للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا بُدِئَ بِوَرَثَةِ الْمُبْتَاعِ بِالْيَمِينِ إذَا تَجَاهَلَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّ مَجْهَلَةَ الثَّمَنِ عِنْدَهُمْ كَالْفَوَاتِ فَأَشْبَهَ أَنْ لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا عِلْمَ الثَّمَنِ، وَجَهِلَهُ الْآخَرُ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعِلْمِ فِيمَا يُشْبِهُ أَيْ بِيَمِينِهِ (ص) وَبُدِئَ الْبَائِعُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ تَجَاهُلِ الثَّمَنِ، وَقُلْنَا إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالثَّمَنِ فَيُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَبْدِئَةِ الْبَائِعِ بِالْحَلِفِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ» ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ، وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي إخْرَاجَهُ بِغَيْرِ مَا رَضِيَ بِهِ، وَوَرَثَةُ الْبَائِعِ يَتَنَزَّلُونَ مَنْزِلَتَهُ، وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُ تَبْدِئَةِ الْمُشْتَرِي، وَوَرَثَتِهِ بِالْيَمِينِ حَالَ التَّجَاهُلِ بِالثَّمَنِ (ص) وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ (ش) يَعْنِي إنَّا إذَا قُلْنَا يَتَحَالَفَانِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ فَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ مَثَلًا أَنَّهُ بَاعَ بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِثَمَانِيَةٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ مَا بِعْتهَا بِثَمَانِيَةٍ، وَلَقَدْ بِعْتهَا بِعَشَرَةٍ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ أَشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ، وَلَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْبَيْعِ بِثَمَانِيَةٍ أَنَّ الْبَيْعَ بِعَشَرَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بِتِسْعَةٍ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الشِّرَاءِ بِعَشَرَةٍ أَنْ يَكُونَ بِثَمَانِيَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بِتِسْعَةٍ، وَإِنْ شَاءَ أَتَى بِأَدَاةِ الْحَصْرِ مُقَدِّمًا لِلنَّفْيِ فَيَقُولُ الْبَائِعُ مَا بِعْتهَا إلَّا بِعَشَرَةٍ، وَالْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَيْتهَا إلَّا بِثَمَانِيَةٍ

(ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ التَّقَضِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ، وَعَلَى قَدْرِهِ، وَاخْتَلَفَا فِي انْقِضَائِهِ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ عِنْدَ هِلَالِ شَوَّالٍ كَانَ الْبَيْعُ إلَى شَهْرِ أَوَّلُهُ هِلَالُ رَمَضَانَ فَقَدْ انْقَضَى، وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ بَلْ أَوَّلُهُ نِصْفُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَنْقَضِ فَالْقَوْلُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ، وَمَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ لِمُنْكِرِ التَّقَضِّي إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ غَيْرَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ أَشْبَهَ غَيْرَهُ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَتَقَدَّمَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي

ــ

[حاشية العدوي]

الْبَيْعِ هُنَا بِالْفَاسِدِ إذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَالَ الْآخَرُ (قَوْلُهُ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا بُدِئَ بِوَرَثَةِ الْمُبْتَاعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ، وَوَارِثُ كُلِّ وَاحِدٍ يَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَالْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا بُدِئَ بِالْمُشْتَرِي إلَخْ، أَيْ وَوَرَثَتُهُ يُعْطَوْنَ حُكْمَهُ قُلْت إنَّ أَصْلَ النَّصِّ إنَّمَا هُوَ فِي جَهْلِ الْوَرَثَةِ فِي أَنَّ وَرَثَةَ الْمُشْتَرِي تَقَدَّمَ بِالْيَمِينِ ثُمَّ جَعَلَ ابْنُ يُونُسَ جَهْلَ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَذَلِكَ أَيْ فِي تَقَدُّمِ الْمُبْتَاعِ بِالْحَلِفِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَنْ لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فِي أَيْدِيهِمْ) أَيْ فِي مِلْكِهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا فِي حَوْزِهِمْ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُتَّحِدٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حَوْزِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ أَنْ لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ إلَخْ) أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْفَوَاتَ يُوجِبُ تَبْدِئَةَ الْمُشْتَرِي أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْلِفُ إذَا كَانَ هُنَاكَ شَبَهٌ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعِلْمِ فِيمَا يُشْبِهُ) حَلَفَ الْآخَرُ أَوْ نَكَلَ فَإِنْ نَكَلَ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مُدَّعِي الْعِلْمِ، وَحَلَفَ فَهَلْ يَأْخُذُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ حَلَفَ الْآخَرُ أَوْ نَكَلَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ هَذَا كُلُّهُ مَعَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا مَعَ الْقِيَامِ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ نَكَلَ مُدَّعِي الْعِلْمِ فَقَطْ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَرُدَّتْ لِمَالِكِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَقِيمَتُهَا إنْ فَاتَتْ، وَإِنْ حَلَفَ مُدَّعِي الْعِلْمِ مَضَى بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي الْعَاقِدَيْنِ، وَكَذَا بَيْنَ وَرَثَتِهِمَا أَوْ وَرَثَةِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْعَاقِدِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ شب.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا إلَخْ) حَلَّ عب وشب بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ يَبْدَأُ الْبَائِعُ اتِّفَاقٌ وُجُوبًا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ بُدِئَ بِالْمُشْتَرِي، وَقِيلَ الْبَائِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنِ فَالظَّاهِرُ تَبْدِئَةُ الْبَائِعِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَالْمُشْتَرِي أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ أَوَّلًا، وَالْبَائِعُ يُرِيدُ أَنْ يَحْلِفَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ رُجِّحَ جَانِبُ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضُوعِنَا تَرْجِيحُ جَانِبِهِ فِي الْحَلِفِ، وَفِي الْحَدِيثِ تَرْجِيحُ جَانِبِهِ فِيمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ تَوْجِيهُ تَبْدِئَةِ الْمُشْتَرِي) لَا يَخْفَى أَنَّ تَوْجِيهَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ الْوَرَثَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا جَرَى فِي الْوَرَثَةِ يَجْرِي فِي الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى نَفْسِهِ فَيُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ إلَخْ) فَلَوْ قَدَّمَ الْإِثْبَاتَ عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ يَمِينَهُ لَا تُعْتَبَرُ، وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ سَنَدٌ، وَجَوَّزْنَا الْإِثْبَاتَ هُنَا قَبْلَ نُكُولِ الْخَصْمِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلنَّفْيِ، وَلِذَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَقَطْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلَّفِ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى حَلِفِهِ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ أَفَادَهُ الْبَدْرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ أَتَى بِأَدَاةِ الْحَصْرِ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَفْظُ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَدَاةَ الْحَصْرِ لَفْظُ فَقَطْ قَائِمٌ مَقَامَ النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي، وَاَللَّهِ إنِّي اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ لَا يَكْفِي لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ لَكِنْ مُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَا اشْتَرَيْتهَا بِعَشَرَةٍ، وَلَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَصْرِ، وَلَا يَكْفِي نَفْيُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْعَدَدَ لَهُ مَفْهُومٌ أَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ إنِّي اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فَالْأَمْرُ مُشْكِلٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا إلَخْ) فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ عُمِلَ بِبَيِّنَةِ الْبَائِعِ لِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا (قَوْلُهُ عِنْدَ هِلَالٍ) ظَرْفٌ لِيَقُولَ لَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>