وَلَا يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ مِنْ حَاضِنَتِهِ وَقَوْلُهُ (حَلَفَ) أَيْ الْوَلِيُّ أَنَّهُ يُرِيدُ بِسَفَرِهِ النُّقْلَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ أَخَذَهُ وَحَلَفَ وَقَوْلُهُ (سِتَّةَ بُرُدٍ) ظَرْفٌ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ عَامِلُهُ يُسَافِرُ وَتُسَافِرُ فَهُوَ شَامِلٌ لِسَفَرِ الْوَلِيِّ وَلِسَفَرِ الْحَاضِنَةِ فَالسَّفَرُ الَّذِي يَقْطَعُ الْحَضَانَةَ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ الْحَاضِنَةِ هُوَ مَا كَانَ مِقْدَارَ سِتَّةِ بُرُدٍ فَأَكْثَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا أَقَلَّ كَمَا يَأْتِي (ص) وَظَاهِرُهُ بَرِيدَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ سَفَرَ الْبَرِيدَيْنِ يَكُونُ كَافِيًا فِي قَطْعِ الْحَضَانَةِ إذَا سَافَرَ الْوَلِيُّ أَوْ سَافَرَتْ الْحَاضِنَةُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ بَرِيدَيْنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مَسَافَةَ بَرِيدَيْنِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَجْرُورًا وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ بَرِيدَانِ بِالْأَلِفِ وَأَصْلُهُ وَمُوجَبُ ظَاهِرِهَا بَرِيدَانِ (ص) إنْ سَافَرَ لِأَمْنٍ وَأَمِنَ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ فِيهِ بَحْرٌ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إنْ سَافَرَ يَعُودُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الَّذِي لَا يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ سَافَرَ بِالْمَحْضُونِ إلَى بَلَدٍ مَأْمُونٍ وَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً يُسْلَكُ فِيهَا بِالْمَالِ وَالْحَرِيمِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: ٢٢] وَيُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَطَبُ الْبَحْرِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ فَقَوْلُهُ إنْ سَافَرَ إلَخْ شُرِطَ فِي مَفْهُومِ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ أَخَذَهُ إنْ سَافَرَ إلَخْ (ص) إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ أَيْ الْحَاضِنَةُ مَعَهُ أَيْ مَعَ الْمَحْضُونِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَلَا تُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَمَّا كَانَ الضَّمِيرُ فِي سَافَرَ وَأَمِنَ مُفْرَدًا مُذَكَّرًا عَائِدًا عَلَى الْوَلِيِّ أُبْرِزَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَى الْحَاضِنِ لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الضَّمِيرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ اللَّبْسُ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَفْهُومِ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ سَفَرَ نُقْلَةٍ لَا تِجَارَةٍ سِتَّةَ بُرُدٍ رَاجِعًا لِسَفَرِهِمَا كَانَ قَوْلُهُ: (لَا أَقَلَّ) مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ بَرِيدَيْنِ عَلَى الثَّانِي؛ رَاجِعًا لَهُمَا أَيْضًا فَلَا يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ وَلَا تَتْرُكُهُ الْحَاضِنَةُ إذَا سَافَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا أَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ
(ص) وَلَا تَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا
ــ
[حاشية العدوي]
الَّذِي فِيهِ وَالِدُهُمْ وَأَوْلِيَاؤُهُمْ إلَّا مَا قَرُبَ كَالْبَرِيدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَبْلُغُ الْأَبَ وَالْأَوْلِيَاءَ خَبَرُهُمْ ثُمَّ إنَّ لَهَا أَنْ تُقِيمَ هُنَاكَ. اهـ.
وَأَفَادَ أَوَّلًا مَا ذَكَرَهُ عب وَنَصُّهُ لَا تِجَارَةَ أَوْ نُزْهَةَ أَوْ طَلَبَ مِيرَاثٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا تَأْخُذُهُ أَوْ يَسْقُطُ حَقُّ الذَّاتِ الْحَاضِنَةِ بِسَفَرِهَا لِلتِّجَارَةِ بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا وَلَوْ بَعُدَ بِإِذْنِ أَبِيهِ فِيهِمَا وَوَصِيِّهِ فِي الْبَعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ سَافَرَتْ بِهِ إنْ خِيفَ بِتَرْكِهَا لَهُ ضَيْعَةٌ قَالَ الْحَطَّابُ بَلْ الظَّاهِرُ وَإِنْ لَمْ تَخَفْ عَلَيْهِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاضِنَةِ أَنْ تُسَافِرَ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبِ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا فَإِنْ سَافَرَتْ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ فِي الْبَعِيدِ وَأَمَّا الْقَرِيبُ فَلَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَقُولُ) وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ التَّقْيِيدُ بِقُرْبِ الْمَوْضِعِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُفَادَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ السَّفَرُ لِلتِّجَارَةِ فَلَهَا السَّفَرُ وَلَوْ سِتَّةَ بُرُدٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَإِنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ يَجُوزُ لَهَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَلَوْ خَمْسَةَ بُرُدٍ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَ يُتْبَعُ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ الْوَلِيُّ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَصْدُ اسْتِيطَانٍ وَكَذَا الذَّاتُ الْحَاضِنَةُ تَحْلِفُ أَنَّهَا تُرِيدُ سَفَرَ تِجَارَةٍ وَنَحْوَهَا يَبْقَى بِيَدِهَا.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا إلَخْ) ضَعِيفٌ وَقَدْ عَلِمْتَ لَفْظَهَا.
(قَوْلُهُ أَيْ مَسَافَةَ بَرِيدَيْنِ) أَيْ كَائِنَةً مَسَافَةَ بَرِيدَيْنِ لِأَنَّ مَسَافَةَ ظَرْفٌ وَهُوَ مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ وَيَصِحُّ جَعْلُ الْخَبَرِ مَسَافَةً وَيَكُونُ نَصْبُهُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ جِنِّي وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى مَا قِيلَ فِي زَيْدٌ عِنْدَك هَكَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَسَافَةَ مُتَصَرِّفٌ فَهُوَ مَفْعُولٌ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَجْرُورًا) هَذَا خِلَافُ الْكَثِيرِ لِأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَبْقَى الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ مُمَاثِلًا لِمَا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ نَحْوُ
وَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْخَيْرِ يَتْرُكُهُ الْفَتَى ... وَلَا الشَّرِّ يَأْتِيهِ امْرُؤٌ وَهُوَ طَائِعٌ
أَيْ وَلَا مِثْلَ الشَّرِّ وَهُنَا لَا عَطْفَ لِأَنَّ هُنَا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ نَحْوُ {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [الأنفال: ٦٧] بِالْجَرِّ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَدَمُ مُمَاثَلَةِ الْمَحْذُوفِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ثَانِيهِمَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْطُوفًا أَصْلًا كَمَا فِي الْآيَةِ وَالْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ وَمُوجَبٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ مُقْتَضَى ظَاهِرِهَا بَرِيدَانِ أَيْ أَصْلُ الْعِبَارَةِ أَيْ قُلْت بَرِيدَيْنِ أَوْ بَرِيدَانِ فَقَوْلُهُ بَرِيدَانِ أَيْ أَوْ بَرِيدَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِلَفْظِ مُوجَبٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الظَّاهِرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بَرِيدَانِ.
(قَوْلُهُ إنْ سَافَرَ لِأَمْنٍ إلَخْ) أَيْ تَغْلِبُ السَّلَامَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقِ وَالْبَلَدِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَنْزِعْهُ الْوَلِيُّ وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ يُعْتَبَرَانِ أَيْضًا فِي سَفَرِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا كَوْنُهُ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ وَغَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْإِسَاءَةِ عَلَيْهَا وَكَوْنُ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ قَرِيبًا لَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِهَا خَبَرُهَا وَكَوْنُهُ حُرًّا وَتُقَامُ الْأَحْكَامُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ أَنْ يَكُونَ بَرًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ بَحْرًا فَلَا يُسَافِرُ بِهِ.
(قَوْلُهُ {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: ٢٢] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ السَّفَرَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كَائِنٌ مِنْ اللَّهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ وَيُقَيِّدُ هَذَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَمِنَ فِي الطَّرِيقِ.
(قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الضَّمِيرُ فِي سَافَرَ إلَخْ) رَوْحُ الْأَخْبَارِ قَوْلُهُ عَائِدًا عَلَى الْوَلِيِّ أُبْرِزَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَى الْحَاضِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ الْفَاعِلُ أُبْرِزَ فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ الْعَائِدُ إلَى الْحَاضِنَةِ بِالتَّاءِ
. (قَوْلُهُ وَلَا تَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ) أَشْعَرَ لَفْظُ الْعَوْدِ أَنَّ الْحَضَانَةَ كَانَتْ وَاجِبَةً لِمَنْ حَدَثَ لَهَا الطَّلَاقُ وَالتَّزَوُّجُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَهَا ابْتِدَاءً لِتَقَدُّمِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا شَرْعًا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأُمِّ ثُمَّ طَلَقَتْ تِلْكَ الْغَيْرُ كَانَتْ لَهَا