وَهِيَ الْمُسْتَثْنَاةُ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ فِضَّةً، فَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً فَيَدْخُلُهُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فَأَجْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا بَاعَهُ بِيَزِيدِيَّةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ زِيَادَةٍ بِمُحَمَّدِيَّةٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ اهـ. أَيْ: فَيَمْتَنِعُ لِلصَّرْفِ وَالْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا لِلسَّلَامَةِ مِمَّا ذُكِرَ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ أَيْ: صِنْفُ الثَّمَنِ فَيَشْمَلُ اتِّحَادَ السِّكَّةِ وَاتِّحَادَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ السِّكَّةُ، أَوْ الْجَوْدَةُ، أَوْ الرَّدَاءَةُ مُنِعَ
(ص) ، وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ وَبِيعَ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا مَرَّ إذَا كَانَ الْمَزِيدُ مَعَ الْحِمَارِ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ أَيْ: غَيْرَ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ بَلْ عَرَضٌ، أَوْ حَيَوَانٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَاعَ الْحِمَارَ بِغَيْرِهِ لِأَجَلٍ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِعَرَضٍ وَحِمَارٍ مُعَجَّلَيْنِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ
بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ الْمَزِيدَ لِحُصُولِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي مُؤَخَّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ الْحِمَارُ عَلَى التَّعْجِيلِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَلَمْ يُقْبَضْ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا، أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ مَعَ الْحِمَارِ فَقَوْلُهُ: وَبِيعَ أَيْ: الْحِمَارُ بِنَقْدٍ أَيْ: ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ حَالًا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ أَعْطَاهُمَا جَوَابًا وَاحِدًا وَهُوَ قَوْلُهُ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ، فَإِنْ تَأَخَّرَ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ، إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ سَلَفٌ مُقَارِنٌ لِلْمَبِيعِ وَهُوَ الْحِمَارُ بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنًا فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَهُوَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَمْ لَا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا قُبِضَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْمَزِيدُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ
وَفَسَّرْنَا قَوْلَهُ بِنَقْدٍ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَهُوَ حَالٌّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ عَرَضًا فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا جَازَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ جَازَ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ
، ثُمَّ لَمَّا، أَوْهَمَ قَوْلُهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ يُمْنَعُ كَذَا مُنِعَ الْبَيْعَتَيْنِ لِارْتِبَاطِهِمَا كَمَا يَقُولُ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَكَانَ الْأَصَحُّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ صِحَّةُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَفَسَادُ الثَّانِي فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ دَائِرٌ مَعَ الثَّانِي وُجُودًا وَعَدَمًا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى اقْتِضَاءِ الطَّعَامِ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلَا يُفْسَخُ إلَّا الثَّانِي دَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ (ص) وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ (ش) عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ: وَفُسِخَ الثَّانِي وَخَالَفَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَقَالَ: يُفْسَخَانِ مَعًا وَهَذَا الْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِقِيَامِ السِّلْعَةِ أَمَّا إذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ
(ص)
إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْبَيْعَتَيْنِ مَعًا يُفْسَخَانِ؛ لِأَنَّهُ بِالْفَوَاتِ سَرَى الْفَسَادُ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ لَا طَلَبَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدًا قَدْ رَجَعَ لِبَائِعِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِرُجُوعِهِ لِبَائِعِهِ وَالثَّمَنُ الثَّانِي سَاقِطٌ عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْفَسْخُ لِلْبَيْعَتَيْنِ فِي الْفَوَاتِ سَوَاءٌ
ــ
[حاشية العدوي]
وَسَلَفٌ إذَا كَانَ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ أَبْعَدَ وَيَأْتِي الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ وَالْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ إلَخْ أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ (أَقُولُ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ وَأَرَدْنَا بِالْجِنْسِ الصِّنْفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ إلَخْ) رَاجِعٌ أَيْضًا إلَى الْيَزِيدِيَّةِ كَمَا فِي عب
(قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ وَالصِّفَةُ.
(قَوْلُهُ: جَازَ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الْمَزِيدُ فِضَّةً وَالثَّمَنُ ذَهَبًا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ الْعِوَضِ وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَرَدَّهُ وَعَرَضًا مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ دُونَهُ، أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ فَسَخَ مَثَلًا دِينَارًا فِي الْعَرَضِ الْمُؤَخَّرِ وَبَيْعِ الْحِمَارِ بِتِسْعَةٍ حِينَ رَدَّهُ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ الْحِمَارُ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا بِيعَ بِمُؤَجَّلِ وَلَمْ تَقَعْ الْإِقَالَةُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَبِيعَ بِنَقْدٍ إمَّا مُوَافِقٌ لِلثَّمَنِ أَيْ: الْأَوَّلِ، أَوْ مُخَالِفٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ سَلَفٌ) أَيْ: مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَدْ صَرَفَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُعَجَّلُ جِدًّا بِحَيْثُ تَنْتِفِي تُهْمَةُ الصَّرْفِ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُحَمَّدِيَّةً وَالْمَزِيدُ يَزِيدِيَّةً، أَوْ عَكْسُهُ امْتَنَعَ أَيْضًا لِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ وَهِيَ مَا إذَا أُخِّرَتْ الزِّيَادَةُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ) تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ بِالنِّسْبَةِ لِلدِّينَارِ الْمَزِيدِ فَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا جَازَ مُطْلَقًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الذِّمَّةَ فَلَيْسَ فِيهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (قَوْلُهُ: جَازَ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ) وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا صَرْفُ مُسْتَأْخِرٍ فَالْعِلَّةُ إمَّا تَأْخِيرُ بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ فَفِيهِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، أَوْ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (تَنْبِيهٌ) هَذَا كُلُّهُ فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي أَمَّا لَوْ زَادَ الْبَائِعُ شَيْئًا وَاسْتَرَدَّ الْحِمَارَ جَازَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى نَقْدًا، أَوْ لِأَجَلٍ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ، أَوْ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُؤَجَّلَةً وَهِيَ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ فَيَمْتَنِعُ كَمَا إذَا زَادَهُ حِمَارًا مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعَدُّ كَأَنَّهُ أَسْلَفَ الْبَائِعَ حِمَارًا يَقْبِضُهُ إلَى أَجَلٍ أَيْ: يَقْبِضُ بَدَلَهُ عَلَى أَنْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَائِعُ الْعَشَرَةَ الَّتِي تَرَتَّبَتْ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ هَذَا غَايَةُ مَا فِيهِ مِمَّا قَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيَاسِ)