للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَا يَشْتَرِي الْأَبْكَارَ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَجَلِ يَمِينِهِ، وَيَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا، وَلَا يَصْدُقُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ فَإِذَا اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً، وَقَالَ إنَّمَا أَرَدْتهَا نَصْرَانِيَّةً لِأَنِّي أُرِيدُ تَزْوِيجَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ عِنْدِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْيَمِينَ مَظِنَّةُ الْخَفَاءِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا.

(ص) وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ (ش) قَالَ مَالِكٌ إذَا نَادَى الَّذِي يَبِيعُ الْجَارِيَةَ فِي الْمِيرَاثِ أَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَوَجَدَهَا عَلَى خِلَافِهِ أَوْ أَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ فَتُوجَدُ بِخِلَافِهِ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي شَرْطًا لَا غَرَضَ فِيهِ، وَلَا مَالِيَّةَ كَمَا إذَا شَرَطَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ جَاهِلٌ فَوَجَدَهُ عَالِمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّرْطَ يَسْقُطُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ، وَكَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا لِحِرَاسَةٍ زَرْعِهِ مَثَلًا وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ غَيْرُ كَاتِبٍ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا إنْ انْتَفَى (ش) أَيْ لَا إنْ انْتَفَى الْغَرَضُ السَّابِقُ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الْمَالِيَّةِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ فَلِذَا وُجِدَ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ لَا إنْ انْتَفَى بِضَمِيرِ الْإِفْرَادِ (ص) وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى عَدَمٍ أَيْ وَرُدَّ بِوُجُودِ شَيْءٍ الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ سَوَاءٌ أَثَّرَ ذَلِكَ الشَّيْءُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ كَالْإِبَاقِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ كَالْخِصَاءِ أَوْ فِي التَّصَرُّفِ كَالْعُسْرِ وَالتَّخَنُّثِ أَوْ خِيفَ عَاقِبَتُهُ كَجُذَامِ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ أَخَذَ فِي أَمْثِلَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَعَوَرٍ) وَأَحْرَى الْعَمَى، وَذَهَابُ بَعْضِ نُورِ الْعَيْنِ كَذَهَابِ كُلِّهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ السَّلَامَةَ مِنْهُ (وَقَطْعٍ) ، وَلَوْ أُنْمُلَةٍ (ص) وَخِصَاءٍ وَاسْتِحَاضَةٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَهُ خَصِيًّا فَإِنَّهُ عَيْبٌ، وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَزِيَادَةِ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ الْمُغَنِّيَةِ فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَهَا مُغَنِّيَةً يَرُدُّهَا قَالَ فِي الْجَلَّابِ الْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَالرَّتْقُ وَالْإِفْضَاءُ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَأَمَّا الْعُنَّةُ وَالِاعْتِرَاضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رَدَّ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا مُسْتَحَاضَةً فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، وَلَوْ فِي الْوَخْشِ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا إنْ اتَّصَلَتْ بِدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَبِعِبَارَةِ تَقْيِيدِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا إذَا ثَبَتَتْ اسْتِحَاضَتُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ تَحِيضُ حَيْضَةً لَا شَكَّ فِيهَا ثُمَّ تَسْتَمِرُّ مُسْتَحَاضَةً فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ بِذَلِكَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ تَقْيِيدِ مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ الْآتِيَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْحَلِفِ وَالْوَضْعِ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحَاضَةِ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يُقَيَّدُ بِشَهْرٍ وَلَا بِشَهْرَيْنِ (ص) وَرَفْعَ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ (ش) الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ التَّأَخُّرُ عَنْ الْعَادَةِ فِي الرَّائِعَةِ وَالْوَخْشِ بِمَا عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِ ضَرَرٌ، وَهَذَا فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَتَوَاضَعُ إذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي نَفْيِ قِدَمِهِ، وَصَارَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ كَمَا يَأْتِي.

(ص) وَعُسْرٍ وَزِنًا وَشُرْبٍ وَبَخَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَهُ أَعْسَرَ فَإِنْ ذَلِكَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ، وَهُوَ الْبَطْشُ بِالْيُسْرَى دُونَ الْيُمْنَى ذَكَرًا كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَوْ لَا يَشْتَرِي الْأَبْكَارَ) فِي التَّمْثِيلِ بِهَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ يَحْنَثُ كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ فَاشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا، وَحَيْثُ كَانَ يَحْصُلُ الْحِنْثُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ وَرُدَّ بِعَدَمٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلرَّدِّ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ فَإِذَا اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً إلَخْ) أَيْ وَقَدْ اُشْتُرِطَ أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً فَلَا رَدَّ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ إنَّمَا أَرَدْتهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا اشْتَرَطْت كَوْنَهَا نَصْرَانِيَّةً لِأَنِّي أُرِيدُ إلَخْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرْطِ لَا فِي الْإِرَادَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَيْ: يَشْهَدُهَا أَوَّلًا أَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ فِي الْمِيرَاثِ) إنَّمَا خَصَّ الْمِيرَاثَ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِطُ، وَقَوْلُهُ أَوْ وُجِّهَ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نَصْرَانِيٌّ، وَتَقُومُ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ تَزْوِيجُهُ (قَوْلُهُ فَيُلْغَى الشَّرْطُ) أَيْ الْمَشْرُوطُ لِأَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَيَلْتَزِمُهُ الْبَائِعُ لَا مِنْ الْمُنَادِي بَدْرٌ (قَوْلُهُ فَلِذَا وُجِدَ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ انْتَفَيَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ أَيْ الْغَرَضُ وَالْمَالِيَّةُ، وَهِيَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ظَاهِرَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) وَمِنْ ذَلِكَ كُتُبُ الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَجِدْ فِيهَا لَفْظَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُرَدُّ، وَلَا يَكْفِي الرَّمْزُ كَصَلْعَمْ انْتَهَى بَدْرٌ (قَوْلُهُ كَعَوَرٍ، وَأَحْرَى الْعَمَى) وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا أَوْ الْمُبْتَاعُ لَا يَبْصُرُ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا فَإِنْ كَانَ خَفِيَا كَمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَسْلُوبَ بَصَرِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ مَعَ قِيَامِ الْحَدَقَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا وَالْمُشْتَرِي بَصِيرًا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْإِبَاقَ وَالسَّرِقَةَ وَلَوْ مِنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ الثَّمَنَ، وَهُرُوبُهُ مِنْ الْمَكْتَبِ لَا لِخَوْفٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ فَلَا يُسَمَّى بِهِ هَارِبًا قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ، وَاخْتُلِفَ إذْ انْتَقَلَ عَنْ عَادَتِهِ، وَأَرَى أَنْ يَرْجِعَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ انْتَهَى عج (قَوْلُهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ خِصَاءَ فُحُولِ الْبَقَرِ الْمُعَدَّةِ لِلْعَمَلِ لَيْسَ عَيْبًا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ أَنْ لَا يُسْتَعْمَلَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ إلَّا الْخَصِيُّ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الدَّمَ يُضْعِفُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَيَّدُ بِشَهْرٍ وَلَا بِشَهْرَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنَّ فِيهَا: وَالِاسْتِحَاضَةُ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا شَهْرَانِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ فَرَّقَ فِي الْبَرَصِ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْبَرَصِ وَالِاسْتِحَاضَةِ أَنَّ الْبَرَصَ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ فِي الْغَالِبِ بِخِلَافِ الِاسْتِحَاضَةِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ فِي الْغَالِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>