ذُكِرَ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ، قَوْلُهُ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ أَيْ وَالزَّمَانُ مُلْغًى، وَقَوْلُهُ أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ أَيْ وَالزَّمَانُ مُعْتَبَرٌ فَتَغَايَرَا، وَقَوْلُهُ مُشَاوَرَة بَعِيدٍ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْبُعْدِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَجْهُولَةٍ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِلْبُعْدِ فَتَغَايَرَا فَلَا تَكْرَارَ (ص) أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ بِخِيَارٍ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ، وَشَرَطَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ لِتَرَدُّدِ الْمَبِيعِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ مَبِيعٌ، وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ سَلَفٌ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ.
أَمَّا غَيْبَةُ الْمُشْتَرِي فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا غَيْبَةُ الْبَائِعِ فَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ لَهُ فَهُوَ بَيْعٌ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ، وَسَلَفٌ إنْ رَدَّهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طُبِعَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ وَقَبِلَهُ، وَأَمَّا مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يَفْسُدُ بِشَرْطِ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى مِثْلِيٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَطَابَقَ النَّقْلَ إذْ فِي بَعْضِ الْعُرُوضِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَقْتَضِي كَلَامُهُ مَنْعَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت مَا بَيَانُ التَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ مِنْ الْبَائِعِ قُلْت قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ يُقَدَّرُ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ، وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ يَعْنِي يُقَدَّرُ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ فِي نَفْسِهِ، وَأَخْفَاهُ عِنَادًا ثُمَّ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ مِنْهُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ بِأَنْ رَدَّ الْبَيْعَ فَقَدْ بَاعَ الطَّعَامَ مِنْ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْتِزَامِهِ أَوَّلًا، وَإِنْ رَدَّ الطَّعَامَ بِأَنْ أَجَازَ الشِّرَاءَ كَانَ الطَّعَامُ سَلَفًا مَرْدُودًا (ص) أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ (ش) أَيْ وَفَسَدَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ لُبْسِ ثَوْبٍ لَبِسَا مُنَقِّصًا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلثَّوْبِ بِمَا ذُكِرَ بَلْ حُكْمُ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ كَذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ (وَرَدَ أُجْرَتَهُ) أَيْ أُجْرَةَ اللُّبْسِ أَيْ أَرْشَ اللُّبْسِ أَيْ وَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي اشْتِرَاطِ لُبْسِ الثَّوْبِ وَنَقَصَ كَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ قِيمَةُ لُبْسِهِ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا فُسِخَتْ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ رَدُّ الْغَلَّةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لُبْسَ الثَّوْبِ لَيْسَ بِغَلَّةٍ بَلْ هُوَ نَقْصٌ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ إنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ، وَلَا فِعْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَلَوْ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ، وَسُكْنَى الدَّارِ هَذَا إذَا كَانَ بِلَا كِرَاءٍ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ، وَفِعْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ -
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْحُكْمُ بِالْكَرَاهَةِ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَانْظُرْ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ مُسَلَّمٌ أَمْ لَا فَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ مُشَاوَرَةُ بَعِيدٍ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ بِهِ، وَلَكِنْ بَعْدَهُ يَزِيدُ عَلَى أَجَلِ الْخِيَارِ رَجَعَ لِلْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ رَجَعَ لِلْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ (قَوْلُهُ أَوْ إلَى أَنْ تَضَعَ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ إلَخْ قَالَ عج وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ لَا يَكُونُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ وَقْتَ حُصُولِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مُعْظَمِ أَحْوَالِهِ كَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا يُقَالُ إنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ كَشَهْرٍ، وَكَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ إلَخْ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَ بَيْعُ الْخِيَارِ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا مَضَتْ التِّسْعَةُ الْأَشْهُرُ، وَنَحْوُهَا تَمَّتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فِي كَدَارٍ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ وَضْعُهَا كَذَا فِي عب.
(تَنْبِيهٌ) :
ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ بَائِعِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُ (قَوْلُهُ وَالزَّمَانُ مُلْغًى) أَيْ لَا يُلَاحَظُ، وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مُشَاوَرَةُ بَعِيدٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ أَوْ الْمَجْهُولَةِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُلَاحَظُ فِيهِ الْبُعْدُ، وَلَا يُلَاحَظُ الْبُعْدُ فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَلَا الْمَجْهُولَةِ بَلْ يُلَاحَظُ الزَّمَنُ فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَيُلَاحَظُ الْجَهَالَةُ فِي الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ فَإِذَنْ لَا تَكْرَارَ فَقَوْلُهُ وَالزَّمَانُ مُلْغًى أَيْ، وَالْبُعْدُ مُلَاحَظٌ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا، وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ لَا يُعْلَمَ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْخِيَارِ يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِلْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَلَا يُعْرَفُ الْبُعْدُ إلَّا بِذَلِكَ فَإِذَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ، وَالزَّمَانُ مُلْغًى لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْبُعْدُ إلَّا بَعْدَ مُلَاحَظَةِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْبَةٍ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ غَيْبَةٍ إلَخْ فَإِذَا غَابَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا فَسَادَ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ مَعَ الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَقْتَضِي أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ مَبِيعٌ قَطْعًا، وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ سَلَفٌ مُطْلَقًا كَانَتْ الْغَيْبَةُ غَيْبَةَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ نَقَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ، وَأَقَرَّهُ أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُوهِمَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ فِيمَا لَا يُطْبَعُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ سَحْنُونَ، وَلَا يَغِيبُ مُبْتَاعٌ عَلَى مِثْلِيٍّ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ فَإِنْ غَابَ دُونَهُ، وَلَمْ يُفْسِدْ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ، وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا فَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ يَفْسُدُ قَطْعًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُزَادُ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَرٌ فِي أُصُولِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَفْسُدْ، وَلَمْ يُمْنَعْ (قَوْلُهُ أَيْ وَفَسَدَ الْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ اللُّبْسُ كَثِيرًا، وَأَمَّا الْيَسِيرُ كَلُبْسِهِ لِيَقِيسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لُبْسَ إلَخْ) ، وَأَيْضًا الْغَلَّةُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ كَانَ فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا لِلْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمْضَى الْبَيْعَ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ نَقْصٌ) أَقُولُ بَلْ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ غَلَّةٌ لِأَنَّهُ يَرُدُّ أُجْرَةَ اللُّبْسِ الْكَثِيرِ الْمُنَقِّصِ، وَلَيْسَ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَرُدُّ الْمَبِيعَ، وَلَا غَلَّةَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ فِيمَا بِيعَ عَلَى الْبَتِّ، وَمَا هُنَا بِخِيَارٍ إذْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ زَمَنُهُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى الْبَتِّ بَلْ فِي الْحَطَّابِ أَنَّ الْأُجْرَةَ وَالْغَلَّةَ لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الصَّحِيحِ كَالْفَاسِدِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ فِي الصَّحِيحِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْخِيَارِ إنْ كَانَ كَثِيرًا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا لَهُ ثَمَنٌ، وَالْيَسِيرُ مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَشَارَ لَهُ الْحَطَّابُ فِي قَوْلِهِ، وَاسْتَخْدَمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute