للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي الْغَائِطِ (ص) وَبَلُّهَا قَبْلَ لُقِيِّ الْأَذَى وَغَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ بَلُّ بَاطِنِ الْيَدِ الْيُسْرَى قَبْلَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ لِيَسْهُلَ إزَالَةُ مَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنْ الرَّائِحَةِ لِأَنَّهَا إذَا لَاقَتْ النَّجَاسَةَ وَهِيَ جَافَّةٌ تَعَلَّقَتْ الرَّائِحَةُ بِالْيَدِ وَتَتَمَكَّنُ مِنْهَا وَيُنْدَبُ أَيْضًا غَسْلُ الْيَدِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِتُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْلَعُ الرَّائِحَةَ، وَإِنَّمَا قَالَ وَبَلُّهَا وَلَمْ يَقُلْ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَيَغْسِلُ الْيُسْرَى لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْغَسْلِ بَلْ الْبَلُّ كَافٍ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ.

(ص) وَسَتْرٌ إلَى مَحِلِّهِ وَإِعْدَادُ مُزِيلِهِ وَوِتْرِهِ، وَتَقْدِيمُ قُبُلِهِ وَتَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ وَاسْتِرْخَاؤُهُ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يُدِيمَ السَّتْرَ إلَى مَحِلِّ خُرُوجِ الْأَذَى فَيُدِيمُهُ إلَى دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى ثِيَابِهِ وَإِلَّا رَفَعَ قُبُلَهُ مَا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَإِلَّا وَجَبَ السَّتْرُ وَمِنْ الْآدَابِ إعْدَادُ الْمُزِيلِ مِنْ مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ تَعَدَّتْ إلَى ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ وَمِنْ الْآدَابِ كَوْنُ الْمُزِيلِ الْجَامِدِ وِتْرًا مِنْ ثَلَاثٍ إلَى سَبْعٍ ثُمَّ لَا يَطْلُبُ إلَّا الْإِنْقَاءَ وَيَحْصُلُ فَضْلُ الْإِيتَارِ بِحَجَرٍ لَهُ شُعَبٌ ثَلَاثٌ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَأَبِي الْفَرَجِ وَمِنْ الْآدَابِ تَقْدِيمُ إنْقَاءَ الْقُبُلِ اسْتِنْجَاءً وَاسْتِجْمَارًا عَلَى دُبُرِهِ خَوْفَ التَّلَوُّثِ لَوْ عَكَسَ إلَّا إنْ كَانَ بَوْلُهُ يَقْطُرُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْمَاءِ لِدُبُرِهِ، فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ أَوَّلًا ثُمَّ الْقُبُلَ وَمِنْ الْآدَابِ تَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ عِنْدَ الْبَوْلِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَالْإِسْهَالِ لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَمِنْ الْآدَابِ اسْتِرْخَاؤُهُ قَلِيلًا كَمَا قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا ضِدُّ الِانْقِبَاضِ وَالتَّكَمُّشِ وَمِنْ الْآدَابِ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَلَوْ بِكُمِّهِ خَوْفًا مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِالشَّعْرِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ وَمِنْ الْآدَابِ عَدَمُ الْتِفَاتِهِ بَعْدَ قُعُودِهِ وَعَدَمُ نَظَرِهِ إلَى السَّمَاءِ وَالْعَبَثِ بِيَدِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ قُعُودِهِ فَيُنْدَبُ الْتِفَاتُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا خَوْفًا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيهِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ الِالْتِفَاتِ بَعْدَ قُعُودِهِ لِئَلَّا يَرَى مَا يُؤْذِيهِ فَيَقُومَ وَيَقْطَعَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ إذَا اسْتَجْمَرَ بِهَا ابْتِدَاءً ثُمَّ اسْتَنْجَى بِدُونِ اسْتِجْمَارٍ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ بَلِّهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا وَإِذَا اسْتَجْمَرَ ابْتِدَاءً بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ اسْتَنْجَى فَلَا يُطْلَبُ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إلَى مَحِلِّ خُرُوجِ الْأَذَى) أَيْ فَالضَّمِيرُ فِي مَحِلِّهِ فِي الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِخُرُوجِ الْأَذَى لَا لِقَاضِي الْحَاجَةِ فَيَكُونُ ظَاهِرًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إلَى مَحَلِّ مَا يُلْقَى فِيهِ الْأَذَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ خُرُوجِ الْأَذَى لِلدُّبُرِ وَالْمَقْصُودُ ظَاهِرٌ وَالْأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُرَادَ بِمَحَلِّهِ دُنُوُّهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: فَيُدِيمُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنْ يُدِيمَهُ إلَى دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَاقِفًا عَلَى الْحُفْرَةِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سِتْرٌ إلَى مَحَلِّ لُقِيِّ الْأَذَى (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْكَنِيفِ الَّذِي