للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاشْتَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: بِالْجَوَازِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ إذْ الْمُقَاصَّةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْأَجَلِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ لُزُومُ الْمُقَاصَّةِ

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: بِالْمَنْعِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُقَاصَّةَ مُمْكِنَةٌ وَقَدْ اشْتَرَطَ إبْطَالَهَا فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ

(ص)

وَلِذَلِكَ صَحَّ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذَا شَرَطَاهَا (ش) أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنَّ تَعْمِيرَ الذِّمَّتَيْنِ يُؤَثِّرُ الْمَنْعَ فِيمَا أَصْلُهُ الْجَوَازُ صَحَّ مَا أَصْلُهُ الْمَنْعُ فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ كَشِرَائِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ بِهِ كَبَيْعِهَا بِعَشْرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ، إنْ شَرَطَا الْمُقَاصَّةَ لِلسَّلَامَةِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَلَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذْ بَاقِي الصُّوَرِ الْمُمْتَنِعَةِ كَذَلِكَ

(ص) وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ (ش) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّ الصُّوَرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهَا مَا امْتَنَعَ مَعَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَكَمَا يَمْتَنِعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ، أَوْ بَعْضُهُ يَمْتَنِعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَرْدَأُ، أَوْ بَعْضُهُ وَيَجُوزُ مَا جَازَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ وَعَكْسُهُ وَمِنْهُ الْبَيْعُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَالشِّرَاءُ بِيَزِيدِيَّةٍ وَعَكْسُهُ، فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا أَيْضًا امْتَنَعَ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا فَكَذَلِكَ

لَكِنْ يُسْتَثْنَى صُورَتَانِ وَهُمَا مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِالْجَيِّدَةِ نَقْدًا بِمِثْلٍ، أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ مَعَ تَعْجِيلِ الْمُسَاوِي، أَوْ الْأَكْثَرِ تَنْتِفِي تُهْمَةُ الْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِ الْبَائِعِ، وَبِعِبَارَةٍ وَالرَّدَاءَةُ مِنْ جَانِبٍ وَالْجَوْدَةُ مِنْ جَانِبٍ وَالْمُرَادُ الرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ وَالْجِنْسُ مُتَّحِدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَالسِّكَّةُ مُتَّحِدَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ وَالْعَدَدُ وَالرَّوَاجُ مُتَّحِدَانِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ رِبَا فَضْلٍ فَمَا بَقِيَ الِاخْتِلَافُ إلَّا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَقَطْ أَيْ: مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ وَتَشْبِيهُ الرَّدَاءَةِ وَضِدِّهَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ مِنْ جِهَةِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ فَالْأَرْدَأُ كَالْأَنْقَصِ وَالْأَجْوَدُ كَالْأَوْفَى وَعَلَيْهِ فَمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ يَجْرِي عَلَيْهِمَا وَمَا فِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى اُعْتُبِرَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْمَنْعِ) هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَلِأَجْلِ أَنَّ تَعْمِيرَ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنَّ التُّهْمَةَ دَائِرَةٌ مَعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أُجِيزَ مَا أَصْلُهُ الْمَنْعُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ بَقِيَ الْمَنْعُ إلَخْ) أَيْ: فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الَّتِي أَصْلُهَا الْمَنْعُ وَاَلَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْجَوَازُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ فَلَا يَفْسُدُ إلَّا بِشَرْطِ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ لِتَحَقُّقِ التُّهْمَةِ وَهَذَا الْأَصْلُ مَنَعَهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ فَلَا تَنْتِفِي إلَّا بِشَرْطِهَا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ أَجْرَيْنَا الْكَلَامَ فِي بَابِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَلَى بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لَجَازَ فِيمَا إذَا بَاعَ بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ وَاشْتَرَى بِمِثْلِهَا مُحَمَّدِيَّةً لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ وَتَأَمَّلْ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ تَجِدْهَا جَارِيَةً عَلَى هَذَا الْقَانُونِ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الْبَيْعُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ اخْتِلَافِ السِّكَّةِ فَقَطْ وَيَأْتِي عَلَى أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الِاخْتِلَافَ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، أَوْ السِّكَّةِ لَا غِنَى عَنْ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا) وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ الثَّانِيَ إمَّا دُونُ، أَوْ مُسَاوٍ، أَوْ أَبْعَدُ وَفِي كُلٍّ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِجَيِّدٍ وَالشِّرَاءُ بِرَدِيءٍ، أَوْ عَكْسُهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّفَاوُتِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَقَطْ فَلَا تَأْتِي هَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا وَقَوْلُهُ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أَيْ: لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ شَامِلٌ لِسِتِّ صُوَرٍ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَجْوَدَ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ مُسَاوٍ، أَوْ الثَّانِي أَدْنَى كَذَلِكَ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ أَخْرَجَ مِنْهَا اثْنَتَانِ تَبْقَى أَرْبَعٌ غَيْرَ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْعِلَّةَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ ابْتِدَاءَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ بَلْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهَا الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ فَلِذَلِكَ قَالَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ فَكَيْفَ حَاصِلُهُ الْعِلَّةُ فِي صُوَرِ الْأَجَلِ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَفِي صُوَرِ النَّقْدِ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ، ثُمَّ يَرِدُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ هَلَّا جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي الْكُلِّ الْبَدَلَ الْمُؤَخَّرَ وَيَكُونُ أَظْهَرَ لِاطِّرَادِ الْعِلَّةِ غَيْرَ أَنَّ غَيْرَهُ قَالَ غَيْرَ مَا قَالَ وَهُوَ أَنَّ مَنْ مَنَعَ الصُّوَرَ كُلَّهَا عَلَّلَ بِالْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ إذْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُؤَجَّلَةً فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ وَلَوْ كَانَتْ الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ نَقْدًا وَمَنْ مَنَعَ صُوَرَ الْأَجَلِ وَفَصَّلَ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ عَلَّلَ مَنْعَ صُوَرِ الْأَجَلِ بِالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ اشْتِغَالُ الذِّمَّتَيْنِ وَعَلَّلَ الْمَنْعَ فِي صُوَرِ النَّقْدِ بِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَبِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الِاقْتِصَادَ عَلَى مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مَعَ الِاخْتِصَارِ لَحَذَفَ قَوْلَهُ وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَقَوْلُهُ كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ إلَخْ وَقَالَ وَإِنْ بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ وَعَكْسُهُ مُنِعَ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ كَانَ نَقْدًا مُطْلَقًا إلَّا إنْ بَاعَ بِرَدِيءٍ وَاشْتَرَى بِجَيِّدٍ مِثْلَهُ، أَوْ أَكْثَرَ. اهـ. وَشَارِحُنَا يَقُولُ إنَّ الْعِلَّةَ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ فِي صُوَرِ النَّقْدِ إلَّا أَنَّ التُّهْمَةَ مُنْتَفِيَةٌ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْعَدَدُ وَالرَّوَاجُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَحْذِفَ الرَّوَاجَ وَيَأْتِيَ بَدَلَهُ بِالْوَزْنِ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ قَوْلِهِ بَعْدُ أَيْ: مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْن (أَقُولُ) وَحِينَئِذٍ فَلَا تَأْتِي الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ صُورَةً وَقَوْلُهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَدَدِ هُوَ الَّذِي فَرَّعَ مِنْهُ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَمَنْ بَاعَ إلَخْ وَقَصَدَ صَاحِبُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ رَدَّ الِاعْتِرَاضِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَمَا لَيْسَ فِيهِ مَعْنًى زَائِدٍ إلَخْ) الْمَعْنَى الزَّائِدُ هُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، أَوْ دَوَرَانُ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مِثَالُ مَا لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَوْ بَاعَ بِعَشْرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ، ثُمَّ اشْتَرَى بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ نَقْدًا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَيْسَ هَذَا ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَا دَوَرَانُ فَضْلٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَجْرِي عَلَى بَابِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَيَمْتَنِعُ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ قَلِيلًا وَهُوَ الْيَزِيدِيَّةُ أَخَذَ كَثِيرًا وَهُوَ الْمُحَمَّدِيَّةُ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْجَوْدَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَدَدَ مُتَّحِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>