للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ عَلَفُ دَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ رَقِيقَةِ وَإِلَّا بِيعَ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حَصْرَ أَسْبَابِ النَّفَقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِسَبَبِ النِّكَاحِ أَشَارَ إلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْأَصَالَةِ إلَّا بِسَبَبِ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَيَكُونُ رَقِيقَ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُمَا لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْبِرِّ لَهُمَا وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ وَبِالْقَرَابَةِ عَلَى الْمُوسِرِ أَيْ فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرَابَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَصَبَّهُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ أَيْ إنَّمَا يَجِبُ لِلرَّقِيقِ النَّفَقَةُ لَا التَّزْوِيجُ أَوْ الْحَجُّ أَوْ الْبَيْعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ

(ص) وَإِلَّا بِيعَ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ بِيعَ مَا يُبَاعُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَكَاةِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِلَّا بِيعَ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقِيلَ تُزَوَّجُ وَقِيلَ تَعْتِقُ وَاخْتِيرَ وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ فَيُقَالُ لَهُمَا اخْدِمَا بِمَا يُنْفَقُ عَلَيْكُمَا إنْ كَانَ لَهُمَا خِدْمَةٌ وَإِلَّا عَتَقَا وَأَمَّا قَوْلُهُ (كَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ) أَيْ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَأَمَّا الْمَرَّةُ وَالْمَرَّتَانِ فَلَا يُبَاعُ لِذَلِكَ وَمَحَلُّ الْبَيْعِ مَا لَمْ يُرْفَعْ الضَّرَرُ وَإِلَّا فَيُجْبَرُ حِينَئِذٍ عَلَى الْبَيْعِ

(ص) وَيَجُوزُ مِنْ لَبَنِهَا مَا لَا يَضُرُّ بِنِتَاجِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَالِكِ الدَّابَّةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لَبَنِهَا مَا لَا يَضُرُّ بِنِتَاجِهَا فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهِ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ

(ص) وَبِالْقَرَابَةِ عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا الْمُوسِرِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣] وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبَوَانِ صَحِيحَيْنِ أَوْ زَمِنَيْنِ، مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ

(ص) وَأَثْبَتَا الْعُدْمَ لَا بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي لَوْ طَلَبَ الْأَبَوَانِ نَفَقَتَهُمَا مِنْ الْوَلَدِ فَقَالَ لَهُمَا لَا يَلْزَمُنِي لَكُمَا نَفَقَةٌ لِأَنَّكُمَا غَنِيَّانِ وَخَالَفَاهُ فِي ذَلِكَ وَادَّعَيَا الْعُدْمَ فَعَلَيْهِمَا أَنْ يُثْبِتَا فَقْرَهُمَا لِتَقَدُّمِ الْغِنَى وَالْمَشْهُورُ أَنَّ إثْبَاتَ الْعُدْمِ يَكُونُ بِعَدْلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي بَابِ الْفَلَسِ أَنَّ الْعُدْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ فَالتَّرَدُّدُ لَا مَحَلَّ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِمَا يَمِينًا فِي غَيْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ الرَّقِيقِ الْمُخْدَمِ عَلَى مُخْدَمِهِ بِفَتْحِ الدَّالِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حَصْرَ أَسْبَابِ النَّفَقَاتِ) أَيْ بَقِيَّةَ أَسْبَابِ النَّفَقَاتِ.

(قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَصْرُ الْبَاقِي فِي الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَالْمَعْنَى إنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةِ فَالْحَصْرُ فِيهِمَا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَصَبَّهُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ) أَقُولُ هَذَا الْوَجْهُ بَعِيدٌ يُبْعِدُهُ عَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقْرَأَ وَدَابَّتُهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَصْرُ بِاعْتِبَارِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ أَيْ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ لَا رَقِيقِ رَقِيقِهِ فَنَفَقَةُ رَقِيقِ رَقِيقِهِ عَلَى رَقِيقِهِ لَا عَلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى فَالْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ دَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى وَيُرَادُ بِالدَّابَّةِ الْأَعَمُّ مِنْ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ هِرَّةً عَمِيَتْ وَانْقَطَعَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى الِانْصِرَافِ فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا لِأَنَّ لَهُ طَرْدَهَا وَكَلْبًا مَأْذُونًا لَهُ فِي اتِّخَاذِهِ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ) حَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَوْعَبَ أَسْبَابَ النَّفَقَةِ الثَّلَاثَةِ أَيْ ذَكَرَهَا بِتَمَامِهَا فَيُعْلَمُ مِنْهُ الْحَصْرُ فِيهَا فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِلْحَصْرِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحَصْرَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِبَيَانِ الْأَسْبَابِ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ كُلْفَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى رَقِيقِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ تَجِبُ لِعَدَمِ الْمَرْعَى (قَوْلُهُ بِيعَ) مَا يُبَاعُ إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ وَكَانَ مِمَّا يُبَاعُ وَإِلَّا وُهِبَ أَوْ أُخْرِجَ عَنْ مِلْكِهِ يَوْمًا مَا أَوْ ذَكَاةِ مَا يُؤْكَلُ.

(قَوْلُهُ بِمَا يُنْفِقُ عَلَيْكُمَا) أَيْ بِنَفَقَةٍ تُنْفَقُ عَلَيْكُمَا.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهَا خِدْمَةٌ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُمَا قُوَّةٌ عَلَى الْخِدْمَةِ وَوَجَدَا مَنْ يَخْدُمَانِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَتَقَا) الْمُنَاسِبُ أُعْتِقَا فَلَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ كَتَكْلِيفِهِ أَيْ الْمَمْلُوكِ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ مَا لَا يُطِيقُهُ) الْمُرَادُ مَا لَا يُطِيقُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا لَا يُطِيقُهُ أَصْلًا كَيْفَ يُكَلَّفُ بِهِ (تَتِمَّةٌ) مَنْ كَانَ لَهُ شَجَرٌ يَضِيعُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ بِتَضْيِيعِ الْمَالِ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَتِهِ وَلَمْ نَسْمَعْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْ لَبَنِهَا إلَخْ) وَكَذَا مِنْ لَبَنِ الْأَمَةِ مَا لَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا بِالْأَوْلَى

. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ} [الإسراء: ٢٣] إلَخْ) تَأَمَّلْ وَجْهَ الدَّلَالَةِ فَإِنَّ الْإِحْسَانَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَتَحَقَّقُ بِمُطْلَقِ إحْسَانٍ.

(قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ إلَخْ) لَكِنْ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَعَلَى الْكَبِيرِ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِخِطَابِهِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَكِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى وَالِدَيْهِ بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجَاتِهِ وَلَوْ أَرْبَعًا لَا عَنْ نَفَقَةِ خَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ وَيَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ لَهُمَا وَلَا يُلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِمَا

. (قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ الْغِنَى) أَيْ غِنَى الْأَبَوَيْنِ عَنْ الْوَلَدِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي تَرَدَّدَ يَقُولُ أَنَّهُ يَئُولُ لِلْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ النَّفَقَةَ فَقَدْ آلَ إلَى الْمَالِ.

(قَوْلُهُ فَالتَّرَدُّدُ لَا مَحَلَّ لَهُ) أَيْ تَرَدَّدَ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ شَيْخُ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِمَا إلَخْ) أَيْ لَيْسَ يَمِينٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِثْبَاتِ الْعُدْمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هُنَاكَ يَمِينَ اسْتِظْهَارٍ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ لَيْسَ هُنَاكَ يَمِينٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِثْبَاتِ الْعُدْمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هُنَاكَ يَمِينَ اسْتِظْهَارٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُصَنِّفِ وَأَثْبَتَا الْعُدْمَ بِعَدْلَيْنِ لَا بِيَمِينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>