للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَذْكُرُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ أُعِدَّ مُنِعَ أَيْ كُرِهَ وَهَذَا إذَا دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، فَإِنْ أَدْخَلَ رِجْلًا وَاحِدَةً فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.

(ص) وَسُكُوتٌ إلَّا لِمُهِمٍّ (ش) أَيْ وَمِنْ الْآدَابِ السُّكُوتُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ إلَّا لِأَمْرٍ مُهِمٍّ فَلَا يُنْدَبُ السُّكُوتُ حِينَئِذٍ فَيَجُوزُ لِتَعَوُّذٍ قَدْ يَجِبُ كَتَحْذِيرٍ مِنْ حَرْقٍ أَوْ أَعْمَى يَقَعُ أَوْ دَابَّةٍ وَمِنْ الْمُهِمِّ طَلَبُ مَا يُزِيلُ بِهِ الْأَذَى وَلِذَلِكَ طَلَبَ مِنْهُ إعْدَادَ الْمُزِيلِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا طُلِبَ السُّكُوتُ وَهُوَ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَحِلَّ مِمَّا يُطْلَبُ سَتْرُهُ وَإِخْفَاؤُهُ وَالْمُحَادَثَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ ذَلِكَ.

(ص) وَبِالْفَضَاءِ تَسَتُّرٌ وَبُعْدٌ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِي الْفَضَاءِ أَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِكَشَجَرَةٍ وَأَنْ يَبْعُدَ حَتَّى لَا يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ وَلَا يُرَى لَهُ عَوْرَةٌ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ بِمَكَّةَ يَخْرُجُ نَحْوَ الْمِيلَيْنِ مِنْ مَكَّةَ» مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ تَعْظِيمِ الْحَرَمِ لَا لِلسَّتْرِ.

(ص) وَاتِّقَاءُ حَجَرٍ وَرِيحٍ وَمَوْرِدٍ وَطَرِيقٍ وَظِلٍّ وَصُلْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ لِقَاضِي الْحَاجَةِ لَا بِقَيْدِ الْفَضَاءِ اتِّقَاءُ الشَّقِّ مُسْتَدِيرًا أَوْ مُسْتَطِيلًا خَوْفًا مِنْ خُرُوجِ الْهَوَامِّ الْمُؤْذِيَةِ مِنْهُ أَوْ لِكَوْنِهِ مَسَاكِنَ الْجِنِّ وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ مَهَابِّ الرِّيحِ وَلَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الَّتِي لَهَا مَنْفَذٌ يَدْخُلُ الْهَوَاءُ فِيهَا مِنْ مَوْضِعٍ وَيَخْرُجُ مِنْ آخَرَ مَخَافَةً مِنْ رَدِّ الرِّيحِ بَوْلَهُ عَلَيْهِ وَلْيَبُلْ فِي وِعَاءٍ وَيُفْرِغْهُ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْ الْمِرْحَاضِ وَيَسِيلُ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ زِيَادَةِ شَطٍّ إنْ فُسِّرَ الْمَوْرِدُ بِمَا يُمْكِنُ الْوُرُودُ مِنْهُ لَا بِمَا اُعْتِيدَ لِلْوُرُودِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ مَوْضِعِ وُرُودِ الْمَاءِ مِنْ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ وَلَعَلَّهُ اُسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ الشَّطِّ وَهُوَ جَانِبُ النَّهْرِ وَكَذَا الْإِبَاحَةُ لِذِكْرِ الْمَاءِ الدَّائِمِ إذْ هُوَ أَحْرَى مِنْ الْمَوْرِدِ وَالشَّطِّ وَمِنْ الْآدَابِ

ــ

[حاشية العدوي]

فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنْ يَقُولَ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا فِي حَالَةِ جُلُوسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ مَا لَمْ يَكْشِفْ عَوْرَتَهُ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يَقُولُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ الْحَدَثُ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَشَفَ وَمَا قُلْنَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ قَوْلُهُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِتَعَوُّذٍ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى الْكَافِ فَلَمْ تَتِمَّ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى فَيَجُوزُ التَّكَلُّمُ لِأَجْلِ تَعَوُّذٍ أَيْ تَحْصِينٍ أَيْ عِنْدَ الِارْتِيَاعِ (قَوْلُهُ: كَتَحْذِيرٍ مِنْ حَرْقٍ) أَوْ خَوْفِ تَلَفِ مَالٍ وَقَيَّدَهُ الْبِسَاطِيُّ بِكَوْنِهِ لَهُ بَالٌ قَالَ تت وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ مُهِمًّا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى مَا لَهُ بَالٌ فَالْقَيْدُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْمَى) أَيْ كَتَحْذِيرِ أَعْمَى.

(قَوْلُهُ: وَبِالْفَضَاءِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ عَامٍّ أَيْ نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ كَذَا وَكَذَا بِكُلِّ مَكَان وَنُدِبَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ بِالْفَضَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِكَشَجَرَةٍ) بِحَيْثُ لَا تُرَى جُثَّتُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ) فَيُنْظَرَ فِيهِ لِحَالِهِ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْحَدِّ بِأَنْ كَانَ لَهُ رِيحٌ قَوِيٌّ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَبْعُدُ بِحِسَابِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَى لَهُ عَوْرَةٌ) إنْ قُلْت: إنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ قُلْت إنَّهُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ فَالْمُرَادُ يَبْعُدُ بِحَيْثُ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ لَا تُرَى عَوْرَتُهُ فَلَوْ أَنَّهُ جَلَسَ فِيمَا يَحْتَمِلُ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ إلَّا إذَا رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ بِالْفِعْلِ فَظَهَرَ مَا قَالَهُ.

(قَوْلُهُ: الشَّقِّ مُسْتَدِيرًا إلَخْ) هَذَا لَيْسَ مَعْنًى لُغَوِيًّا إذْ مَعْنَى الْجُحْرِ لُغَةً الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُقَالُ لَهُ سَرَبٌ قَالَ الْحَطَّابُ جُحْرٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَهُوَ الثُّقْبُ الْمُسْتَدِيرُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْمُسْتَطِيلُ وَيُسَمَّى السَّرَبُ بِفَتْحٍ وَقَالَ فِي ك، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجُحْرِ، وَإِنْ كَانَ السَّرَبُ كَذَلِكَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَلِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُعِدَّ مَا يَبُولُ فِيهِ لَيْلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَبُولُ فِي مِرْحَاضٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَضْرِبَ بِرِجْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لِتَنْفِرَ الْهَوَامُّ مَخَافَةَ أَنْ تُؤْذِيَهُ أَوْ تُنَجِّسَهُ (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ فَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بَعْضُ الْهَوَامِّ فَيُشَوِّشُ عَلَيْهِ (فَإِنْ قُلْت) إنَّ الشَّيَاطِينَ يُحِبُّونَ النَّجَاسَاتِ (قُلْت) نَعَمْ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ التَّلَطُّخَ بِهَا فَأَنْتَ تُحِبُّ الْعَسَلَ هَلْ تُحِبُّ أَنْ تَتَلَطَّخَ بِهِ (قَوْلُهُ: اتِّقَاءُ مَهَابِّ الرِّيحِ) عَامٌّ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ الرَّقِيقِ قَالَ فِي ك وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يُطْلَبُ بِاتِّقَاءِ الرِّيحِ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ اتِّقَاءُ مَهَابِّهَا مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَدْخَلِ اتِّقَاءُ مَهَابِّهَا (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا وَقَعَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الشَّطَّ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ لِلْوُرُودِ وَلَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ يَجْتَنِبُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ خُصُوصًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِ عِمَارَةٍ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت تت قَالَ مَا نَصُّهُ وَأُلْحِقَ بِهِ شَاطِئُ النَّهْرِ حَيْثُ يَقْصِدُهُ النَّاسُ اهـ.

(أَقُولُ) إذَا كَانَ يَقْصِدُهُ النَّاسُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْرِدِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الشَّطِّ) أَيْ إنْ قُلْنَا الْمُرَادُ مَكَانُ الْوُرُودِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ أَحْرَى مِنْ النَّهْرِ) فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَإِرْشَادٍ وَهُوَ فِي الْقَلِيلِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَقِيلَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَفْسُدُ لِتَكَرُّرِ الْبَائِلِينَ وَيَظُنُّ الْمَارُّ أَنَّهُ تَغَيَّرَ مِنْ قَرَارِهِ وَيَلْحَقُ بِالْبَوْلِ فِيهِ التَّغَوُّطُ فِيهِ وَصَبُّ النَّجَاسَةِ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ: إنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي الْقَلِيلِ إذْ قَدْ يَتَغَيَّرُ مِنْهُ فَيُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ قَرَارِهِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِبَعْضِهِمْ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَعَلَى بَابِهَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَقَوْلُهُ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا أَيْ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا كَالْمُسْتَبْحِرِ كَمَا فِي التَّلْقِينِ وَصَرَّحُوا بِجَوَازِهِ فِي الْجَارِي ذَكَرَهُ فِي ك

<<  <  ج: ص:  >  >>