا حَرَّمَ السَّبْعَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] إلَى قَوْلِهِ {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: ٢٣] حَرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] وَقَوْلُهُ مَا حَرَّمَهُ أَيْ الذَّوَاتُ وَالْأَعْيَانُ الَّتِي حَرَّمَهَا النَّسَبُ
(ص) إلَّا أُمَّ أَخِيك أَوْ أُخْتِك وَأُمَّ وَلَدِ وَلَدِك وَجَدَّةَ وَلَدِك وَأُخْتَ وَلَدِك وَأُمَّ عَمِّك وَعَمَّتِك وَأُمَّ خَالِك وَخَالَتِك فَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ (ش) هَذِهِ الْمَسَائِلُ تَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَلَا تَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ الْأُولَى أُمُّ أَخِيك أَوْ أُخْتِك مِنْ النَّسَبِ هِيَ أُمُّك أَوْ زَوْجَةُ أَبِيك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَخَاك أَوْ أُخْتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّك وَلَا زَوْجَةَ أَبِيك الثَّانِيَةُ أُمُّ وَلَدِ وَلَدِك ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِأَنَّهَا إمَّا بِنْتُك نَسَبًا أَوْ زَوْجَةُ ابْنِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَ وَلَدِك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمُحَرِّمِ لَهَا نَسَبًا الثَّالِثَةُ جَدَّةُ وَلَدِك لِأَنَّهَا نَسَبًا أُمُّ أُمِّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك فَمَا حَرُمَتْ إلَّا بِوَصْفِ النَّسَبِ لَك أَوْ لِزَوْجَتِك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك أُمُّهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أُمًّا لَك وَلَا أُمًّا لِزَوْجَتِك الرَّابِعَةُ أُخْتُ وَلَدِك لِأَنَّهَا نَسَبًا بِنْتُك أَوْ بِنْتُ زَوْجَتِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك لَكِنْ بِوَصْفِ النَّسَبِ مِنْك أَوْ مِنْ زَوْجَتِك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَك لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا الَّتِي هِيَ أُخْتُ وَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ عَلَيْك لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمُحَرِّمِ لَهَا نَسَبًا وَخَامِسَتُهَا أُمُّ عَمِّك وَعَمَّتِك لِأَنَّهَا نَسَبًا إمَّا جَدَّتُك لِأَبِيك أَوْ حَلِيلَةُ جَدِّك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ عَمَّك أَوْ عَمَّتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمُحَرِّمِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ الْجُدُودَةُ سَادِسَتُهَا أُمُّ خَالِك وَخَالَتِك لِأَنَّهَا إمَّا جَدَّتُك لِأُمِّك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك لَهَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى مَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ الْبَهِيمَةِ.
(قَوْلُهُ وَمَسَامِّ الرَّأْسِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ أَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الْكَفُّ عَنْ كُلِّ مُفْطِرٍ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ مَتْبُوعَاتُهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ يُدْرِكُ مَتْبُوعَاتِهَا
. (قَوْلُهُ أَوْ بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ زِيَادَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ لَا تُحَرِّمُ. اهـ. بَدْرٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَأْكُلُ مَعَهُ مَا يَضُرُّ بِهِ) مَفْهُومُهُ لَوْ أَكَلَ مَعَهُ مَا لَا يَضُرُّ فَلَا يُحَرِّمُ وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ الرَّضَاعِ.
(قَوْلُهُ لَكَانَ قُوَّةً فِي غِذَائِهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَكْلِ وَحْدَهُ لَضَرَّ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا اسْتَغْنَى غِنًى بَيِّنًا يَكُونُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأَكْلِ وَحْدَهُ لَمْ يَضُرَّهُ.
(قَوْلُهُ بَعِيدَةٍ) أَيْ مِنْ الْوَضْعِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ قَرِيبَةً هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ مَعْنَى قَرِيبَةً كَمَا لَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ كَالشَّهْرِ أَوْ بَعِيدَةٍ كَمَا لَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى (تَتِمَّةٌ) الْحَقُّ فِي الْحَوْلَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ مَعًا فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا رَضَاعَهُ فِيهِمَا لَمْ يُلْتَفَتْ لِمُرِيدِ فِطَامِهِ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى فِطَامِهِ قَبْلَهُمَا كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ خِلَافَ الْمَشْهُورِ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ إلَخْ نَصُّ بَهْرَامَ يُعَيِّنُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الصَّبِيُّ قَدْ فُصِلَ وَاسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ وَأَمَّا إذَا اسْتَغْنَى فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ إذَا فُصِلَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِصَالًا بَيِّنًا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَغْنَى فِي الْحَوْلَيْنِ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ فَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبُغُ فِي الْوَاضِحَةِ يُحَرِّمُ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ. اهـ.
. (قَوْلُهُ أَيْ وَالصِّهْرُ مِثْلُهُ) أَيْ وَالصِّهْرُ مِثْلُ النَّسَبِ فِي التَّحْرِيمِ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَيَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَتْهُ الصُّهَارَةُ وَقَوْلُهُ وَالْأَعْيَانُ مُرَادِفٌ.
(قَوْلُهُ حَرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ} [النساء: ٢٣] إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ إلَّا لَوْ كَانَ ذَكَرَ فِي الْآيَةِ السَّبْعَ مِنْ الرَّضَاعِ فَفِي عِبَارَةِ عب وَسَبْعُ الرَّضَاعِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا صَرِيحًا مَعَ آيَةِ تَحْرِيمِ النَّسَبِ إلَّا الْأُمَّ وَالْأُخْتَ وَأَمَّا الْبِنْتُ مِنْ الرَّضَاعِ فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ {وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] وَلَمْ يَكْتَفِ بِدُخُولِ أُمِّ الرَّضَاعِ وَأُخْتِهِ فِي آيَةِ النَّسَبِ كَالْبِنْتِ لِقُوَّةِ اتِّصَالِ الْبِنْتِ بِأَبِيهَا أَقْوَى مِنْ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الرَّضَاعِ إنَّمَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهَا بِخَبَرِ «يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ» . اهـ.
وَتَأَمَّلْ فِي قَوْلِهِ لِقُوَّةِ اتِّصَالِ الْبِنْتِ إلَخْ
. (قَوْلُهُ مِنْ النَّسَبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُخْتُك أَيْ أُخْتُك مِنْ النَّسَبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ وَالْعَمَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ وَالْمَوْصُوفُ بِالتَّحْلِيلِ الْأُمُّ مَثَلًا مِنْ الرَّضَاعِ.
(قَوْلُهُ الثَّانِيَةُ أُمُّ وَلَدِ وَلَدِك إلَخْ) وَأَمَّا