للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا لِدَلِيلٍ (ش) أَيْ: وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِنْ عَقْدٍ، أَوْ عِبَادَةٍ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ شَرْعًا إلَّا لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا فَسَادَ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُخَصِّصًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ الْجُزْئِيِّ بَعْدَ الْكُلِّيِّ أَوْضَحَ وَأَجْلَى فِي بَيَانِهِ سَلَكَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ مُمَثِّلًا بِقَوْلِهِ

(ص) كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ، إنْ لَمْ يُطْبَخْ، أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ فَلَا يَجُوزُ، إنْ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ كَخُصْيِ ضَأْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ كَانَ الْحَيَوَانُ يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَخَصَّ مَالِكٌ النَّهْيَ بِمَا إذَا بِيعَ بِلَحْمِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ وَهُوَ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ وَخَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالنِّيءِ، فَإِنْ طُبِخَ اللَّحْمُ بِأَبْزَارٍ جَازَ بَيْعُهُ بِالْحَيَوَانِ وَعَمَّمَ الْأَقْفَهْسِيُّ الطَّبْخَ سَوَاءٌ كَانَ بِأَبْزَارٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ انْتِقَالَ: اللَّحْمِ عَنْ الْحَيَوَانِ يَحْصُلُ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَبْزَارِ إنَّمَا هُوَ فِي انْتِقَالِهِ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ الْقَرِيبِ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ كَطَيْرِ الْمَاءِ وَالشَّارِفِ وَلَا بِلَحْمٍ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَعَ اللَّحْمِ حَيَوَانًا وَمَعَ الْحَيَوَانِ لَحْمًا وَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ كَذَلِكَ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ بِحَيَوَانٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ كَخُصْيِ الْمَعْزِ وَلَا يُبَاعُ بِحَيَوَانٍ قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ غَيْرَ اللَّحْمِ كَخُصْيِ ضَأْنٍ إذْ مَنْفَعَتُهُ وَهِيَ الصُّوفُ يَسِيرَةٌ فَلَوْ كَثُرَتْ كَأُنْثَى الضَّأْنِ جَازَ بَيْعُهَا بِاللَّحْمِ لِمَا فِيهَا مِنْ لَبَنٍ وَأَوْلَادٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ بِطَعَامٍ مِنْ قَمْحٍ، أَوْ غَيْرِهِ لِأَجَلٍ

ــ

[حاشية العدوي]

كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِدَلِيلٍ) يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ النَّجْشِ وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ فَسَدَ الْمَذْكُورِ وَعَلَيْهِ شَارِحُنَا وَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَفُسِخَ إلَّا لِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَسْخِ مُطْلَقًا كَمَا فِي تَلَقِّي الرَّكْبَانِ، أَوْ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ كَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (قَوْلُهُ: مِنْ عَقْدٍ، أَوْ عِبَادَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقَامَ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَالْمُتَبَادِرُ الْعُقُودُ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا.

(قَوْلُهُ: سَلَكَ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذَا يُنَافِي الِاخْتِصَارَ، ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ قَوْلُهُ: مَنْهِيٌّ عَنْهُ كُلِّيًّا مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى وَفَسَدَ كُلُّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَالْمَعْنَى عَلَى الْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ) دَخَلَ تَحْتَهُ صُوَرٌ أَرْبَعُ كَانَ الْحَيَوَانُ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ) أَيْ: أَوْ بَيْعُ حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ يَدْخُلُ تَحْتَهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهِيَ بَيْعُ حَيَوَانٍ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ يُبَاعُ كُلٌّ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ أَيْضًا قَبْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ تَتَكَرَّرُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ بَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ فَتَكُونُ الصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ إحْدَى عَشْرَةَ وَقَوْلُهُ، أَوْ قَلَّتْ يَدْخُلُ تَحْتَهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ صُورَتَانِ الْأُولَى بَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا قَلَّتْ الثَّانِيَةُ بَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِمَا قَلَّتْ وَيَبْقَى صُورَتَانِ وَهُمَا بَيْعُ مَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ بِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ وَبَيْعُ مَا قَلَّتْ بِمَا يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَشْمَلُ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِاللَّحْمِ وَبَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِالْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ وَبَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِالْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ وَبَيْعُ مَا قَلَّتْ كَذَلِكَ الْمُكَرَّرُ ثَلَاثٌ تَبْقَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ) يُجْعَلَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ، أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَاحِدَةً وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ، أَوْ قَلَّتْ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ فَلَا يَجُوزُ أَيْ: مَا ذُكِرَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَقَوْلُهُ كَخُصْيِ ضَأْنٍ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَلَحْمِ حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِكَايَةٌ لِلْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ) أَيْ: وَهُوَ اللَّحْمُ وَقَوْلُهُ بِمَجْهُولٍ الَّذِي هُوَ الْحَيَوَانُ أَيْ: لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالنِّيءِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَطْبُوخًا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبْزَارٌ فَيُوَافِقُ تَعْمِيمَ الْأَقْفَهْسِيِّ قَالَ سَيِّدِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ وَفِي اشْتِرَاطِ الْأَبْزَارِ نَظَرٌ اهـ. فَيَكُونُ كَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: الْقَرِيبُ مِنْهُ) وَصْفٌ كَاشِفٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَشْمَلُ صُوَرًا أَرْبَعًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَطَيْرِ الْمَاءِ) أَيْ: حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ يُلَازِمُ الْمَاءَ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا بَعُدَ عَنْ الْمَاءِ يَمُوتُ (قَوْلُهُ: وَالشَّارِفُ) هُوَ الْمُسِنُّ الْهَرِمُ كَمَا أَفَادَهُ الْقَامُوسُ أَيْ: الَّذِي صَارَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا لَحْمُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِلَحْمٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لَهُ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَدْلُولَ الْعِبَارَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ بِلَحْمٍ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ الشَّامِلِ لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَعَ اللَّحْمِ حَيَوَانًا) أَيْ: حَيَوَانًا فِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ تَطُولُ حَيَاتُهُ وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يُبَاعَ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِاللَّحْمِ فَيُقَدَّرُ حَيَوَانًا صَحِيحًا فِيهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ «نَهَى الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي حَيَوَانٍ يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْحَدِيثِ دُخُولًا بَيِّنًا هَذَا مَدْلُولُهُ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ وَإِنْ لَمْ تُقَدَّرْ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حَيَوَانٌ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ حَيَوَانًا يُرَادُ لِلْقُنْيَةِ لَاحْتَجْنَا لِذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ وَقَوْلُهُ وَتُقَدَّرُ أَيْ: الثَّلَاثَةُ إذَا بِيعَتْ بِحَيَوَانٍ بِالْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ لَحْمًا فَيَمْتَنِعُ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: جَازَ بَيْعُهَا بِاللَّحْمِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ السِّيَاقُ مَعَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَيَوَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>