للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّقْدِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِقِلَّةِ الضَّمَانِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيهَا إلَّا بِعُيُوبٍ ثَلَاثَةٍ فَاحْتِمَالُ الثَّمَنِ فِيهَا لِلسَّلَفِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَاحْتِمَالُ السَّلَفِ فِي الثَّمَنِ قَوِيٌّ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ، وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ إذَا بَاعَ أَمَةً تَتَوَاضَعُ، وَاشْتَرَطَ النَّقْدَ لِلثَّمَنِ فِي الْعَقْدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَظْهَرَ حَامِلًا فَيَكُونَ سَلَفًا أَوْ تَحِيضَ فَيَكُونَ ثَمَنًا، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَقَعَ بَيْعُهَا عَلَى شَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ لَا إنْ اشْتَرَطَ عَدَمَهَا أَوْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَهَا كَمَا فِي بِيَاعَاتِ مِصْرَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُ النَّقْدِ لَكِنْ لَا يُقِرُّ أَنَّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ تُنْزَعُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَيُجْبَرَانِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَنْ تُسْتَبْرَأُ فَلَا يَضُرُّ اشْتِرَاطُ نَقْدِ الثَّمَنِ فِيهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ احْتِمَالَ الْحَمْلِ فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ أَقْوَى مِنْهُ فِيمَنْ تُسْتَبْرَأُ.

(ص) وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ آجَرَ أَرْضًا لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا إجَارَةً عَلَى الْبَتِّ، وَاشْتَرَطَ فِي عَقْدِ كِرَائِهَا انْتِقَادَ ثَمَنِهَا فَإِنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ يَكُونُ فَاسِدَ الدَّوْرِ أَنَّهُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهَا إنْ رُوِيَتْ كَانَ أَجْرًا، وَإِنْ لَمْ تُرْوَ كَانَ سَلَفًا فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً كَأَرْضِ النِّيلِ جَازَ النَّقْدُ فِيهَا.

(ص) وَجُعْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَاعَلَ شَخْصًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ أَوْ بَعِيرِهِ الشَّارِدِ، وَاشْتَرَطَ الْمَجْعُولُ لَهُ انْتِقَادَ الْجُعْلِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا، وَظَاهِرُ الْمُؤَلِّفِ مَعَ ظَاهِرِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْجُعْلِ إنَّمَا يُفْسِدُهُ شَرْطُ النَّقْدِ لَا التَّطَوُّعُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٍ لِمَا فِيهَا مِنْ أَنَّ النَّقْدَ يُفْسِدُ مُطْلَقًا اُنْظُرْ نَصَّهَا مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَإِجَارَةٍ لِحَزْرِ زَرْعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا يَحْزِرُ زَرْعَهُ أَوْ يَحْصُدُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاطُ انْتِقَادِ الْكِرَاءِ، وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ رُبَّمَا يَتْلَفُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخَلَفُ فَهُوَ إنْ سَلَّمَ كَانَ أُجْرَةً، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَانَ سَلَفًا، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الزَّرْعِ خَلَفُهُ إذَا تَلِفَ، وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى رَبِّهِ خَلَفُهُ إذَا تَلِفَ فَلَا يَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ النَّقْدِ، وَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ.

(ص) وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا مُعَيَّنًا أَوْ دَابَّةً مُعَيَّنَةً بِقَبْضِ مَنْفَعَةِ مَنْ ذُكِرَ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ لِلْأُجْرَةِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ، وَيَفْسُدُ بِذَلِكَ، وَقَيَّدْنَا الْأَجِيرَ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْكِرَاءَ الْمَضْمُونَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ أَوْ الشُّرُوعُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَا دُونَ الشَّهْرِ لَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إذَا تَأَخَّرَ فَوْقَ نِصْفِ الشَّهْرِ، وَنَحْوَهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقُ فِي مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ بِشَرْطٍ ذَكَرَ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ تَطَوُّعًا إلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا فَقَالَ (ص) وَمُنِعَ، وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبَةٍ وَكِرَاءٍ ضَمِنَ وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً بِخِيَارٍ، وَهِيَ مِمَّنْ يَتَوَاضَعُ مِثْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ بَيَانُهُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ ذَاتًا غَائِبَةً عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ، وَصَدَرَ ذَلِكَ عَلَى خِيَارٍ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ، وَسَوَاءٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إلَّا بِعُيُوبٍ ثَلَاثَةٍ) الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) أَقُولُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ هِيَ كَوْنُ الرَّقِيقِ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا حَدَثَ فِيهَا شَيْءٌ يُرَدُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ عَلَى شَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ) أَيْ أَوْ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهَا (أَقُولُ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ حَالُ النَّاسِ يَخْتَلِفُ فِيهَا فَأَقُولُ يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ اعْتِبَارِهَا أَوْ عَدَمِهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ، وَتَبْقَى حَالَةُ التَّسَاوِي (أَقُولُ) وَيُرْتَكَبُ الْأَحْوَطُ فَيُحْكَمُ بِالْفَسَادِ.

(قَوْلُهُ كَأَرْضِ النِّيلِ) أَيْ بَعْضِ أَرْضِ النِّيلِ فَإِذَا رُوِيَتْ بِالْفِعْلِ وَجَبَ النَّقْدُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ

(قَوْلُهُ وَجُعْلٍ) أَيْ وَشُرِطَ نَقْدٌ فِي جُعْلٍ (قَوْلُهُ اُنْظُرْ نَصَّهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ نَقَلَ الْمَوَّاقُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ ذَكَرَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مِثْلَ شَرْطِ النَّقْدِ النَّقْدُ تَطَوُّعًا، وَبَحَثَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا هِيَ إجَارَةٌ اُشْتُرِطَ فِيهَا التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، وَاشْتُرِطَ ذَلِكَ لَا يَخْرُجهَا عَنْ كَوْنِهَا إجَارَةً، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ، وَعَلَى أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِيهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا إجَارَةً أَنَّ اللَّخْمِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ فِيهَا مِنْ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ بِحِسَابِهِ، وَالْجُعْلُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَبِفَرْضِ كَوْنِهَا جِعَالَةً فَهِيَ جِعَالَةٌ عَلَى خِيَارٍ، وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ فِي جُعْلٍ لَا خِيَارَ فِيهِ اهـ.

وَلِذَلِكَ أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجُعْلَ لَا يَضُرُّ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ يَحْزِرُ زَرْعَهُ) هَذَا عَلَى أَنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ حَرْزٌ بِحَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَزَايٍ سَاكِنَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَحْصُدُهُ هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ بِجَزٍّ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَجِيمٍ وَزَايٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَاشِيًا عَلَى ضَعِيفٍ، وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْكَلَامِ الْحَاوِي لِلنَّظَائِرِ ذِكْرُ غَيْرِ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُ كَمَا فِي شَرْحِ شب.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الزَّرْعِ خَلَفُهُ أَوْ يُعْطِيَهُ الْأُجْرَةَ بِتَمَامِهَا.

(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) كَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ مَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ) وَهِيَ أَنَّهُ إذَا أُكْرِيَتْ السَّفِينَةُ لِتُرْكَبَ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا فَفِي ابْنِ يُونُسَ إنْ اكْتَرَى سَفِينَةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا وَقْتَ صَلَاحٍ لِرُكُوبٍ جَازَ ثُمَّ إنْ كَانَ وَقْتُ صَلَاحِ الرُّكُوبِ قَرِيبًا مِثْلَ نِصْفِ شَهْرٍ وَنَحْوُهُ جَازَ النَّقْدُ، وَإِنْ بَعُدَ كَالشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ اهـ. أَيْ بِشَرْطِ إذْ هُوَ الَّذِي تَتَرَدَّدُ فِيهِ النُّقُودُ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَنْقُودٍ لَا تُعْرَفُ عَيْنُهُ) وَهُوَ الْمِثْلِيُّ (قَوْلُهُ إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) أَيْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>