عَلَيْهِ بَابٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْكَنِيفِ أَوْ فِيهَا إلَّا أَنَّهَا لَا بَابَ لَهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْإِسْبَالِ عِنْدَ الْقِيَامِ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَرَأَيْت عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إسْبَالُ الثَّوْبِ إذَا فَرَغَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ تَنَجُّسَ ثَوْبِهِ، فَإِنْ خَافَهُ رَفَعَ قَدْرَ حَاجَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ وَتَحَرَّكَ لِتَحْصِيلِ الْمُزِيلِ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَلَا يَكْفِيهِ إلَّا الْمَاءُ وَكَانَ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لَوْ أَعَدَّ حَجَرًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ تَعَدَّتْ فَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَلَاثٍ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَوْ وِتْرًا أَيْ إعْدَادُ الْمُزِيلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْجَامِدِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ لَا شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ كَمَا فِي عب؛ لِأَنَّ شِبْهَ الِاسْتِخْدَامِ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى ثُمَّ تَذْكُرَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ بِمَعْنًى آخَرَ كَأَنْ تَقُولَ عِنْدِي عَيْنٌ فَأَنْفَقْت الْعَيْنَ حَيْثُ تُرِيدُ بِالْعَيْنِ الْأُولَى الْجَارِيَةَ وَتُرِيدُ بِالثَّانِيَةِ الذَّهَبَ وَمَحَلُّ نَدْبِ الْوِتْرِ حَيْثُ أَنْقَى بِالشَّفْعِ، فَإِنْ أَنْقَى بِالْوِتْرِ تَعَيَّنَ فَلَمْ يَتَأَتَّ النَّدْبُ وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَاحِدُ دَاخِلًا فِي الْوِتْرِ فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوِتْرُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وِتْرٌ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْهَالِ) أَيْ انْطِلَاقِ الْبَطْنِ وَهُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: اسْتِرْخَاؤُهُ قَلِيلًا) أَيْ لِيَكُونَ أَقْرَبَ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِي غُضُونِ الْمَحَلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ ذُو غُضُونٍ تَنْقَبِضُ عِنْدَ حِسِّ الْمَاءِ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ فَإِذَا اسْتَرْخَى تَمَكَّنَ مِنْ الْإِنْقَاءِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِجْمَارِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الِاسْتِرْخَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حُصُولُ مَا ذُكِرَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ أَفَادَهُ عج.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا إلَخْ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْقُلَّةِ فِي الْغُسْلِ بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي النَّجَاسَةِ فِي الْجَسَدِ أَشَدُّ مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ الَّتِي بِدَاخِلِ الْفَمِ وَبِدَاخِلِ الْأَنْفِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ) أَيْ حَالَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَتَعَلُّقِهَا كَحَالِ الِاسْتِنْجَاءِ وَنَحْوِهِ لِلْحَطَّابِ بَلْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ شَامِلٌ لِحَالِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكُمِّهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ وَغَيْرِهِ فَيُكْرَهُ أَنْ يَذْهَبَ لِلْخَلَاءِ حَاسِرًا، وَأَمَّا فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ بِالسَّتْرِ حَيْثُ قَالَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ إذَا خَلَوْتُمْ إنِّي لَأَذْهَبُ إلَى حَاجَتِي فِي الْخَلَاءِ مُتَقَنِّعًا بِرِدَائِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي اهـ.

وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ رَأْسُهُ مَسْتُورًا (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِالشَّعْرِ) أَيْ فَتَضُرُّهُ (أَقُولُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتُرَ لِحْيَتَهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُغَطِّ رَأْسَهُ أَصَابَهُ مَرَضٌ يُقَالُ لَهُ اللَّوَى يَمْنَعُ الْخَارِجَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرَى مَا يُؤْذِيهِ) أَيْ غَيْرَ قَادِمٍ عَلَيْهِ يُؤْذِيهِ وَمِنْ الْآدَابِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى الْفَضْلَةِ وَأَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ قِيلَ مَنْ أَدَامَ النَّظَرَ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اُبْتُلِيَ بِصُفْرَةِ الْوَجْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>