للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا يَلِيقُ بِهِمْ مِنْ التَّكَلُّفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَمُلَابَسَةِ الْأَقْذَارِ وَتَحَمُّلِ الدَّنَاءَةِ انْتَهَى شَرَعَ فِي صِفَاتِهَا الْمُحَصِّلَةِ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَشَرْطُ الْحَاضِنِ الْعَقْلُ (ش) أَيْ وَشَرْطُ الشَّخْصِ الْحَاضِنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْعَقْلُ فَلَا حَقَّ فِي الْحَضَانَةِ لِمَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ وَلَا لِمَنْ بِهِ طَيْشٌ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى فِي قَوْلِهِ لَا كَمُسِنَّةٍ لِكَوْنِهَا الْأَصْلَ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ شُرُوطٌ أَوَّلُهَا الْعَقْلُ إلَخْ وَ " مَنْ " مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّ الذَّكَرَ لَوْ كَانَ مُسِنًّا عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ فِيهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْعَمَى وَالْخَرَسَ وَالصَّمَمَ وَمِنْ شَرْطِ الْحَاضِنِ أَيْضًا عَدَمُ الْقَسْوَةِ فَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ قُدِّمَ عَلَيْهِ الْأَبْعَدُ وَالْأَجْنَبِيُّ (ص) وَالْكِفَايَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِيهِ كِفَايَةٌ لِلْقِيَامِ بِالطِّفْلِ وَبِأُمُورِهِ فَالْعَاجِزُ لَا يَكُونُ حَاضِنًا وَلِهَذَا قَالَ (لَا كَمُسِنَّةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَلَغَتْ مِنْ السِّنِّ مَا لَا تَقُومُ مَعَهُ بِأُمُورِ الْمَحْضُونِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ كَبِنْتِ سِتِّينَ سَنَةً فَصَاعِدًا فَإِنَّ حَقَّهَا يَسْقُطُ فَقَوْلُهُ لَا كَمُسِنَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ ثَبَتَتْ الْحَضَانَةُ لِلْقَادِرِ لَا كَمُسِنَّةٍ أَيْ أَقْعَدَهَا السِّنُّ وَإِلَّا فَلَهَا الْحَضَانَةُ وَقَوْلُهُ لَا كَمُسِنَّةٍ أَيْ نَفْسٍ مُسِنَّةٍ لِيَشْمَلَ الذَّكَرَ

(ص) وَحِرْزُ الْمَكَانِ فِي الْبِنْتِ يُخَافُ عَلَيْهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْحَاضِنِ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ الَّذِي يَسْكُنُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِنْتِ حِرْزًا مَصُونًا كَأَنْ يَخْشَى عَلَى الْبِنْتِ الْفَسَادَ فَالصَّبِيُّ وَالْبِنْتُ الَّتِي لَمْ يَبْلُغَا سِنًّا يَخَافُ عَلَيْهِمَا الْفَسَادُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذَلِكَ قَوْلُهُ يُخَافُ عَلَيْهَا حَالٌ مِنْ الْبِنْتِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَارِنَةً وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَدَّرَةً مُنْتَظِرَةً وَقَوْلُهُ يَخَافُ عَلَيْهَا أَيْ الْفَسَادَ إذَا بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ، أَوْ سَرِقَةَ مَالِهَا مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْبِنْتِ بِذَلِكَ بَلْ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ حَيْثُ يَخَافُ عَلَيْهِ كَمَا اسْتَقْرَأَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا وَآخِرًا

(ص) وَالْأَمَانَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَلَوْ كَانَ أَبًا أَوْ أُمًّا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ فَرُبَّ أَبٍ شِرِّيبٍ يَذْهَبُ يَشْرَبُ وَيَتْرُكُ ابْنَتَهُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ الْأَبْعَدُ (ص) وَأَثْبَتَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَأَنَّهُ يُخْشَى عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْهُ الْفَسَادُ وَقَالَ الْحَاضِنُ بَلْ أَنَا مَأْمُونٌ وَمِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ وَالصِّيَانَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَارَ مُدَّعِيًا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ مِنْ التَّكَلُّفِ) تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ فِي الْقِيَامِ بِشَأْنِهِنَّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ) أَيْ مُعَامَلَاتِ الْحَاضِنِ لِلْمَحْضُونِ فِي حِفْظِ شَأْنِهِ وَقَوْلُهُ وَمُلَابَسَةُ الْأَقْذَارِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعَامَلَاتِ (قَوْله وَتَحَمُّلِ الدَّنَاءَةِ) هِيَ مُلَابَسَةُ الْأَقْذَارِ.

(قَوْلُهُ الْمُحَصِّلَةِ لِذَلِكَ) أَيْ لِوُفُورِ الصَّبْرِ.

(قَوْلُهُ لِمَنْ بِهِ طَيْشٌ) أَيْ عِنْدَهُ خِفَّةُ عَقْلٍ تَحْمِلُهُ عَلَى التَّعَسُّفِ فِي الْأُمُورِ وَارْتِكَابِ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي.

(قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ وَبِهَذَا التَّعْمِيمِ الْمُؤَيِّدِ لِمَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ وَبِقَوْلِنَا وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهَا الْأَصْلُ سَقَطَ مَا قِيلَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إذَا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْكِفَايَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ الْعَقْلُ وَالْكِفَايَةُ فَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَرْطَ الْكِفَايَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُنْثَى لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا كَمُسِنَّةٍ وَأَمَّا الذَّكَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْكِفَايَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ تَصِحُّ مِنْهُ الْحَضَانَةُ وَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ شَرْطَ الْكِفَايَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهَا الْأَصْلُ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ الْجَوَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلذَّكَرِ الْمُسِنِّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي اللُّبَابِ وَلَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ شَارِحِنَا اعْتِمَادُ خِلَافِهِ وَهُوَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْأُنْثَى الْمُسِنَّةِ وَالرَّجُلِ الْمُسِنِّ لَا حَضَانَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ قَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ شُرُوطٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِفَقْدِهَا ضَرَرٌ بِالْمَحْضُونِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ بِفَقْدِهَا ضَرَرُ الْمَحْضُونِ فَهِيَ شُرُوطٌ لِمُبَاشَرَةِ الْحَضَانَةِ فَالْمَجْذُومُ وَنَحْوُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَلَوْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لَهَا عِنْدَهُ غَيْرَهُ لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِهِ بِالْمَحْضُونِ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ وَأَمَّا الْمُسِنُّ الَّذِي لَهُ مَنْ يَحْضُنُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَوْ كَانَ مُسِنًّا إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَالْأُنْثَى إذَا كَانَتْ مُسِنَّةً تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إلَّا أَنَّكَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ إذَا تَأَمَّلْت تَجِدَ كَلَامَ الشَّارِحِ صَحِيحًا وَذَلِكَ لِأَنَّ شَأْنَ الْحَاضِنَةِ الْأُنْثَى أَنَّهَا الَّتِي تُبَاشِرُ الصَّبِيَّ وَقَدْ اشْتَرَطْنَا فِي الذَّكَرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْضُنُ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الذَّكَرُ فِيهِ الْكِفَايَةُ بَلْ وَلَوْ كَانَ عَاجِزًا لِأَنَّ الْحَاضِنَ حَقِيقَةً الْمَرْأَةُ الَّتِي تَحْضُنُ.

(قَوْلُهُ أَيْ نَفْسٌ مُسِنَّةٌ) هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى نَسَقِ أَنَّهُ جَوَابٌ ثَانٍ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَقُولَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى أُنْثَى لِأَنَّهَا الْأَصْلُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَا كَمُسِنَّةٍ أَيْ نَفْسٍ مُسِنَّةٍ فَتَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى

(قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذَلِكَ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إلَّا إذَا بَلَغَا حَدَّ الْفَسَادِ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مُقَدَّرَةً مُنْتَظِرَةً) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا قُلْنَاهُ مِنْ الْمَعْنَى لَا تَكُونُ الْحَالُ إلَّا مُقَارِنَةً وَقَوْلُهُ إذَا بَلَغَتْ إلَخْ هَذَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ حَالًا مُنْتَظِرَةً وَمُقَدَّرَةً هُوَ مَعْنَى مُنْتَظِرَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةَ مَالِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْفَسَادِ

. (قَوْلُهُ وَالْأَمَانَةُ) أَيْ فِي الدِّينِ فَقَطْ لَا لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَتَهَا لِئَلَّا يَصِيرَ قَوْلُهُ وَرُشْدٌ ضَائِعًا (قَوْلُهُ شِرِّيبٍ) أَيْ كَثِيرِ شُرْبِ الْخَمْرِ.

(قَوْلُهُ وَأَثْبَتَهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ الْأَمَانَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُ ذَهَبَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الْوَاجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَمَانَةِ فَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً بِهَا حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ الْأَمَانَةِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُدَّعِيًا) أَيْ مُدَّعِيًا لِلْأَمَانَةِ وَقَوْلُهُ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ أَيْ لِأَجْلِ الْجَرَيَانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ هِيَ مِنْ شَأْنِ الْمُدَّعِي أَنْ يَثْبُتَ مَا ادَّعَاهُ وَقَوْلُهُ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>