(ش) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى كَالْمُنْعَقِدِ أَيْ لَا يَنْدَرِجُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَبْدِ الْكَامِلِ الرِّقِّ مَالُهُ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، وَإِضَافَةُ الْمَالِ لِلْعَبْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ مِلْكًا غَيْرَ تَامٍّ، وَلَا يُشْكَلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: ٧٥] لِأَنَّ ضَرْبَ الْمَثَلِ بِعَبْدٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ كَذَلِكَ، وَقَوْلُنَا الْكَامِلِ الرِّقِّ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا أَوْ مُبَعَّضًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَبْقَى بِيَدِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ مِنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لَا يَخْدُمُ فِيهِ سَيِّدَهُ فَإِذَا مَاتَ يَوْمًا مَا وَرِثَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ، وَقَوْلُهُ وَمَالِ الْعَبْدِ شَامِلٌ لِلْحَالَاتِ الثَّلَاثِ أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ أَوْ يَشْتَرِطُهُ مُبْهَمًا، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ بَعْضَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَبَعْضِ الصُّبْرَةِ، وَبَعْضِ الزَّرْعِ، وَبَعْضِ حِلْيَةِ السَّيْفِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ عَبْدَيْنِ، وَاسْتِثْنَاءُ مَالِ أَحَدِهِمَا
(ص) وَخِلْفَةِ الْقَصِيلِ (ش) الْخِلْفَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ مَا يَخْلُفُ مِنْ الزَّرْعِ بَعْدَ جَزِّهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَفَ شَيْئًا فَهُوَ خِلْفَتُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْقَصِيلِ كَالْقَصَبِ وَالْقُرْطِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُ خِلْفَتَهُ وَلَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالشَّرْطِ لِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِلْفَةِ بِشُرُوطٍ أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً بِأَنْ تَكُونَ فِي بَلَدِ السَّقْيِ لَا فِي بَلَدِ الْمَطَرِ. الثَّانِي: أَنْ يُشْتَرَطَ كُلُّ الْخِلْفَةِ لَا بَعْضُهَا. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَرْكُ الْأَصْلِ إلَى أَنْ يُحَبِّبَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا خِلْفَةَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَبِّ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَرْكُ الْخِلْفَةِ إلَى أَنْ تُحَبِّبَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ الَّذِي هُمَا السَّيِّدَانِ، وَعِبَارَةُ شب إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَاهُ عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَبْقَى بِيَدِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ مِنْهُ) وَلَا يَنْتَزِعُهُ مُشْتَرٍ، وَلَا بَائِعٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ (قَوْلُهُ وَرِثَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ) فِيهِ تَجَوُّزٌ إذْ هُوَ يَأْخُذُ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا لَا إرْثًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ حُرٌّ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي حَالِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ لَا فِي حَالِ الِاشْتِرَاطِ إلَّا أَنَّهُ إذَا شَرَطَهُ لِلْعَبْدِ يَبْقَى بِيَدِ الْعَبْدِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ الْمُشْتَرِي، وَاشْتِرَاطُهُ لِنَفْسِهِ يَجُوزُ بِشُرُوطٍ أَنْ يَشْتَرِطَ جَمِيعَهُ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَأَنْ يَكُونَ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِمَا يُبَاعُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ تت فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذَا الثَّالِثِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ فَلَهُ ثَلَاثُ أَحْوَالٍ حَالٌ يَشْتَرِطُهُ لِلْعَبْدِ فَيَتْبَعُهُ، وَيُقَرُّ فِي يَدِهِ كَمَا كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ إلَّا أَنْ يَنْتَزِعَهُ مُشْتَرِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ دَيْنًا، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَهُ لِلْعَبْدِ يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَالثَّمَرَةِ أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَحَالٌ يَشْتَرِطُهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْبَغْدَادِيَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ لَا، وَهُوَ تَبَعٌ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا، وَإِلَّا كَانَ شِرَاءُ مَعْلُومٍ، وَمَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمُرَاعَاةِ كَوْنِ الْمَالِ بِمَا يُبَاعُ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقَالَ تت فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إنَّ مَالَ الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِهِ كَالْعَدَمِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَيْنًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ ذَهَبًا، وَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَلَوْ لِأَجَلٍ، وَتَارَةً يَشْتَرِطُهُ مُبْهَمًا لَا لِلْعَبْدِ، وَلَا لِنَفْسِهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ أَوْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ مُبْهَمًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُ اشْتِرَاطِهِ مُبْهَمًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ أَيْ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ الشَّرْطُ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَوْ أُلْحِقَ شِرَاءُ مَالِهِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِي الشَّامِلِ الْمَشْهُورِ الصِّحَّةُ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ إذَا أَبْهَمَ الْمُشْتَرِي فِي اشْتِرَاطِهِ لَهُ أَوْ لِلْعَبْدِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ بَعْضَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيَجُوزُ كَذَا صَرَّحُوا بِمُقَابِلِهِ ثُمَّ أَقُولُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ عَيْنًا أَمْ لَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، عَلِمَ قَدْرَ مَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا.
وَلَعَلَّ الْمَنْعَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا أَوْ مَعْلُومًا، وَكَانَ مَالُ الْعَبْدِ عَيْنًا، وَاشْتَرَاهُ بِعَيْنٍ إمَّا مُوَافَقَةٌ كَأَنْ يَكُونَا ذَهَبَيْنِ أَيْ وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ الْبَعْضُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوْ مَالُ الْعَبْدِ ذَهَبًا، وَاشْتَرَاهُ بِفِضَّةٍ فَيُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فَيُمْنَعُ فِي مَوْضِعِ الْمَنْعِ، وَسِرُّ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَعْضِ تَظْهَرُ الْقَصْدِيَّةُ بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ فَهُوَ بَيْعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ كَبَعْضِ الصُّبْرَةِ) الْمُنَاسِبُ، وَالصَّوَابُ كَبَعْضِ الثَّمَرَةِ، وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ الْأَشْجَارَ الَّتِي عَلَيْهَا ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ، وَيَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَرَةِ، وَتَقَدَّمَ وَجْهُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ وَبَعْضِ الزَّرْعِ) أَيْ أَنْ يَبِيعَهُ أَرْضًا، وَفِيهَا زَرْعٌ، وَيَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الزَّرْعِ، وَالْعِلَّةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ فِيهِ بَيْعَ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْته قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ بَعْضَ مَا أُبِّرَ أَوْ بَعْضَ مَا خَرَجَ مِنْ الزَّرْعِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بَيْعَ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ بَعْضِ مَا أُزْهِيَ أَوْ بَعْضِ مَا يَبِسَ مِنْ الزَّرْعِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ بَعْضِ ذَلِكَ كَاشْتِرَاطِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فَدَّانَيْنِ، وَاشْتُرِطَ زَرْعُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ بِالْجَوَازِ عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ كُلَّ فَدَّانٍ بِالْبَيْعِ، وَاشْتَرَطَ زَرْعَهُ جَازَ حَكَاهُ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ وَبَعْضِ حِلْيَةِ السَّيْفِ) صُورَتُهَا وَجَدَ سَيْفًا مُحَلًّى بِفِضَّةٍ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ السَّيْفَ مَعَ بَعْضِ الْحِلْيَةِ بِنَقْدٍ مِنْ نَوْعِ الْحِلْيَةِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي) وَلَا يَدْخُلُ الْبَطْنُ الثَّانِي بِشِرَاءِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ) وَهَذِهِ الشُّرُوطُ إنَّمَا هِيَ فِي الِاشْتِرَاطِ، وَأَمَّا فِي شِرَائِهَا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا، وَيُشْتَرَطُ مِنْهَا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا قَبْلَ جُذَاذِ الْأَصْلِ لَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ غَيْرُ تَابِعٍ