ثُلُثَ قِيمَةِ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ الَّتِي احْتَوَتْ عَلَيْهَا الصَّفْقَةُ كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْجَمِيعِ تِسْعِينَ، وَقِيمَةُ الْمُصَابِ ثَلَاثِينَ فَأَكْثَرَ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَذْهَبَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ الْمُجَاحِ ثُلُثُ مَكِيلَةِ نَفْسِهِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ فَلَا وَضْعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ أَذْهَبَتْ الْجَائِحَةُ الْجِنْسَ كُلَّهُ، وَنَسَبَهُ ابْنُ يُونُسَ لِمُحَمَّدٍ
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ وَضْعِ الْجَائِحَةِ أَنْ تُصِيبَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ انْتِهَاءِ طِيبِهَا ذَكَرَ مَفْهُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا جَائِحَةَ (ش) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ، وَقَدْ انْتَهَى طِيبُهَا فَلَا جَائِحَةَ، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ فَيَشْمَلُ الْبُقُولَ لَا مَا قَابَلَهَا، وَسَوَاءٌ بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَوْ بَعْدَ تَنَاهِيهَا، وَحَلَّ الشَّارِحُ بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ قُصُورٌ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ كَمَا قَرَّرْنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَلَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ حِينَ الزُّهُوِّ ثُمَّ أُجِيحَ بَعْدَ إمْكَانِ جِذَاذِهِ وَيُبْسِهِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ انْتَهَى (ص) كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ وَيَابِسِ الْحَبِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَصَبَ الْحُلْوَ لَا جَائِحَةَ فِيهِ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يَطِيبَ، وَيُمْكِنُ قَطْعُهُ، وَكَذَلِكَ لَا جَائِحَةَ فِي يَابِسِ الْحَبِّ كَقَمْحٍ، وَسِمْسِمٍ، وَحَبِّ فُجْلٍ سَوَاءٌ بِيعَ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْقَطْعِ، وَبَقِيَ إلَى أَنْ يَيْبَسَ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَصَابَهُ مَا أَتْلَفَهُ فَإِنَّهَا تُوضَعُ سَوَاءٌ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ فَقَوْلُهُ كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْقَصَبَ لَيْسَ مِنْ الثَّمَرِ، وَكَذَا الْحَبُّ فَقَوْلُهُ وَيَابِسُ الْحَبِّ أَيْ وَكَيَابِسِ الْحَبِّ التَّشْبِيهُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَرَةً لِشَيْءٍ، وَتَمْثِيلٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَيَابِسُ الْحَبِّ فَهُنَا كَافٌ مَذْكُورَةٌ، وَهِيَ لِلتَّشْبِيهِ، وَكَافٌ مُقَدَّرَةٌ، وَهِيَ لِلتَّمْثِيلِ وَاحْتُرِزَ بِالْحُلْوِ عَنْ الْقَصَبِ قَبْلَ جَرْيِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُجَرَّدَ جَرَيَانِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَامَلْ يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْجَائِحَةِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَتَنَاهَى طِيبُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تَكُونُ فِيهِ الْجَائِحَةُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قُلْت بَلْ يَصِحُّ إذَا بِيعَ عَلَى شَرْطِ الْجَذِّ لَا عَلَى مَا إذَا بِيعَ بِأَرْضِهِ أَوْ تَبَعًا لَهَا إذْ لَا جَائِحَةَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ، وَأَمَّا الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ فَهُوَ كَالْخَشَبِ فَلَا تَجْرِي فِيهِ الْجَائِحَةُ قَطْعًا
(ص) وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكِهِ إنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ إذَا أَصَابَ بَعْضَ الثَّمَرَةِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا جَائِحَةٌ فَإِنْ أَذْهَبَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْقِيَ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ مَا أُجِيحَ، وَمَا لَمْ يُجَحْ، وَإِنْ أَذْهَبَتْ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَبْقَى عَلَى عَمَلِهِ، وَيَسْقِي الْجَمِيعَ مَا أُجِيحَ، وَمَا لَمْ يُجَحْ، وَلَهُ الْجُزْءُ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَتْرُكَ الْمُسَاقَاةَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا عُمِلَ لَا مِنْ نَفَقَةٍ، وَلَا أُجْرَةِ عِلَاجٍ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَيَّدَهَا ابْنُ يُونُسَ بِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ شَائِعَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ فِي نَاحِيَةٍ فَلَا سَقْيَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَيَسْقِي السَّالِمَ وَحْدَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا جِدًّا الثُّلُثَ فَدُونَ
(ص) وَمُسْتَثْنَى كَيْلٍ مِنْ الثَّمَرَةِ تُجَاحُ بِمَا يُوضَعُ يَضَعُ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِقَدْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرًا بَدَا صَلَاحُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَاسْتَثْنَى الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ مِنْهُ أَرَادِبَ أَوْ أَوْسُقًا مَعْلُومَةٌ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى
ــ
[حاشية العدوي]
وَمَا قِيمَتُهُمْ بَعْدَ أَخْذِ الْجَائِحَةِ فَيُقَالُ سِتُّونَ فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ) الْمُرَادُ بِتَنَاهِي طِيبِهَا بُلُوغُهَا لِلْحَدِّ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ لَهُ مِنْ تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ أَوْ زُهُوٍّ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ بِيعَتْ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ أَوَّلًا، وَقَدْ انْتَهَى طِيبُهَا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا بِيعَتْ بَعْدَ صَلَاحِهَا فَفِيهَا الْجَائِحَةُ مَا لَمْ يَنْتَهِ طِيبُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ تَنَاهِي الطِّيبِ فَلَا جَائِحَةَ أَصْلًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ إلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ وَكَّلَ مَا لَا يُبَاعُ إلَّا بَعْدَ يُبْسِهِ مِنْ الْحُبُوبِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ حَبِّ فُجْلِ الزَّيْتِ فَلَا جَائِحَةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا بَاعَهُ فِي الْأَنَادِرِ وَمَا بِيعَ مِنْ ثَمَرِ نَخْلٍ، وَعِنَبٍ، وَغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَبِسَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ وَلَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ حِينَ الزُّهُوِّ ثُمَّ أُجِيحَ بَعْدَ إمْكَانِ جِذَاذِهِ، وَيُبْسِهِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ، وَكَأَنَّك ابْتَعْتهَا بَعْدَ إمْكَانِ الْجِذَاذِ انْتَهَى، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ تَنَاهَتْ إلَخْ سَوَاءٌ مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَطْعُ أَمْ لَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمَ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَيُبْسِهِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمْكَانِ الْجِذَاذِ الْيُبْسُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَتَمْثِيلٌ إلَخْ) أَيْ تَمْثِيلُهُ بِقَوْلِهِ الثَّمَرَةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْأَمْرَيْنِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ) أَيْ إذَا اشْتَرَى عَلَى الْجَذِّ، وَإِلَّا فَسَدَ
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا جِدًّا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ السَّالِمُ يَسِيرًا جِدًّا الثُّلُثُ أَيْ وَمَا لَمْ يَكُنْ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ، وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا جِدًّا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ السَّالِمُ يَسِيرًا جِدًّا بِأَنْ كَانَ الْهَالِكُ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْعَامِلُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ التَّرْكِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لَزِمَ الْعَامِلَ سَقْيُ الْجَمِيعِ، وَحَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُجَاحُ دُونَ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُ الْعَامِلَ سَقْيُ الْجَمِيعِ كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَإِذَا كَانَ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ فَيُخَيَّرُ الْعَامِلُ كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ كَانَ شَائِعًا خُيِّرَ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَهُ سَقْيُ مَا عَدَا الْمُجَاحَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَيَسْقِي السَّالِمَ لُزُومًا إذَا كَانَ السَّالِمُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُهُ سَقْيُ الْكُلِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّالِمُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِأَنْ كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَيْنِ فَيُخَيَّرُ الْعَامِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute