(ص) وَهَلْ الْمُوَالَاةُ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ (ش) الْفَرِيضَةُ السَّادِسَةُ الْمُوَالَاةُ وَهِيَ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْمُجَاوَرَةِ فِي الْأَجْسَامِ وَالْأَمَاكِنِ مَجَازٌ فِي الْأَفْعَالِ وَمِنْهُ الْوَلَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالتَّوَالِي وَشَرْعًا عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِأَفْعَالِ الطَّهَارَةِ فِي زَمَنٍ مُتَّصِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فَاحِشٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْفَوْرِ وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَسَدُّ لِاقْتِضَائِهَا الْفَوْرِيَّةَ فِيمَا بَيْنَ الْأَعْضَاءِ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ تُعْطِي وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ أَوَّلَ الْوَقْتِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْمُوَالَاةِ بِالسُّنِّيَّةِ وَسَيَأْتِي وَبِالْوُجُوبِ فِي الْمَغْسُولِ وَالْمَمْسُوخِ الْبَدَلِيِّ وَالْأَصْلِيِّ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ ذَكَرَ وَقَدَّرَ سَاقِطَةً مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ كَمَا شَهَرَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَّرَ عَدَمَ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا مَعَ أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا فِي حَقِّهِ وَاجِبَةٌ وَإِلَّا كَانَ يَبْنِي أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا لَمْ يَبْنِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ التَّفْرِيطِ بِخِلَافِ النَّاسِي
(ص) وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ لُمْعَةً مِنْهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى وُضُوئِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَغْسِلُ ذَلِكَ الْعُضْوَ أَوْ اللُّمْعَةَ وُجُوبًا طَالَ أَوْ لَمْ يُطِلْ يُرِيدُ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ أَوْ تِلْكَ اللُّمْعَةِ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَفْرُوضَةً كَانَتْ أَوْ مَسْنُونَةً هَذَا إنْ ذَكَرَ بِالْقُرْبِ قَبْلَ جَفَافِ أَعْضَائِهِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الطُّولِ بِجَفَافِ أَعْضَائِهِ لَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ وَلَا مَا بَعْدَ تِلْكَ اللُّمْعَةِ وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذَا التَّفْصِيلِ بِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْكَلَامِ مِنْ إعَادَةِ الْمُنَكِّسِ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا فَيُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُنَكِّسِ وَالْمَنْسِيِّ فِي الْإِعَادَةِ سَوَاءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحُكْمَ إعَادَةِ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيِّ السُّنِّيَّةُ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ حُصُولِ التَّرْتِيبِ وَشَرْطُ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ بِنِيَّةِ هَذَا حُكْمُ النَّاسِي وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ إكْمَالِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فِي الْمُجَاوَرَةِ) أَيْ وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَالْأَمَاكِنِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَأَرَادَ بِهَا بُقَعَ الْأَرْضِ كَأَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْبُقْعَةُ تَلِي هَذِهِ الْبُقْعَةَ وَيَبْعُدُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْأَمَاكِنَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ أَنَّهَا الْفَرَاغَاتُ الْمُتَوَهَّمَةُ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْأَفْعَالِ) أَيْ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ كَأَنْ تَقُولَ: هَذَا الْفِعْلُ يَلِي هَذَا الْفِعْلَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الْمُوَالَاةِ أُخِذَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ الْوَلَاءُ تَقُولُ: وَالَى بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مُوَالَاةً وَوَلَاءً تَابَعَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالَاهُ مُوَالَاةً وَوَلَاءً مِنْ بَابِ قَاتَلَ تَابَعَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّوَالِي) تَقُولُ تَوَالَى تَوَالِيًا أَيْ تَتَابَعَ فَالتَّوَالِي التَّتَابُعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ فِعْلُهُ لَازِمٌ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَفِعْلُهُ أُتِيَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: مُتَّصِلٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فَاحِشٍ أَيْ بِدُونِ تَفْرِيقٍ أَصْلًا أَوْ مَعَ تَفْرِيقٍ غَيْرِ مُتَفَاحِشٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَلَوْ عَمْدًا اتِّفَاقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَإِذَا لَمْ يَضُرَّ فَيُكْرَهُ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يُحَدُّ هَذَا الْيَسِيرُ هُنَا بِعَدَمِ الْجَفَافِ كَمَا فِي حَقِّ الْعَاجِزِ بَلْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ عُذْرِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ عَدَمِ الْبَيَانِ وَرَدَّهُ عج بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الشُّيُوخِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الطُّولَ فِي حَقِّ الْعَامِدِ كَالْعَاجِزِ.
(قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا الْفَوْرِيَّةَ فِيمَا بَيْنَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُفَاعَلَةِ الْمُقْتَضِي لِتَوَالِي أُمُورٍ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْفِعْلِ الْأَوَّلِ) فِي كَوْنِهِ يُوَالِي غَيْرَهُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِمْ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ الْفَوْرِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ بِفِعْلٍ فَوْرًا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ عَمَّا قَبْلَهُ أَيْ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ يَبْنِي أَيْضًا) أَيْ مَعَ الطُّولِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ عَلَى مَا يَأْتِي مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ شَكَّ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَامُحِ إذْ لَا عَجْزَ حَقِيقَةً نَعَمْ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَأُهْرِيقَ أَوْ أَهْرَاقَهُ غَيْرُهُ أَوْ غَصَبَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيطٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا يُقَالُ عَجَزْت بِفَتْحِ الْجِيمِ أَعْجِزُ بِكَسْرِهَا هَذِهِ لُغَةُ الْقُرْآنِ وَيُقَالُ بِعَكْسِهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْنِي مَعَ الْقُرْبِ فَالنِّيَّةُ مُسْتَصْحَبَةٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلِاسْتِئْنَافِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بَنَى وَالْبَاءُ فِي بِجَفَافِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَا لَمْ يَطُلْ طُولًا مُقَدَّرًا بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ وَكَذَا قَوْلُهُ بِزَمَنِ أَوْ أَنَّ بَاءَ بِجَفَافِ لِلْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ بِزَمَنٍ لِلظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ التَّقْرِيرِ الْحَطَّابَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي وَيَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى تَرْكِ الْمُوَالَاةِ بَلْ صُورَةُ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ كَمَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَحْصُلُ لَهُ نِسْيَانٌ فَيَتْرُكُ الْغَسْلَ فَيَبْنِي مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ عَاجِزًا فَيَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْنِي) أَيْ يُبَاحُ لَهُ الْبِنَاءُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ وَقَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ السُّنِّيَّةَ وَرَدَّهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْإِبَاحَةُ فَلَا يُسَنُّ الْبِنَاءُ بَلْ وَلَا يُنْدَبُ.
(تَنْبِيهٌ) : اُخْتُلِفَ هَلْ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ ثَانِيًا خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ وَأَنَّ مَنْ نَسِيَ ثَانِيًا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَامِدِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا طَالَ تَبْطُلُ طَهَارَتُهُ (قَوْلُهُ: مَفْرُوضَةً) الْأَوْلَى مَفْرُوضًا أَيْ كَانَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ مَفْرُوضًا أَوْ مَسْنُونًا لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ التَّبَعِ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّهُ لَا يُعِيدُ لِذَلِكَ وَحُكْمُهُ إعَادَةُ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيِّ أَيْ مَرَّةً فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَاجِزُ) حَاصِلُ مَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ النَّاسِيَ وَمِثْلَهُ الْمُكْرَهُ عَلَى التَّفْرِيقِ وَانْظُرْ بِمَاذَا يَكُونُ الْإِكْرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ يَبْنِيَانِ مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا وَمَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا وَمِثْلُهُ ظَنًّا فَلَا يَبْنِي طَالَ أَمْ لَا وَمِثْلُهُمَا مَنْ تَعَمَّدَ التَّفْرِيقَ، وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَصُورَتَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute