للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ش) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّابِعُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَكُونُ مَوْجُودًا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ بِقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ غَالِبًا فِي وَقْتِ حُلُولِهِ لِئَلَّا يَكُونَ تَارَةً سَلَفًا، وَتَارَةً ثَمَنًا فَالضَّمِيرُ فِي وُجُودِهِ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ مِنْ حِينِ السَّلَمِ إلَى حُلُولِهِ بَلْ الشَّرْطُ وُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ، وَلَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ لَا نَسْلُ حَيَوَانٍ عُيِّنَ، وَقَلَّ (ش) نَسْلٌ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مُفَرَّعٍ عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ أَيْ فَيَجُوزُ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ عِنْدَ حُلُولِهِ لَا نَسْلُ إلَخْ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ، وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمُطَابِقُ لِلْمُرَادِ فَيَجُوزُ فِي مُحَقَّقِ الْوُجُودِ لَا فِي نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَجْرُورًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُخَرَّجًا مِنْ مُقَدَّرٍ مُفَرَّعٍ عَلَى الشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِانْتِفَاءِ الْأَوَّلِ بِحُصُولِ التَّعْيِينِ، وَالثَّانِي بِعَدَمِ وُجُودِهِ إذْ لِقِلَّتِهَا قَدْ لَا يُوجَدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَمَفْهُومُ قَلَّ أَنَّهُ لَوْ كَثُرَ لَجَازَ السَّلَمُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ صَيَّرَتْهَا كَغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُودُهُ لِاقْتِضَائِهِ فَسَادًا إذْ هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الشَّرْطِ أَيْ يُشْتَرَطُ كَذَا لَا نَسْلٌ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ (أَوْ حَائِطٌ) أَيْ عُيِّنَ، وَصَغُرَ يَصِحُّ فِيهِ الرَّفْعُ وَالْجَرُّ عَطْفًا عَلَى نَسْلُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَيَصِحُّ الْجَرُّ مَعَ رَفْعِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَإِبْقَاءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ لَكِنْ فِيهِ ضَعْفٌ مِنْ جِهَةِ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ النَّسْلَ كَالْمُمَاثِلِ لِثَمَرِ الْحَائِطِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَرْعًا ثُمَّ أَشَارَ لِشُرُوطِ شِرَاءِ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ سَمَّوْهُ سَلَمًا بِقَوْلِهِ (ص) وَشُرِطَ إنْ سُمِّيَ سَلَمًا لَا بَيْعًا إزْهَاؤُهُ وَسَعَةُ الْحَائِطِ

ــ

[حاشية العدوي]

إنَّمَا هُوَ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا الذِّمَّةُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلشَّيْءِ بِخَاصَّتِهِ فَهُوَ رَسْمٌ، وَقَوْلُهُ مُتَمَوَّلٌ أَخْرَجَ بِهِ الْأُمُورَ التَّمْلِيكِيَّةَ الْغَيْرَ الْمُتَمَوَّلَةِ مِنْ الْحُقُوقِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَالْوِلَايَةِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْجَبْرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ غَيْرُ مَالِيَّةٍ، وَقَوْلُهُ حَاصِلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُتَمَوَّلَ الْكُلِّيَّ إمَّا حَاصِلٌ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ذِمَّةً.

وَقَالَ شَارِحُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ لَازِمِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّرَ فِيهَا كُلِّيٌّ لَا جُزْئِيٌّ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّ هُوَ الْمُعَيَّنُ، وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الذِّمَّةَ

(قَوْلُهُ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ) بَلْ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي الْأَجَلِ مَا عَدَا وَقْتَ الْقَبْضِ بَلْ وَلَوْ انْقَطَعَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ نَادِرًا (قَوْلُهُ إذًا الْمُطَابِقُ لِلْمُرَادِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَوَازَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّلَمِ لَا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُخَرَّجًا) أَيْ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَيَجُوزُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا مُحَقَّقَ الْوُجُودِ لَا فِي نَسْلٍ، وَالْمُرَادُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهُ أَيْ مُحْتَرَزُهُ لَا أَنَّهُ كَانَ دَاخِلًا فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَلَّ أَنَّهُ لَوْ كَثُرَ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَا نَسْلٌ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ أَيْ مُعَيَّنٌ وَصَغُرَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَائِطِ الصِّغَرُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَائِطَ قَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ كَثِيرًا، وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ حَائِطٌ أَيْ يُمْنَعُ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَقِيقَةً لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَثَمَرُ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ، وَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ حَقِيقَةً فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ حَائِطٌ أَيْ لَا يُسْلَمُ فِيهِ سَلَمًا حَقِيقَةً وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَشَرْطِ الْأَخِ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ الْعَقْدَ سَلَمًا مَجَازٌ، وَأَفَادَ اللَّقَانِيِّ جَوَابًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ حَائِطٌ أَيْ ثَمَرُ حَائِطٍ أَيْ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ كُلُّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، وَقَوْلُهُ وَشَرَطَ إلَخْ أَيْ فِي ثَمَرِهِ الْحَائِطَ الْمُعَيَّنَ الصَّغِيرَ أَيْ فِي بَعْضِ ثَمَرِهِ أَيْ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ أَيْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ فَمَا قَبْلَهُ إذَا أَسْلَمَ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِهِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّ الْجُزَافَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ) دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إذْ يَظْهَرُ مِنْ تَوْضِيحِهِ اعْتِمَادُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَالَ إنْ سَمَّاهُ بَيْعًا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَبِعَقْدِ الْبَيْعِ يَجِبُ لَهُ قَبْضُ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَهُوَ جَائِزٌ لَا فَسَادَ فِيهِ فَإِنْ أَخَذَهُ بِتَأَخُّرِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ مَالِكٌ هَذَا قَرِيبٌ، وَأَمَّا إنْ سَمَّاهُ سَلَمًا فَإِنْ اشْتَرَطَ مَا يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ إمَّا مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا، وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، وَلَا مَتَى مَا يَأْخُذُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا، وَكَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ ذَلِكَ اهـ. فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا، وَعَدَمِهِ إلَّا فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ شُرِطَ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا، وَمُرَادُهُ بِالْأَجَلِ كَيْفِيَّةُ الْقَبْضِ لَا حَقِيقَتُهُ إذْ لَهُ أَخْذُهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، وَمَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ صَدَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فِي مَعْرِضِ ذِكْرِ الشُّرُوطِ، وَيَضْرِبُ أَجَلًا لَا يُثْمِرُ فِيهِ، وَيُسَمِّي مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ الْجَمِيعِ فِي يَوْمٍ لَجَازَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنْ سَمَّوْهُ بَيْعًا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ سَمَّوْهُ سَلَمًا لَزِمَ. اهـ.

وَمَا صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشُّرُوطَ قَالَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمَلُ الْبَيْعِ لَا مَحْمَلُ السَّلَفِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ اعْتَبَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَلَى مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ بَيْعٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِتَسْمِيَتِهِ سَلَمًا لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَهَذِهِ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ إذَا تَقَابَلَ اللَّفْظُ، وَالْفِعْلُ فِي الْعُقُودِ فَالنَّظَرُ إلَى الْفِعْلِ إلَى آخَرَ مَا قَالَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ سِعَةِ الْحَائِطِ) الْمُرَادُ بِسِعَتِهَا إمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كِبَرَهُ، وَعِظَمَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، وَلَوْ بِشَرْطٍ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَيُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ أَوْ إلَّا فِي وُجُوبٍ إلَى آخِرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>