وَلَمْ يُخْرِجْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْوِيُّ هُوَ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ إذَا كَانَ مُوجِبُهَا وَاحِدًا وَاجْتَمَعَتْ تَدَاخَلَ حُكْمُهَا وَنَابَ مُوجِبُ أَحَدِهَا عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا الْأَفْرَادُ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُوصَفُ بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاهِيَّةُ وَلِذَا أَعَادَهُ نَكِرَةً بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ مَعْرِفَةً وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَوْ نَوَى حَدَثًا غَيْرَ مُخْرِجٍ سِوَاهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ مَنْ نَسِيَ حَدَثًا وَذَكَرَ غَيْرَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَأَوَّلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَآخِرُهُ مُتَعَارِضَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومٌ آخِرَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا أُخْرِجُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ بَلْ لَوْ تَذَكَّرَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ.
(ص) أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى بِطُهْرِهِ مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الْأَعَمَّ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ صَرْفُ النِّيَّةِ لِلْخَبَثِ لَمْ يَرْتَفِعْ الْحَدَثُ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ لَا بِقَيْدِ الْأَعَمِّيَّةِ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ لِأَنَّ قَرِينَةَ فِعْلِهِ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَلِذَا قَالَ فِيهَا مَنْ تَوَضَّأَ لِيَكُونَ عَلَى طُهْرٍ أَجْزَأَهُ.
(ص) أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا نُدِبَتْ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ فِعْلِ مَا نُدِبَتْ لَهُ الطَّهَارَةُ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ النَّوْمِ وَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ يَصِحُّ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ فَلَمْ يَتَضَمَّنْ الْقَصْدُ إلَيْهِ الْقَصْدَ لِرَفْعِ الْحَادِثِ كَمَا تَضَمَّنَهُ الْقَصْدُ إلَى مَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ وَلَا يُقَالُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ اسْتِبَاحَةً مُسَامَحَةً لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِدُونِ الطَّهَارَةِ وَمَا نُدِبَتْ لَهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِدُونِهَا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ.
(ص) أَوْ قَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْأَكْبَرِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ لَا تَرَدُّدَ فِيهَا فَتَطَهَّرَ وَعَلَّقَ نِيَّتَهُ وَلَمْ يَجْزِمْهَا وَقَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ هَذَا الطُّهْرُ فَلَا يُجْزِئُهُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَيُجْزِئُ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَنَوَى الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْبَوْلِ وَأَخْرَجَ الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْغَائِطِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ بِأَنْ يُقَالَ: نَوَى حَدَثًا أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصْفِ أَوْ الْمَنْعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: مُوجِبُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوُضُوءُ وَقَوْلُهُ وَنَابَ مُوجِبُ إلَخْ تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: الْأَفْرَادُ) أَيْ أَفْرَادُ الْخَارِجِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: الْمَاهِيَّةُ) أَيْ مَاهِيَّةُ الْخَارِجِ الْكُلِّيَّةُ أَيْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ وَهُوَ الْمَنْعُ أَوْ الْوَصْفُ الْكُلِّيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاهِيَّةُ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْفَرْضُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنْعِ أَوْ الْوَصْفِ الْجُزْئِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: نَسِيَ حَدَثًا وَذَكَرَ غَيْرَهُ) تَيَقَّنَ حُصُولَهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِمَا أَوْ تَيَقَّنَ حُصُولَ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي الْآخَرِ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ حَصَلَ الْحَدَثَانِ دُفْعَةً أَوْ تَرَتَّبَا وَأَخْرَجَ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ الَّذِي حَصَلَ ثَانِيًا فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ مَعَ أَنَّ الْإِيجَابَ إنَّمَا هُوَ بِالْأَوَّلِ أَنَّهُ يَكُونُ مُوجِبًا بِتَقْدِيرِ أَنْ لَوْ حَصَلَ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الْأَعَمَّ) صِفَةٌ لِمُطْلَقَ أَيْ نَوَى هَذَا الْكُلِّيَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي ذَلِكَ الْفَرْدِ وَذَاكَ الْفَرْدِ فَقَوْلُهُ: الْأَعَمَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْوِيِّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ نَوَى هَذَا الْكُلِّيَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ إلَخْ فَلَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بَلْ خَطَرَ بِبَالِهِ خُصُوصُ الْأَمْرِ الْكُلِّيِّ لَا بِقَيْدِ تَحَقُّقِهِ فِي هَذَا أَوْ هَذَا وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَصَدَ الْأَمْرَ الْكُلِّيَّ مُلَاحِظًا تَحَقُّقَهُ فِي ضِمْنِ الْفَرْدَيْنِ أَوْ الْحَدَثَ فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُضِرُّ هُوَ مُلَاحَظَةُ الْمَاهِيَّةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ أَوْ خُصُوصُ تَحَقُّقِهَا فِي الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ صَرْفُ النِّيَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي صُورَةِ الْإِجْزَاءِ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: إنْ أَمْكَنَ أَيْ إمْكَانًا وُقُوعِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ التَّقْدِيرِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا) أَيْ بِدُونِ الْمُصْحَفِ نَعَمْ مَنْ نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ جَنَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ وَأَوْلَى مِنْهُ لَوْ نَوَى قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: كَمَا تَضْمَنَّهُ) أَيْ تَضَمَّنَ رَفْعَ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ إلَى مَا تَجِبُ أَيْ إلَى اسْتِبَاحَةِ مَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ.
(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ) أَيْ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الشَّاكِّ الْوُضُوءُ فَالْحَدَثُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ أَوْ الْمَنْعِ قَامَ بِهِ تَحْقِيقًا فَلِذَلِكَ فَلَنَا وَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ هَذَا الطُّهْرِ لَا يُجْزِئُهُ مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ الْمَنْعُ وَلَا الْوَصْفُ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ إلَخْ أَيْ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ يَقُومُ بِالشَّاكِّ تَحْقِيقًا، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: الشَّاكُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ الَّذِي هُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ الْمَنْعُ وَلَا الْوَصْفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَلْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ مَرْعِيٍّ لَا أَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جَازِمَ النِّيَّةِ) لَا يَسْلَمُ أَنَّهُ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ أَيْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحْدَثَ فَلَهُ هَذَا الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا فَحُكِمَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِلتَّرَدُّدِ الْحَاصِلِ فِي النِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ وُضُوءُ الشَّاكِّ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ وُضُوءَهُ قَدْ بَطَلَ بِالشَّكِّ وَأَنَّهُ صَارَ مُحْدِثًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَيَنْوِي حِينَئِذٍ رَفْعَ الْحَدَثِ جَزْمًا فَهَذَا يُجْزِئُهُ وُضُوءُهُ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيُجْزِئُ لَا يَسْلَمُ.
وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الشَّاكَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ آتٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ وَوُجُوبِ وُضُوئِهِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا قَرَّرَهُ الْحَطَّابُ إلَّا أَنَّ عج لَمْ يَرْتَضِهِ فَقَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاكَّ إنْ قَالَ إنَّ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ، فَإِنْ كَانَ حِينَ نِيَّتِهِ مُسْتَحْضِرًا أَنَّ