للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُقَوَّمِ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ أَوْ تَلَفِهِ قَدْ انْحَلَّتْ الْعُقْدَةُ فَالتَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ نِسْبَةُ الْجُزْءِ الْبَاقِي إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَنِسْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ مَجْمُوعِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِ بَاقِي الْمِثْلِيِّ فَإِنَّ مَنَابَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ.

(ص) وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ كَقَاعٍ وَإِنْ انْفَكَّ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبْعِ بِحِصَّتِهِ لَا أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا فَوَجَدَ أَسْفَلَهُ مُخَالِفًا لِأَوَّلِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِمَّا يَنْفَكُّ عَنْ الطَّعَامِ عَادَةً أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ كَقِيعَانِ الْأَهْرَاءِ وَالْأَنْدَرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَالْمَعِيبُ كُلُّهُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْفِكَاكِ الْعَيْبِ عَنْ الطَّعَامِ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ قَدْرَ رُبْعِ فَأَقَلَّ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ مَا ذُكِرَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ السَّلِيمُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الرُّبْعَ أَوْ الْخُمُسَ قَلِيلٌ لَا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي رَدًّا، وَلَيْسَ لَهُ الْتِزَامُ السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ إنْ أَبَى الْبَائِعُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ السَّلِيمُ بَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْجَمِيعِ وَرَدِّ الْجَمِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ بِحِصَّتِهِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَعِيبَ مِنْ الْمِثْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ رُبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَرُدُّ الْمَعِيبَ لِبَائِعِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ.

(ص) وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ شِيَاهٍ مَثَلًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَسَمَّيَا لِكُلِّ ثَوْبٍ دِينَارًا فَاسْتُحِقَّ أَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِهَا وَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَوَجَبَ التَّمَاسُكُ بِبَاقِي الصَّفْقَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَالتَّسْمِيَةُ لَغْوٌ لِجَوَازِ اخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى الْقِيمَةِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمُسْتَحَقُّ أَوْ الْمَعِيبُ وَبَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الصَّفْقَةِ، وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ الْمَعِيبِ إلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَةِ، وَيَرْجِعُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ سَكَتَ الْمُتَبَايِعَانِ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ عَنْ الرُّجُوعِ إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْعَيْبِ صَحَّ الْعَقْدُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّ) الْعَقْدُ إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ بَلْ (وَلَوْ سَكَتَا) عَنْ الرُّجُوعِ لِلتَّسْمِيَةِ وَالْقِيمَةِ، وَيَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ (لَا إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لَهَا) أَيْ لِلتَّسْمِيَةِ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْقِيمَةِ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَرُدَّ بَعْضُ -

ــ

[حاشية العدوي]

الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ فَيَرُدُّ الْجَمِيعَ، وَبَيْنَ التَّمَاسُكِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ لَا بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ أَوْ التَّالِفُ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَقَدْ اسْتَوَوْا فِي لُزُومِ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَفِي الْعَيْبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْجَمِيعِ وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ، أَوْ رَدَّ الْجَمِيعَ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْبَاقِي فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ قَوْلُ عب إلَّا الْمِثْلِيَّ فَلَا يَحْرُمُ التَّمَاسُكُ بِالْأَقَلِّ بَلْ يُخَيَّرُ عَلَى تَفْصِيلٍ فَفِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالتَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَفِي التَّعْيِيبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ فَيَرُدُّ الْجَمِيعَ وَبَيْنَ التَّمَاسُكِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ لَا بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا اهـ. يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّالِفُ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَشُدَّ يَدَك عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ وَنِسْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْمَنْسُوبُ إمَّا السَّلِيمُ أَوْ غَيْرُهُ فَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ.

(قَوْلُهُ لِوَاجِدٍ) صِلَةُ الْكَلَامِ، وَقَوْلُهُ فِي قَلِيلٍ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا كَلَامًا لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمُضَافِ لِأَنَّ كَلَامًا بِمَعْنَى تَكَلَّمَ عَامِلٌ فِي وَاجِدٍ النَّصْبَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا عَلَى قِلَّةٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي قَلِيلٍ) أَيْ فِي عَيْبٍ قَلِيلٍ، وَقَوْلُهُ لَا يَنْفَكُّ أَيْ لَا تَجْرِي الْعَادَةُ بِانْفِكَاكِهِ غَالِبًا، وَقَوْلُهُ كَقَاعٍ أَيْ كَتَغَيُّرِ طَعَامِ قَاعٍ لِأَنَّ الْقَاعَ اسْمٌ لِلْمَحَلِّ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ كَقِيعَانِ الْأَهْرَاءِ) جَمْعُ هُرْيٍ الْقَمْحُ الْمُجْتَمِعُ كَقَمْحِ الشُّوَنِ، وَقَوْلُهُ وَالْأَنْدَرِ كَالْجُرْنِ يُوجَدُ بِقَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَلَلٌ يَسِيرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ قَدْرَ رُبْعٍ) أَيْ، وَفَوْقَ رُبْعٍ، وَدُونَ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ الرُّبْعِ فَالْمُرَادُ بِالرُّبْعِ مَا دُونَ الثُّلُثِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهَا لَهُ ذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ، وَنَصُّ بَهْرَامَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي ابْنِ يُونُسَ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ هَذَا، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ فِي تَعْيِيبِ الرُّبْعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّبْعِ مَا يَشْمَلُ مَا فَوْقَهُ إلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ إلَخْ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الثُّلُثَ وَالنِّصْفَ فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلَهُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ، وَاخْتِيَارِ سَحْنُونَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ بِدُونِ رِضَا الْبَائِعِ، وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَهُ) أَيْ الْتَزَمَ السَّالِمَ وَالْمَعِيبَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ السَّالِمَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَرَدَّ الْمَعِيبَ فَلَهُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ) إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَإِذَا رَجَعَ لِلْقِيمَةِ فَلْيَنْظُرْ لِوَجْهِ الصَّفْقَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ وَهِيَ مُخَالَفَةٌ لِلْقِيمَةِ) وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ مُوَافِقَةً لِلْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ الْعَقْدُ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَرَدَّ إلَخْ يَخْطِرُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>