وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ مُخْتَلِفَةً كَانَتْ الْأَغْرَاضُ مُخْتَلِفَةً فَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ فِي وَاحِدٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَوَجَبَ فَسْخُ الْجَمِيعِ وَلَوْ زَادَ مَا فِيهِ الْعَيْبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ صَرْفِ الْأَعْلَى وَهُنَاكَ مُتَوَسِّطٌ كَبِيرٌ وَأَدْنَى صَغِيرٌ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ الْمُتَوَسِّطُ دُونَ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الْأَدْنَى وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.
(تَنْبِيهٌ) :
يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ نُقِضَ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ إلَخْ (ص) وَشُرِطَ لِلْبَدَلِ جِنْسِيَّةٌ وَتَعْجِيلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْبَدَلِ حَيْثُ أُجِيزَ أَوْ وَجَبَ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ الْجِنْسِيَّةُ وَالتَّعْجِيلُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ الْجِنْسِيَّةُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ التَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ قِطْعَةِ ذَهَبٍ بَدَلَ دِرْهَمٍ زَائِفٍ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى أَخْذِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ وَلَا أَخْذِ عَرْضٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى دَفْعِ ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ وَعَرْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ يَسِيرًا فَيُغْتَفَرُ اجْتِمَاعُهُ فِي الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَاشْتُرِطَ التَّعْجِيلُ لِلسَّلَامَةِ عَنْ رِبَا النَّسَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ النَّوْعِيَّةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرُدَّ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ أَوْ أَوْزَنَ أَوْ أَنْقَصَ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ إنَّمَا يَجُوزُ بِالْحَضْرَةِ وَيَجُوزُ فِيهَا الرِّضَا بِأَنْقَصَ وَأَرْدَأَ.
وَلَمَّا كَانَ الطَّارِئُ عَلَى الصَّرْفِ عَيْبًا أَوْ اسْتِحْقَاقًا وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْأَوَّلِ شَرَعَ فِي الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ سُكَّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ أَوْ مَصُوغٍ مُطْلَقًا نُقِضَ، وَالْأَصَحُّ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ بِمَسْكُوكَيْنِ أَوْ بِمَسْكُوكٍ وَمَصُوغٍ فَاسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الطُّولِ مِنْ غَيْرِ افْتِرَاقِ أَبْدَانٍ فَإِنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ يُنْقَضُ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَصُوغًا انْتَقَضَ عَقْدُ الصَّرْفِ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَصُوغَ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَسْكُوكًا بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ صَحَّ عَقْدُ الصَّرْفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يُجْبِرُ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَبَى مِنْهُمَا، وَأَمَّا صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي الْمُعَيَّنِ فَمُقَيَّدَةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ تَرَاضَيَا بِالْبَدَلِ وَمَنْ أَبَى مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ وَقِيلَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا أَطْلَقَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ مُعَيَّنٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا تَرَدُّدٌ فَإِنَّ التَّرَدُّدَ فِيهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى وَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ إتْمَامَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ (ص) وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفَ (ش) أَيْ وَلِلْمُسْتَحِقِّ لِلْمَصُوغِ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ إجَازَةُ الصَّرْفِ وَإِلْزَامُهُ لِلْمُصْطَرِفِ وَلَهُ نَقْضُهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْ مَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بِأَنَّ مَنْ صَارَفَهُ مُتَعَدٍّ قَالَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ) قَالَ الْحَطَّابُ ظَاهِرُ ابْنِ يُونُسَ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ كَانَتْ الْأَغْرَاضُ مُخْتَلِفَةً) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوَدُّ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ الرَّائِجُ الَّذِي يَرْغَبُ فِي التَّعَامُلِ بِهِ كَمَحْبُوبٍ فِي زَمَانِنَا مَعَ زنجرلي فَإِنَّ الْمَحْبُوبَ يُرْغَبُ فِيهِ دُونَ الزنجرلي (قَوْلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ فِي وَاحِدٍ) وَهُوَ الرَّائِجُ (قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِلْبَدَلِ جِنْسِيَّةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ شَامِلًا لِإِتْمَامِ النَّقْصِ، وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ الْبَدَلَ عَلَى مَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ جِنْسِيَّةٌ) أَيْ نَوْعِيَّةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جِنْسَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاحِدٌ وَهُوَ النَّقْدُ.
(قَوْلُهُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ التَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ) وَذَلِكَ لِأَنَّ دَافِعَ الذَّهَبِ إذَا أَخَذَ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَخَذَ فِي مُقَابَلَتِهِ ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَذَلِكَ تَفَاضُلٌ مَعْنَوِيٌّ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ الَّتِي مَعَ الْقِطْعَةِ الذَّهَبِ تُقَدَّرُ ذَهَبًا فَقَدْ بَاعَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَكْثَرَ مِنْهُ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهِ تَفَاضُلًا مَعْنَوِيًّا صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ مُحَشِّي تت، وَأَمَّا التَّفَاضُلُ الْحِسِّيُّ فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ النَّوْعِيَّةِ) الْأَوْلَى وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الصِّنْفِيَّةِ
(قَوْلُهُ سُكَّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهَا وَالشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مَصُوغٌ مُطْلَقًا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَوْنُ غَيْرِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا بِالْحَضْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ فَلِمَ لَا يُقَالُ بِجَوَازِهِ وَكَانَ الصَّرْفُ وَقَعَ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ إنَّ أَخْذَ عِوَضِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ بِمِثْلِ مَنْ عَقَدَ وَوُكِّلَ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ يُنْقَضُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ إذْ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا عُيِّنَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ كَيْفَ يَتَأَتَّى عَدَمُ التَّعْيِينِ فِي الْمَصُوغِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (وَأَقُولُ) وَكَذَا قَوْلُ شَارِحِنَا وَالْمَصُوغُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ إلَخْ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ نَادِرُ الْوُقُوعِ فَلِذَا خُيِّرَ بِخِلَافِ الْعَيْبِ فِي الْمُعَيَّنِ إذْ الضَّرَرُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ أَقْوَى.
مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ، وَأَمَّا إنْ اُسْتُحِقَّ الْبَعْضُ فَيَجْرِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إلَّا الْمِثْلِيَّ، وَيُنْقَضُ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت فَقَالَ إنَّ الصِّحَّةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْحَضْرَةِ مُطْلَقَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا التَّرَدُّدُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا فَتَخْصِيصُ س لَهُ بِالْمُعَيَّنِ وَأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِلْزَامُهُ لِلْمُصْطَرِفِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ الْآتِي لَكِنْ الْمُسْتَحَقُّ إلَخْ الَّذِي هُوَ مُنَافٍ لِذَلِكَ فَضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ لِمَا عَلِمْت إلَخْ عِلَّةٌ مِمَّا يُؤَيِّدُ ضَعْفَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَهُ نَقْضُهُ) حَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الشِّقَّ وَهُوَ عَدَمُ الْإِجَازَةِ لِظُهُورِهِ، وَلِأَنَّ الْقَيْدَ وَهُوَ إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفُ خَاصٌّ بِإِجَازَتِهِ وَإِذَا أَخَذَ عَيْنَهُ وَطَلَبَ دَافِعُ الْمُسْتَحَقِّ إعْطَاءَ بَدَلِهِ فَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا.
قَيَّدَ الْإِجَازَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِحُضُورِ الشَّيْءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute