للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّنْبِيذِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ وَالْعَصِيرُ مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ وَالصَّلْقُ وَيَأْتِي أَنَّ الْقَلْيَ يَنْقُلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلْقَ لَا يَذْهَبُ مَعَهُ جَمِيعُ مَا يُرَادُ لَهُ بِخِلَافِ الْقَلْيِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (بِخِلَافِ خَلِّهِ) عَائِدٌ عَلَى التَّنْبِيذِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: خَلِّ أَصْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ: خَلِّ أَصْلِ التَّنْبِيذِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ أَصْلِهِ لَا عَنْ التَّنْبِيذِ أَيْ وَالتَّنْبِيذُ لِشَيْءٍ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ بِخِلَافِ خَلِّ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَالْخَلُّ يَنْقُلُ عَنْ أَصْلِ التَّنْبِيذِ وَلَا يَنْقُلُ عَنْ التَّنْبِيذِ وَحَاصِلُ مَا لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّمْرِ بِخَلِّهِ وَقَاسَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْعِنَبَ بِخَلِّهِ مُتَفَاضِلًا وَيَجُوزُ الْخَلُّ بِالنَّبِيذِ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا فَالْخَلُّ وَالتَّمْرُ طَرَفَانِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِمَا وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا لِقُرْبِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا أَظْهَرُ لِمَا وَقَعَ فِي سَمَاعِ عِيسَى فَلَا يَكُونُ سَمَاعُ يَحْيَى مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَسَلَّمَهُ

(ص) وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ وَهُوَ خَلٌّ لَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الضَّمِيرُ خِلَافًا لتت وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّحْمَ إذَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ كَانَتْ كُلْفَةً أَمْ لَا كَمَا إذَا أُضِيفَ لِلْمَاءِ وَالْمِلْحِ بَصَلٌ فَقَطْ، أَوْ ثُومٌ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ النِّيءِ فَيُبَاحُ التَّفَاضُلُ فِيهِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَاحْتَرَزَ بِأَبْزَارٍ مِمَّا لَوْ طُبِخَ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُلُ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّ التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ بِأَبْزَارٍ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ مَا خَلَا مِنْ الْأَبْزَارِ يُسَمَّى صَلْقًا وَيَرُدُّ هَذَا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَحْمٌ طُبِخَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ بِالْأَبْزَارِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَصْلُوقُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(ص) وَشَيُّهُ وَتَجْفِيفُهُ بِهَا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ شَيُّ اللَّحْمِ بِالنَّارِ وَتَجْفِيفُهُ بِالشَّمْسِ، أَوْ الْهَوَاءِ بِالْأَبْزَارِ نَاقِلٌ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: بَيْعُ الْقَدِيدِ وَالْمَشْوِيِّ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، أَوْ بِالنِّيءِ مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا أَبْزَارَ فِيهِمَا، أَوْ فِيهِمَا أَبْزَارٌ فَإِنْ كَانَتْ الْأَبْزَارُ فِي أَحَدِهِمَا جَازَ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَمُتَفَاضِلًا

(ص) وَالْخَبْزُ (ش) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: نَاقِلٌ عَنْ الْعَجِينِ وَالدَّقِيقِ وَالْقَمْحِ

(ص) وَقَلْيُ قَمْحٍ وَسَوِيقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَلْيَ الْقَمْحِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْحُبُوبِ نَاقِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَصْلِ غَالِبًا وَكَذَلِكَ السَّوِيقُ نَاقِلٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الَّذِي صُلِقَ، ثُمَّ طُحِنَ بَعْدَ صَلْقِهِ وَلَا يُسْتَفَادُ الْحُكْمُ فِيهِ مِنْ الْقَلْيِ؛ لِأَنَّ هُنَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ كُلٌّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَالْعَصِيرُ مِثْلُهُ) أَيْ: فَالْعَصِيرُ غَيْرُ التَّنْبِيذِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي شَأْنِ الْعَصِيرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ زَيْتٍ بِزَيْتُونٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ كَانَ هَذَا الزَّيْتُونُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ زَيْتٌ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَصَبِ بِعَصِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَلْيِ) أَيْ: فَيَذْهَبُ مِنْهُ جَمِيعُ مَا يُرَادُ لَهُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّدْمِيسَ يُذْهِبُ مِنْ الْفُولِ جَمِيعَ مَا يُرَادُ لَهُ فَلَا يَتَأَتَّى زَرْعُهُ وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا يُرَادُ لَهُ فَهُوَ نَاقِلٌ بَلْ فِي شَرْحِ عب أَنَّ الْفُولَ الْحَارَّ كَذَلِكَ أَيْ: لِأَنَّ الْفُولَ الْحَارَّ يَحْتَاجُ لِنَارٍ قَوِيَّةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّدْمِيسِ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ بَحَثَ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَائِدٌ عَلَى التَّنْبِيذِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ أَيْ: بِخِلَافِ خَلِّ أَصْلِ التَّنْبِيذِ بِمَعْنَى النَّبِيذِ؛ لِأَنَّ الْأَصَالَةَ لَيْسَتْ لِلتَّنْبِيذِ بَلْ لِلنَّبِيذِ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ: خَلُّ أَصْلِ التَّنْبِيذِ أَيْ: النَّبِيذِ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّنْبِيذِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى، أَوْ نَقُولُ قَوْلُهُ: التَّنْبِيذُ أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّنَا أَرَدْنَا مِنْ الضَّمِيرِ التَّنْبِيذَ بِمَعْنَى النَّبِيذِ فَيَكُونُ آتِيًا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ) فَالْقَدِيدُ يَابِسٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَشْوِيِّ وَكِلَاهُمَا يَابِسٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّيءِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَظْهَرُ لِمَا وَقَعَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ يَجُوزُ خَلُّ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا كَخَلِّ الْعِنَبِ بِالْعِنَبِ اهـ. فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُحْتَمَلُ مُخَالِفَتُهَا لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى؛ لِأَنَّ سَمَاعَ عِيسَى يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ خَلُّ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَلَا خَلُّ الزَّبِيبِ بِالزَّبِيبِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ خَلِّ الْعِنَبِ بِالْعِنَبِ لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ الْأَظْهَرِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ لَا نُسَلِّمُ الِاقْتِضَاءَ وَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ النَّبِيذُ لَا يَصِحُّ بِالتَّمْرِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَيَصِحُّ الْخَلُّ بِالتَّمْرِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ أَنَّ الْخَلَّ وَالتَّمْرَ طَرَفَانِ يَبْعُدُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا يَقْرَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ اهـ. فَقَوْلُهُ وَهَذَا أَظْهَرُ أَيْ: مَا قُلْنَا مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْخَلِّ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا وَقَوْلُهُ لِمَا وَقَعَ اللَّامُ بِمَعْنَى فِي وَالتَّقْدِيرُ وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ جَوَازُ بَيْعِ الْخَلِّ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا أَظْهَرُ فِي فَهْمِ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ) أَيْ: إذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى أَظْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ سَمَاعُ يَحْيَى الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ عِيسَى أَيْ: وَحَيْثُ إنَّ سَمَاعَ عِيسَى حُمِلَ عَلَى جَوَازِ مَا ذُكِرَ كَانَ سَمَاعُ عِيسَى مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا لَوْ حُمِلَ عَلَى الْمَنْعِ لَكَانَ مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ بِخِلَافِ خَلٍّ طُبِخَ وَلَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ كُلْفَةٌ إلَخْ) أَيْ: مَشَقَّةٌ وَهُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ: ذَاتَ كُلْفَةٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: بَصَلٌ فَقَطْ، أَوْ ثُومٌ فَقَطْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ جَمْعَ الْمُصَنِّفِ الْأَبْزَارَ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ يُكْتَفَى بِبِزْرٍ وَاحِدٍ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْزَارِ مَا يَشْمَلُ مُصْلِحَ الطَّعَامِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ عب وَحَاصِلُ مَا قِيلَ كُلَّ مَا زِيدَ عَنْ الْمَاءِ وَالْمِلْحِ مِنْ بَصَلٍ، أَوْ غَيْرِهِ يُبَاحُ التَّفَاضُلُ فِيهِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَبِالْمَطْبُوخِ بِغَيْرِ الْبَصَلِ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَنْ النِّيءِ) بَلْ وَعَنْ اللَّحْمِ الَّذِي طُبِخَ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَبْزَارِ مَا يَشْمَلُ مُصْلِحَ الطَّعَامِ كَمَا تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>